خبير سياسي: ليبيا تعاني من سياسات أوروبا بسبب الهجرة غير الشرعية
كتب- أحمد عبدالمنعم:
ليبيا
أكد عادل الخطاب الخبير السياسي، أن ليبيا وتشاد أعلنا مشاركتهما في مجابهة أزمة الهجرة غير الشرعية، التي زادت بصورة واضحة خلال الأعوام الماضية بسبب الأوضاع في دول الجوار وعلى رأسهم السودان واتفق الطرفان على وضع آليات مشتركة للسيطرة على تدفقات الهجرة بعدما تحولت ليبيا من محطة مؤقتة إلى دولة حاضنة للمهاجرين.
وأضاف، "الخطاب" في مداخلة هاتفية على العربية الحدث، أن وزير الخارجية الليبي الدكتور عبدالهادي الحويج أكد خلال فعاليات منتدى ميدايز الدولي 2025 بالمغرب رفض بلاده أن تكون حارسة لغيرها من الدول التي ترفض استقبال المهاجرين، موضحًا أنه رغم الرفض تستمر دول الغرب في مخططاتها وتمويلها للجماعات الخارجة عن القانون إلى تحويل الأراضي الليبية إلى مستوطنة للمهاجرين غير الشرعيين الذين في الأساس كانوا متجهين إلى أوروبا وكانت ليبيا بالنسبة لهم مجرد محطة عبور.
وتابع الخبير السياسي، أن مراكز احتجاز المهاجرين في غرب ليبيا مثل "بئر الغنم" و"العسّة" تشهد أوضاعًا مأساوية وسط غموض كامل حول مصير مئات المحتجزين فيها، وتوصف هذه المراكز بأنها خارج الرقابة.
وأوضح أنه بحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن معظم مراكز الاحتجاز في ليبيا تخضع لسيطرة جماعات خارجة، وتشهد انتهاكات ونقص الطعام والماء، والعمل القسري.
وأشار إلى أن السياسة الأوروبية تسير على مسارين متوازيين أولهما تعزيز آليات احتواء المهاجرين خارج حدودها، والثاني فشل ذريع في بناء نظام تضامني داخلي عادل، ففي الوقت الذي توسع فيه وكالة "فرونتكس" الأوروبية عملياتها في دول مثل البوسنة والهرسك لمراقبة الحدود الخارجية، تشهد بروكسل صراعًا محتدما حول تقاسم الأعباء، موضحًا أنه في هذا السياق تتعرض السياسة الإيطالية للانتقادات الحادة من داخل أروقة البرلمان نفسه.
ووجه البرلماني الإيطالي أنجيلو بونيلي، انتقادات حادة لرئيسة الوزراء جورجيا ميلوني ورئيس حكومة طرابلس عبدالحميد الدبيبة، لاستغلال هشاشة الوضع الأمني في ليبيا لفرض مشروع توطين المهاجرين الأفارقة، الأمر الذي سيزيد من معدلات الجريمة ويدفع البلاد نحو الفوضى.
وأكد "الخطاب" أن الاتحاد الأوروبي يعاني من انقسامات داخلية حادة، حيث صدر تقرير حاسم كان من المفترض أن يحدد حصص إعادة توطين المهاجرين بين دوله الأعضاء، في مؤشر على عمق الخلافات السياسية، ويقترح الميثاق الأوروبي الجديد للهجرة، الذي يسعى للتفعيل بحلول 2026، نظاماً جزئياً يسمح للدول باختيار استقبال طالبي لجوء أو دفع 20 ألف يورو عن كل شخص ترفض استقباله، مما يعكس نموذجاً يعتمد على "الاحتواء" الخارجي وتفويض المهام لدول غير مستقرة مثل ليبيا، بدلاً من بناء حلول جماعية تضامنية وأخلاقية.
واستطرد أن هناك تقرير لمنظمة "أنقذوا الأطفال" يكشف النقاب عن أبعاد مروعة للمعاناة، حيث يضطر الأطفال، بمن فيهم غير المصحوبين، لسلوك طرق شديدة الخطورة عبر ليبيا وجميع الأطفال الذين تمت مقابلتهم تعرضوا لعنف شديد واستغلال واحتجاز قسري.
وتابع أن الشهادات توثق حالات أُجبر فيها الأطفال على العمل القسري لسداد "ديون" للمهربين، واحتجزوا لأشهر في مستودعات أو حاويات تحت سيطرة مسلحين، حيث عمل أحد الأطفال المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا في المزارع ورعي المواشي مقابل الطعام فقط قبل أن يخاطر بالرحلة البحرية المميتة.
وأكمل، أن إغلاق المعابر والحدود المجاورة أدى إلى زيادة اعتماد المهاجرين على شبكات التهريب، مما غذى صناعة الاتجار بالبشر وجعل المهاجرين أنفسهم وقودا لها، موضحا أن التقارير تشير إلى أن بعض اللاجئين الذين يصلون إلى اليونان، خاصة القصر والمراهقين متهمين بتهريب البشر لمجرد قيادة أو مساعدة في قيادة القوارب التي حملتهم، وهي تهمة قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد.
وأضاف الخطاب، أن المأساة تتمثل في سؤال جوهري هل نجحت السياسات الأوروبية القائمة على "الاحتواء الخارجي" و"التعاون" مع سلطات غير مستقرة في تحقيق أمنها المزعوم، أم أنها ببساطة استعصمت بنقل الأزمة ودفع ثمنها الإنساني الباهظ إلى الضعفاء في دول مثل ليبيا.
وقال إنه في الوقت الذي تتحدث فيه الوثائق الرسمية عن "تعزيز الاستقرار" و"مكافحة شبكات التهريب"، يروي الواقع قصة مختلفة عن مراكز احتجاز خارجة عن السيطرة، وعن أطفال يعبرون الصحراء والبحر هرباً من جحيم ليقعوا في آخر، ويبدو أن استمرار هذه السياسات، دون مراجعة جذرية تقوم على توفير مسارات هجرة آمنة وقانونية ومعالجة الأسباب الجذرية للنزوح، لن يكون إلا إدامة لدوامة المعاناة وتهديد حقيقي للاستقرار الإقليمي على المدى الطويل.