إعلان

من السعودية إلى مصر.. رسالة لويس بوج ينقلها البحر الأحمر إلى قادة العالم

05:32 م الجمعة 28 أكتوبر 2022

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - إيمان محمود

خمسة وثلاثون عامًا قضاها السباح الإنجليزي، لويس بوج، بين كائنات بحرية وشعاب مرجانية اختلفت أشكالها وألوانها في بحار ومحيطات العالم التي مرّ بها، أحبها واعتاد وجودها قبل ان يدرك فاجأة أنها مهددة بالاختفاء، فكان قراره بالدفاع عنها "مهما كان الثمن".

قبل أكثر من عام، كان بوج، راعي المحيطات بالأمم المتحدة، يسبح بإحدى المناطق بالقطب الشمالي، بالقرب من جبل جليدي بلغ ارتفاعه 80 كم وعرضه 10 كم، حينما كانت تتكسر ثلوجه إلى قطع صغيرة وتتدحرج متدافعة إلى البحر.

حينذاك، رأى فجوة داخل جبل الثلج وآلاف القطع الثلجية تمر من خلالها نحو البحر، في مشهد لم يرَ مثيله في حياته، يقول بوج: "خلال 5 ساعات تفتت الجبل وسافر بقوة الدفع لمسافة 50 كيلومتر إلى عمق البحر".

من خلال هذا المشهد، أدرك أن آثار التغير المناخي أقرب مما كان يعتقد، فقرر المشاركة للمرة الأولى في مؤتمر المناخ "كوب 26" الذي عُقد العام الماضي في جلاسكو.

يروي بوج في تصريحات ألقاها بالسفارة البريطانية بالقاهرة: "في جلاسكو علمت أن كوب 27 ستكون في مصر، شرم الشيخ، فقررت الحضور أيضًا ولفت أنظار قادة العالم قبيل المؤتمر المُرتقب".

هذه المرة، قرر بوج لفت أنظار العالم وإيصال رسالته بطريقة تناسب عمله، فاختار البحر الأحمر، الغني بالشعاب المرجانية الخلابة والمهددة بالانقراض بسبب تغير المناخ، ليسبح بأهم المحميات الواقعة فيه "كنت عايز ألفت نظر قادة العالم وأضع رؤوسهم داخل الماء لرؤية ما يحدث تحتها".

لويس بوج

يقول بوج: "ما يحدث الآن في القطبين الشمالي والجنوبي له تأثير قوي على كل كائن حي على الكوكب، وسيؤثر على كل الأجيال القادمة، ليس الإنسان فقط بل أيضًا على مملكة الحيوانات والأحياء الأخرى".

وأضاف: "كان السؤال كيف نجعل الناس يستوعبون خطورة سرعة تأثير كارثة تغير المناخ، نحتاج اصطحاب الناس لموقع الجريمة؛ أكثر ما يتأثر بتغير المناخ، القطبين والشعاب المرجانية".

عبّر بوج عن انبهاره بالحياة تحت سطح البحر الأحمر: "إذا ذهبتم إلى محمية رأس محمد في سيناء ستجدون الكثير من الجبال ذات المنظر الخلاب لكنها صحراء ذات حرارة عالية، لكن إذا نظرتم تحت الماء ستجدون حياة ملونة، الشعاب المرجانية في رأس محمد جميلة ذات ألوان صفراء وخضراء، وأسماء ذهبية وأخرى ذات ذيول بنفسجية والسلاحف وأسماك القرش. الشعاب المرجانية في البحر الأحمر بديعة، فهي كنز عالمي".

وفي رسالته إلى قادة العالم: "نحتاج بشكل ملح إلى تقليل الانبعاثات، أحيانا يكون هناك اعتماد على الآخر، كل دولة تعتمد على الدولة الأخرى لحل الأزمة، لكن هذا دور جماعي ويجب على الجميع القيام بدور فعال مشترك،.. العلم يقول إنه على الأقل خلال هذا العقد يجب أن نحافظ على 30% من المحيطات".

كما وجه رسالة لمصر على الأخص، قائلاً: "أنتم تمتلكون إرث تاريخي معظم الحضارات بدأت من هنا، المتاحف، الأهرامات لا مثيل لها حول العالم، لكن أيضًا نحتاج الحفاظ على الإرث الطبيعي".

وأكد بوج "سأحضر مؤتمر المناخ كوب 27 وأتمنى أن أقابل نشطاء البيئة القادمين من دول العالم".

جرى التواصل الدبلوماسي مع السعودية ومصر لتنسيق وتأمين رحلة بوج، الذي أكد أن مصر بذلت مجهودات كبيرة لتسهيل رحلته.

وأضاف: "السفارة البريطانية في الرياض أيضًا ساعدتنا في التصاريح، فكان من الضروري الحصول على تصريح ملكي.. الصعوبة الأخرى كانت في شرح سبب تنظيم هذا الحدث خاصة أنه الأول من نوعه".

لويس بوجمشاركة عربية

حاول بوج التواصل مع السباحين العرب للمشاركة في هذه الرحلة، لتشارك السباحة السعودية مريم بن لادن، وهي أول امرأة تعبر خليج العقبة، والمصري مصطفى سعيد زكي، الذي حالما علم برحلة بوغ تواصل مع فريق عمله لمشاركته.

يقول مصطفى الشهير بـ"زودياك" في تصريحات بالسفارة البريطانية بالقاهرة: "تواصلت مع فريق عمل لويس للمشاركة في هذا الحدث وبالتعاون مع جمعية هيبكا التي ساعدتنا في التواصل والانتهاء من التصاريح اللازمة والتنسيق مع الحكومة المصرية".

وأوضح: "رسالتنا كانت مخاطبة العالم خاصة وأننا على أعتاب مؤتمر المناخ، للمحافظة على الحياة السمكية والشعاب المرجانية والبحر الأحمر بشكل عام".

بدأ السباحان المصري والبريطاني، رحلتهما يوم 11 أكتوبر من مضيق تيران، مرورًا بالمناطق الغنية بالشعاب المرجانية في شرم الشيخ ورأس محمد.

يقول السباح المصري مصطفى زكي: "كان معانا جهاز بنقيس عليه المسافة اللي بنعومها، كنا تقريبًا بنعوم ساعتين الصبح وساعتين بعد الظهر، من 8 إلى 12 كم يوميًا، على حسب الرياح، وقعدنا 16 يوم في البحر، حصيلة السباحة كانت مسافة 123.4 كم".

خليج السويس كان من المناطق التي لن تُنسى في رحلة السباحين، بحسب مصطفى: "بسبب مرور السفن بصفة دورية واجهنا صعوبة في عبوره بشكل آمن".

أيضًا لم تخلُ الرحلة من المخاطر، يقول مصطفى: "في الرحلة كلها شوفنا سمكتين قرش في خليج السويس، لكنه أكد أن السفن المارة تحمل جهازًا يرسل إشارات كهربية خفيفة لإبعاد القروش من حولها وهو ما جعلهم يبقون بالقرب من السفن رغم صعوبة الأمر وخطورته".

عند وصول السباحين إلى مدينة الغردقة، كان في استقبالهم اللواء محمد البنداري، السكرتير العام لمحفاظ البحر الأحمر، للاحتفاء بعبورهم أكثر من منتصف الطريق لأول رحلة سباحة تقطع البحر الأحمر أفقيا.

حضر المؤتمر الصحفي أيضًا في السفارة البريطانية بالقاهرة، نور الدين فريد، المدير التنفيذي لجمعية المحافظة على البيئة بالغردقة (هيبكا)، وهي جمعية أهلية مصرية، مهتمة بالحفاظ على البيئة خاصة في البحر الأحمر.

وقال نور: "أغلب الشعاب المرجانية في العالم بدأت تموت، في البحر الأحمر لسة في حالة جيدة وده يخلينا لازم نشتغل على الحفاظ عليها".

لويس بوج

وأضاف: "في خصوصية للشعاب المرجانية المصرية في البحر الأحمر وهي أن لديها أقوى مقاومة للتغيرات المناخية، حتى الآن هي صامدة"، لافتًا إلى أهمية الشعاب المرجانية: "الأسماك في البحر الأحمر تعيش على الشعاب المرجانية والمانجروف الذي يوجد بكميات محدودة على الشواطئ".

أكد نور أن الجمعية تحاول التواصل مع الوزارات المعنية للحفاظ على المحميات: "هناك محميات طبيعية في البحر الأحمر تم تدميرها تماما، فإلى جانب التغيرات المناخية لدينا أزمة الاستخدام المكثف لهذه المناطق، لذا يجب أن يكون هناك إدارة مواقع الغوص بشكل مستدام".

كان لجمعية هيبكا دورًا كبيرًا في تنسيق وتواصل فريق عمل لويس بوج مع السلطات والجهات المصرية، يقول نور: "فكرة السباحة اشتغلنا عليها مع السلطات المصرية، وبنشكر محافظ البحر الأحمر اللي اشتغل معانا بقوة للحصول على الموافقات اللازمة لعبور الجزء من سيناء إلى الغردقة وعبور الممر الملاحي مش حاجة سهلة".

وأكد: "اشتغلنا بقوة علشان نوصل رسالة لقادة العالم لازم الناس تتحرك دلوقتي وبسرعة مفيش وقت؛ لأن التغيرات المناخية آثارها هايكون على الأجيال دي مش على الأجيال القادمة".

فيديو قد يعجبك: