غموض في حدائق العاصمة.. زوجان يفقدان حياتهما داخل الحمام
كتب : محمد شعبان
تسريب في خط غاز
في ليلة هادئة بمدينة بدر، تحول الهدوء إلى فزعٍ مفاجئ داخل أحد المنازل بحي حدائق العاصمة. منزل صغير في المنطقة 53 بجوار صينية الـ75، لم يكن يلفت الأنظار بشيء، إلى أن انطلقت منه صرخات استغاثة قلبت الحي رأسًا على عقب.
تلقة قسم شرطة بدر بلاغًا غامضًا عن حالة إغماء داخل أحد المنازل. بلاغ بدا في بدايته بسيطًا، كما يتكرر في مثل هذه الحالات، لكن ما وجده رجال الشرطة ومسعفو الإسعاف عند وصولهم كان أبعد من مجرد إغماء.
داخل الحمام، وُجد زوجان في منتصف ملقيين أرضًا، بلا حراك، والباب مغلق من الداخل. رائحة الغاز كانت تملأ المكان، والهدوء الثقيل يُخيم على تفاصيل المشهد.
أحد الجيران قال في إفادته الأولية:“كنا سامعين صوت المية شغالة جوه الحمام بقالها كتير.. ولما الباب ما اتفتحش خبطنا كتير جدًا، لحد ما كسرناه.”
بمجرد فتح الباب، انهار الجيران من الصدمة: الزوجان بلا وعي، وجسداهما باردان. تم استدعاء الإسعاف على الفور، لكن بعد الكشف المبدئي، أكد المسعفون أن الزوجين فارقا الحياة قبل وصولهم بلحظات، على إثر اختناق ناتج عن تسرب غاز من السخان.
التقرير الأولي المثبت في ملاحظات البلاغ أكد وجود حالتين وفاة منذ لحظة إنشاء البلاغ، دون أي شبهة جنائية حتى الآن، في انتظار نتائج الفحص الطبي والمعاينة النهائية من النيابة العامة.
رجال الشرطة أغلقوا المكان، وبدأت النيابة في المعاينة الميدانية. تبين أن الحمام صغير الحجم، مغلق بإحكام، والسخان يعمل بغاز طبيعي دون وجود تهوية كافية. تسرب بسيط في الأنبوب، مع انعدام الأكسجين داخل المكان، كان كافيًا ليحوّل لحظة استحمام عادية إلى كارثة مأساوية.
ومع انتهاء المعاينة، تم نقل الجثمانين إلى المستشفى تحت تصرف النيابة، التي أمرت بانتداب الطب الشرعي لتحديد سبب الوفاة بدقة، مع فحص السخان والأنابيب للتأكد من مصدر التسرب.
رحل الزوجان في صمت، لكن الحادث ترك وراءه رسالة موجعة، تذكر بخطورة إهمال التهوية في المنازل أثناء تشغيل سخانات الغاز، وهي مأساة تتكرر كل عام رغم التحذيرات المستمرة.
في النهاية، أغلق رجال الأمن باب الشقة، بينما بقيت رائحة الغاز الخفيفة في المكان كأنها تروي بصمتٍ تفاصيل اللحظات الأخيرة لزوجين خرجا من الحياة كما دخلاها معًا.