إعلان

مبنى معلق وحساب الجُمَل يحدد تاريخه.. حكاية مسجد "طوب طان" بالإسكندرية (صور)

10:13 م الأحد 20 أكتوبر 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الإسكندرية– محمد عامر:

عشرات المساجد القديمة تنتشر في الإسكندرية، فلا يخلو شارع أو حارة من مسجد أو جامع، ولكل مسجد حكاية، إلا أن جامع الأمير "مصطفى بك طوب طان" من أغربها، ليس لندرة المعلومات عن مؤسسه، ولكن للطريقة التي سجل بها تاريخ تجديده على الجدران.

يقع المسجد والمعروف بين أهالي الإسكندرية بـ"مسجد ميبر" في شارع فرنسا، وتحديدًا منتصف سوق الجزيرة الخضراء بمنطقة المنشية قلب المدينة الساحلية.

"ميبر يصنف كمسجد معلق".. تقول نرمين علاء الدين، الباحثة في الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية، مشيرة إلى أن المساجد المعلقة هي المبنية بارتفاع عن منسوب الطريق، ويتم الصعود إليها ببعض درجات سلم، والصلاة تكون فيها تكون في الطابق الأول.

وتوضح الباحثة في إدارة السياحة والمصايف، أن المسجد الذي يقع فوق مجموعة من الحوانيت والمحال التجارية، بناها محافظ الإسكندرية أثناء العصر العثماني الأمير مصطفى بك طوب طان الشهير باسم "ميبر".

الرواق الأوسط

ووفقًا لرسالة ماجستير في قسم الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، عن مساجد الإسكندرية، بني مسجد "ميبر" على شكل مستطيل أبعاده 12.60 م x 9.40 م، يضم 3 "بوائك" ترتكز كل منها على عامودين من الرخام الأبيض، ويقسم المسجد لأربعة أروقة، أوسعها الرواق الأوسط.

تمثل الواجهة الجنوبية الغربية، واجهة المسجد الرئيسية، ويضم الطابق الأرضي منهما 5 حوانيت، والوصول إلى المسجد يكون من خلال مدخلين عبر سلالم أحدهما في الجهة الشمالية الغربية، والآخر بالجهة الشمالية الشرقية.

ويتوسط المحراب الجدار الجنوبي الشرقي للمسجد، ويمثل حنية نصف دائرية بارتفاع 4.10 متر وعمق 90 سم يتوجها عناصر زخرفية كانت مألوفة في العصر اليوناني، ثم انتقلت للعصر الروماني فالبيزنطي وأخيرًا الإسلامي.

نقوش إسلامية

وبمناسبة اختيار الإسكندرية للسياحة العربية عام 2010، وثق مركز الخطوط في مكتبة الإسكندرية مجموعة جديدة من النقوش ضمن مشروع المكتبة الرقمية للنقوش والخطوط في العالم عبر العصور.

وضمت المجموعة الثانية من النقوش التي جرى توثيقها، نقوش جامع مصطفى بك طوب طان المعروف بميبر، إلى جانب وكالة ومسجد الجوربجي المعروف بالشوربجي، ومسجد تربانة، ومسجد نذير أغا المعروف بمسجد نظير أغا.

وقال مدير مركز الخطوط- وقتها- إن مشروع المكتبة الرقمية للنقوش يتيح دراسة النقوش والخطوط والكتابات منذ عصور ما قبل التاريخ حتى الآن في جميع أنحاء العالم، للحفاظ على التراث الحضاري والتاريخي للآثار.

لوحة رخامية

وحول تاريخ بناء المسجد، يقول الدكتور إسلام عاصم، نقيب المرشدين السياحيين السابق في الإسكندرية ومدرس التاريخ الحديث والمعاصر، إن مسجد ميبر شيده الأمير مصطفى بك طوب طان في العام 1594 م، مشيرًا إلى أن المحلات التي تقع بالطابق الأرضي وقفت للصرف من ريعها على صيانة المسجد ورواتب العاملين فيه.

وأوضح عاصم لـ"مصراوي" أن المسجد أجري له العديد من الإصلاحات والترميمات أكبرها ما قام به شخص يدعى "علي شرارة" عام 1865 ميلادية، وهو ما تسجله أبيات شعر دونت على لوحتين من الرخام وضعت إحداهما بمدخل الواجهة الجنوبية الغربية والثانية أعلى المدخل في الجهة الشمالية الغربية.

"اللوحتان تحملان النص الخاص بالتجديد وتم تأريخهما بما يطلق عليه حساب الجمل، إذ كانت تحول حروف آخر شطر في النص والذي عادة ما يكون شعرًا ويسبق الشطر المطلوب كلمة آرخ، حيث تحول حروف هذا الشطر إلى أرقام وفق جدول معروف ليعطي مجموع تلك الأرقام التاريخ الهجري الذي تم التجديد فيه".

حسبة برما

ويضيف عاصم: "اللوحتان كتب عليهما نص شعري يقول: مسجد جامع وباب تقوى.. قد كسا القبول ثوب النضارة.. التقى أسس القواعد فيه.. مخلصًا نيته علي شرارة.. فتنسك في روض معنا وأعكف.. وأغنم أخي الشطارة.. وأسال الله رحمة ثم أرخ.. فلمنشئه في نعيم بشارة 1282هـ".

ويؤكد مدرس التاريخ الحديث والمعاصر، أنه في حالة تطبيق قاعدة "حساب الجمل" على النص الذي يلي كلمة "آرخ" لمعرفة تاريخ تجديد المسجد فإن حروف الكلمات التي تؤرخها "فلمنشئه في نعيم بشارة" تعطي رقم 1274، وهو ما يتعارض مع الأرقام العددية أسفل هذه الكلمات والتي تعطي رقم 1288، لذا فالأرجح الأخذ بالتاريخ الذي كتبه الخطاط بالأعداد كاملاً وهو 1282.

فيديو قد يعجبك: