إعلان

مصراوي داخل "دار معُنفات".. هنا نساء عايشن الخيانة والضرب والإهانة

07:47 م الثلاثاء 27 ديسمبر 2016

دار معُنفات

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - هاجر حسني:

جلست منى محمد داخل غرفتها بجمعية أمان الأسرة تفكر فيما آل إليه حالها بعد الخلافات التي دبت بينها وبين زوجها انتهت بترك منزلها بصحبة رضيعها ذو العام ونصف بعد أن ضاقت بها السبل للوصول إلى حل. كحال ٦٥ سيدة تم استضافتهن خلال النصف الأول من العام الحالي بصحبة أطفالهن في دور حماية المرأة "المعنفات"، بحسب تقرير لوزارة التضامن الاجتماعي.

خلال عامين تقريباً منذ أن تزوجت منى -اسم مستعار بناءً على طلبها- اعتاد زوجها مغازلة نساء آخريات وإهانة كرامتها، فشلت خلال هذه المدة في الوصول لاتفاق معه "لما كنت بتناقش معاه كان بيسكت أو كانت المشكلة بتكبر أكتر"، لجوءها لبيت أبيها لم تكن فكرة مطروحة، فدائمًا ما كانوا يرفضون كل ما ترويه عنه وهو ما سبب عبئًا جديدًا عليها "هو كان بيقدم أحسن ما عنده وقت الخطوبة، فمكانوش بيصدقوا عليه حاجة".

سلوك الزوج المتعلق بالنساء لم يكن وحده دافعًا لاتخاذ الشابة العشرينية قرار ترك منزلها "بدأ يمد إيده عليا وده أمر مرفوض بالنسبة لي". تركت منى وجه بحري وجاءت إلى القاهرة تبحث عن مكان آخر تُقيم به، ووقتها اقترح عليها أحد الأشخاص مركز الاستضافة.

٩ أيام قضتها منى في مركز الاستضافة بصحبة طفلها، شعرت خلالها بمزيد من الراحة النفسية، وتدرس حالياً اتخاذ القرار المناسب رغم إصرارها على الانفصال "مش ممكن ارجعله حتى لو قال إنه هيتغير".

تُشير تقارير وزارة التضامن إلى أن عدد مراكز الاستضافة يُقدر بـ 9 أماكن على مستوى الجمهورية

تُشير تقارير وزارة التضامن إلى أن عدد مراكز استضافة وتوجيه المرأة يُقدر بـ 9 أماكن تغطي محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية (2 مركز) وبني سويف والدقهلية والفيوم والمنيا، وبلغت قيمة الإعانة المقدمة لها من الوزارة في العام الماضي 2015 نحو 705 ألف جنيه. كما بلغ عدد الاستضافات للنساء في هذه المراكز 154 استضافة خلال 2015، وقُدمت 352 مشورة و49 استشارة قانونية و30 استشارة أخرى من خلال الاتصال التليفوني، إلى جانب 21 حالة تمكين و23 حالة صلح.

تقول منال عاطف، مديرة مركز حماية واستضافة المرأة بمدينة ٦ أكتوبر، إن المكان يستقبل جميع الحالات دون استثناء وفور وصول الحالة يُطلب منها الأوراق الثبوتية ثم يتركونها لتروي قصتها. عقب ذلك تأخذ الحالة فترة راحة حتى يتم مناقشتها فيما تريد أن تفعله ودعمها بالمقترحات اللازمة من خلال المستشار القانوني والاخصائيين النفسي والاجتماعي.

وتضيف عاطف أن كل حالة تتمتع بفترة إقامة من ٣ إلى ٩ أشهر كحد أقصى، وربما تُجدد بعد هذه المدة إذا كانت الحالة تستدعي ذلك من خلال قرار تبت فيه وزارة التضامن، وإذا كانت الحالة تتطلب توفير محام يتم الاستعانة وقتها بالمجلس القومي للمرأة، وحال تطلبت الحالة علاجا نفسيا يتم الاستعانة ببعض المراكز الآخرى في هذا المجال.

وتلفت عاطف إلى أن معظم الحالات لا تبوح بكل الحقائق في البداية، وتكون معظمهن مُصرات على الطلاق، إلا أنها بعد ذلك تبدأ في سرد تفاصيل قصتها، كما يستقبل المركز حالات لتلقي المشورة فقط.

1

وتأسست أول "بيوت آمنة" للنساء في مصر عام 2003 بعد قرارين وزاريين صدرا عام 2000 وبناء عليهما أنشأت وزارة التضامن الاجتماعي أول بيوت آمنة.

ويتكون الجهاز الوظيفي لمركز استضافة المرأة من مديرة للمركز، اخصائية اجتماعية، اخصائية نفسية، مسئول قانوني، طبيب، مشرف تغذية، مشرفة ليلية، إلى جانب الخدمات المعاونة. وللمركز أن يستعين بمستشار قانوني وطبيب من الخارج إذا لم يتوفرا له في الداخل، وتتكون الموارد المالية للمركز من الإعانة المقررة من وزارة التضامن الإجتماعي ورسم اشتراك المقيمات إذا كان لديهن موارد، وأيضا الهبات والتبرعات والمنح الآخرى التي تتوارد للمركز وتوافق عليها الجهة الإدارية المختصة وفقا لأحكام القانون.

٥ أشهر مرت على ألفت حسين منذ أن تركت زوجها وجاءت إلى مركز الاستضافة، زيادة إيجار الشقة التي تقيم بها مع زوجها وأولادها الثلاثة بمنطقة ٦ أكتوبر كانت سبباً في الخلاف بينهما، حيث يملك الزوج نادي للانترنت "سايبر" في ذات المنطقة وبعد زيادة إيجار الشقة لم يستطع الالتزام بدفع إيجار مكان الإقامة والعمل وقرر نقل أسرته لتقيم بـ"السايبر".

بدأت ألفت - اسم مستعار - في مطالبته بمكان آخر تعيش فيه إلا أن المطالبات لم تجد نفعاً "المكان ضيق جدا وعايشين كلنا ف أوضه واحدة لأنه مكان شغل"، لجأت السيدة الخمسينية للعمل حتى تستطيع جمع مبلغًا من المال ليكون مقدم شقة "جمعت ٥ آلاف جنيه وقدمت في مشروع للإسكان". عند استلام الشقة كان على ألفت أن تدفع ٤٥ ألف جنيه وهو مبلغ لم تستطع تحمله.

يُشترط لقبول المرأة في أحد مراكز الاستضافة أن تكون تعرضت لعنف وليس لها مأوى وتحتاج إلى مشورة أو الإقامة لفترة معينة

اللجوء إلى الأهل لم يكن خيارا مطروحًا بالنسبة للزوجة "محدش بيستحمل حد وفي المنوفية مش هعرف اشتغل". انتهى الأمر بها إلى ترك المنزل بعد شجار مع زوجها "قالي هو ده اللي عندي إذا كان عاجبك"، وحالياً مازال يحاول إيجاد مكان بديل.

يُشترط لقبول المرأة في أحد مراكز الاستضافة، بحسب وزارة التضامن، أن تكون تعرضت لعنف وليس لها مأوى وتحتاج إلى مشورة أو الإقامة لفترة معينة، ويشترط أن تكون مصرية أو أجنبية متزوجة من مصري بموجب وثيقة رسمية أو مطلقة منه وفي فترة عدتها. كما يشترط أن تقبل المرأة مدة الإقامة التي تحددها لها لجنة الإشراف على ألا تزيد على 3 أشهر ويجوز مدها إلى 3 أشهر أخرى إذا ما وافقت اللجنة المحلية على ذلك.

كما يشترط أن تكون المرأة مستوفية الشروط الصحية التي يُقرها المركز وأن يكون دخلها محدود ولا تستطيع توفير تكاليف مقر دائم لإقامتها. ويجوز لمراكز استضافة وتوجية المرأة أن تقبل المرأة التي لديها أبناء ذكور أو إناث على ألا يزيد سن الذكور عن 10 سنوات، فإذا زاد السن على ذلك يتم تنسيق استضافتهم بإحدى دور رعاية الأيتام، وتختص لجنة مركزية بالإشراف على مشروع مراكز استضافة المرأة.

____ 2

حالة كوثر محسن تختلف عن بقية السيدات فهي تعاني من أزمة نفسية حسب التشخيص المبدئي لحالتها، نُقلت إلى المركز منذ عام تقريباً بعد أن وجدتها دار رعاية أخرى في الشارع تعاني وهي لم تفق بعد من آلام الولادة وآثارها. "كان الحبل السُري لسه متقطعش،" حسبما تقول مروة نبيل، الاخصائية الاجتماعية بالمركز.

الحديث مع كوثر -اسم مستعار- لم يدم إلا دقائق معدودة بسبب حالتها. لا تتذكر تلك السيدة ما حدث لها، وسرعان ما تنكر ما قالته عن حياتها ووالد الطفلة التي تحملها، فتارة تقول إنها تزوجت ثم انفصلت عن زوجها وكانت الطفلة نتيجة هذه الزيجة، وتارة تنفي ذلك "أنا عمري ما اتجوزت خالص".

تحتاج كوثر لدعم نفسي إلا أن ميزانية المركز تعجز عن تحمل تكلفة جلسات الطبيب، خاصة وأنها مقيمة دائمة في المركز بخلاف الحالات الأخرى. تقول مديرة المركز إن كوثر سيطر عليها الصمت في بداية دخولها المركز وهو ما جعلهم يفترضون أنها تعاني من صدمة نتيجة الاعتداء عليها، قبل أن يستوضحوا أمر الأزمة التي تعاني منها واستجابتها للحديث معهم تدريجياً فكان من الصعب تركها في الشارع مرة أخرى "دي حالة إنسانية وكان لازم ليها استثناء وهي متعرفش حد من أهلها"، بحسب مديرة المركز.

يهدف مشروع البيوت الآمنة إلى استضافة المرأة والفتاة التي تتعرض لظروف طارئة نتيجة العنف الذي تتعرض له، وحمايتها وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية لها وتنمية مهارتها واستثمار طاقاتها. كما يهدف المشروع لإعادة بناء ثقة المرأة بنفسها، من أجل أن تعيش حياة سوية خالية من الإحساس بكونها ضحية للمجتمع، وذلك عن طريق عقد تدريبات وندوات توعية للنساء والرجال على حد السواء لخلق وعي مناهض للعنف ضد المرأة، ودعم أهمية الترابط الأسري.

فايزة: شُفته بيخوفني في بيتي مع واحدة.. وأختي قالتلي مفيش حد بيشيل حد

عجزت فايزة السيد عن دفع زوجها لتعديل من سلوكه بعد أن اعتاد شرب المخدرات والذي تصفه بأنه أمر شائع في منطقة سيناء التي يقيمون بها، وهو ما يتنافى مع نشأتها الصعيدية بخلاف خوفها من تأثير سلوكه على أبنائها.

توقف زوج فايزة -اسم مستعار- عن العمل منذ فترة طويلة فزاد ذلك من عمق الأزمة بينهما "هو كان متجوز قبل كده وليه أولاد وهما اللي بيصرفوا علينا"، ومع مواجهتها له دائماً كانت تأتي النتيجة بأن يغادر المنزل "كان بيسيبني من غير فلوس خالص".

تحمّلت السيدة الثلاثينية تصرفات زوجها من أجل أطفالها ولصعوبة العودة مرة أخرى إلى الصعيد "أختي قالتلي مفيش حد بيشيل حد"، ولكن ما حدث في النهاية كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير "شُفته بيخوفني في بيتي مع واحدة". قررت فايزة ترك المنزل وارتحلت إلى القاهرة للبحث عن مكان تُقيم به، حتى علمت بمركز الاستضافة من خلال مسجد الحصري.

ولا فايزة لا تعلم حتى الآن، بعد مضي خمسة أشهر، ما ستفعله بعد أن تنتهي المدة المخصصة لها بالإقامة في مركز الاستضافة، ولكنها استطاعت الحصول على عمل "اشتغلت في مصنع قريب من هنا على الأقل بصرف على ولادي".

خصص مركز ٦ أكتوبر مكانا ليكون مشغل تتعلم فيه السيدات الحياكة حتى تستطعن العمل بعد انتهاء فترة استضافتهن، كما يخدم المشغل السيدات المقيمة بذات المنطقة من خلال تعليمهن أساسيات التفصيل.

____ 3

وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن نسبة النساء اللاتي سبق لهن الزواج واللاتي يتعرضن للعنف الجسدي من الزوج بلغت 25.2 في المئة في عام 2015، أي أن سيدة من كل أربعة سيدات تعرضن للعنف الجسدي على يد الزوج، ويمثل العنف الجنسي أقل أنواع العنف انتشارا، حيث سجلت حوالي 4 في المئة من إجمالي السيدات اللاتي سبق لهن الزواج أنهن تعرضن للعنف الجنسي من الزوج.

قبل أن تعمل كريستين عماد، كمشرفة ليلية بمركز الاستضافة عانت هي الأخرى من شرب زوجها للكحوليات. تحمّلت الحياة معه من أجل طفلتها ذات الـ 5 سنوات حتى نشب بينما شجار، انتهى بطردها من المنزل، فلجأت إلى المركز عن طريق أحد معارفها.

خلال عام ترددت كريستين - اسم مستعار - على المركز أكثر من مرة "كنت باجي وأرجع أروح بيتي وأرجع تاني بعد خناقة". تطور الأمر حتى بلغ حد الضرب "أكثر من مرة مد إيده عليا وأهمل شغله وبقيت أنا الست والراجل في البيت"، كانت المرة الأخيرة التي جاءت فيها للمركز في مايو الماضي وبعدها تم تعيينها مشرفة في الدار.

قوانين الكنسية، منعت الشابة الثلاثينية من الحصول على الطلاق فكان الانفصال الجسدي هو الحل "قررت إني مش هرجعله تاني". استبعدت كريستين خيار العيش مع أهلها بعد خلافات معهم، كان زوجها السبب فيها "مكنش هينفع اروحلهم، فقررت اعيش لنفسي ولبنتي".

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج