إعلان

قرية منياوية أكلها النمل الأبيض.. كيف أنقذها عبد الناصر من الفناء؟ (صور)

كتب : جمال محمد

04:01 م 27/10/2025

تابعنا على

المنيا - جمال محمد:

في صيف عام 1950، استيقظ أهالي نجع الحاجر - المعروف اليوم باسم منشأة سوادة شرق النيل بمدينة المنيا - على مشهد لم يروه من قبل.

كانت هناك حركة غريبة تسري في جدران منازلهم، وأصوات "قرمشة" خافتة تأتي من الأخشاب. لم تمضِ ساعات حتى اكتشف الأهالي الكارثة: النمل الأبيض، أو كما يطلق عليه العامة "الأرضة"، أعلن حربه على القرية بأكملها.

- قرية تنهار في صمت

بدأت الحشرة الصغيرة زحفها المريب من داخل الجدران والأسقف المصنوعة من جريد النخيل، ثم انتقلت إلى الأبواب والشبابيك والأثاث.

في غضون أسابيع قليلة، تحولت المنازل إلى هياكل خاوية؛ أكثر من 120 بيتًا تآكلت أعمدتها وأرضياتها، وبدأ الأهالي يفرّون واحدًا تلو الآخر بعدما صار النمل الأبيض يهاجم ملابسهم وأجسادهم نفسها أثناء غسلها أو نشرها.

تحولت القرية إلى مدينة أشباح، لا يسمع فيها سوى حفيف النمل الذي التهم كل أثر للحياة.

- النجدة من القاهرة

مر عامان من المعاناة والهجرة الجماعية، حتى جاءت ثورة يوليو 1952، ومعها الأمل. بعد مناشدات متكررة من الأهالي، تدخل الرئيس جمال عبد الناصر شخصيًا وأصدر توجيهات عاجلة لمكافحة النمل الأبيض وإعادة إعمار القرية.

وبالفعل، بدأت فرق المكافحة في القضاء على الحشرة المدمرة، وأقيمت مساكن جديدة للأهالي على ضفاف النيل في منتصف الخمسينات، لتُولد قرية جديدة أطلق عليها اسم "منشأة سوادة" — نواة لتجمع سكني كبير ما زال قائماً حتى اليوم.

- لوحة وثّقت المأساة

لم تكن هذه الحكاية لتُروى للأجيال لولا الفنان التشكيلي فتحي إدريس، الذي زار المكان بعد الكارثة ووثقها بريشته.

في لوحته الزيتية الشهيرة - بمقاس 105 × 75 سم — صور إدريس المنازل المتهدمة كما لو كانت أطلال أشباح تتحدث عن زمن أكلته "الأرضة". وكتب الفنان لاحقًا أن اللوحة هي الوحيدة التي سجلت المشهد قبل إزالة القرية بالكامل لتنفيذ الطريق الأوسط السياحي المؤدي إلى مدينة المنيا الجديدة.

- من الأطلال إلى الحياة

اليوم، لم يبقَ من مأساة نجع الحاجر – منشأة سوادة سوى قصص كبار السن ولوحة فتحي إدريس، لكن القرية التي أكلها النمل الأبيض أصبحت رمزًا للصمود.

فمن تحت ركام الخشب والتراب، ولدت منشأة سوادة، لتروي للأجيال القادمة أن حتى النمل الأبيض لم يستطع ابتلاع إرادة الحياة في قلوب أبناء المنيا.

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

إعلان

إعلان