إعلان

"سنموت ببطء".. ناجية تروي تفاصيل الحرب في إثيوبيا وتحذر من كارثة

03:02 م السبت 21 نوفمبر 2020

لاجئون إثيوبيون فارون إلى السودان مع اندلاع الحرب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

روت إثيوبية تفاصيل الرعب واليأس والجوع خلال الحرب التي تشنّها حكومة أديس أبابا الفيدرالية في إقليم تيجراي، شمالي إثيوبيا، حيث يعاني سكانه من مأساة إنسانية حقيقية مع قطع الاتصالات وغلق المطارات، في قتال من شأنه زعزعة استقرار القرن الأفريقي.

وباعتبارها واحدة من بضع مئات الأشخاص الذين تم إجلاؤهم هذا الأسبوع من تيجراي، تحدّثت المرأة في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية عما يحدث في تيجراي، مع رفض الطرفين الدعوات الدولية للحوار، أو حتى إنشاء ممر إنساني لتقديم المساعدة، فيما دخلت المعارك أسبوعها الثالث.

وتسعى الحكومة الفيدرالية التي يديرها رئيس الوزراء الحائز على جائزة نوبل للسلام آبي أحمد إلى اعتقال قادة إقليم تيجراي. في المقابل، ينظر هؤلاء القادة إلى حكومة أديس أبابا باعتبارها غير شرعية بعد الخلاف على السلطة.

"الموت ببطء"

انضمت الإثيوبية إلى طابور طويل في مكتب الحكومة المحلية للأعمال الورقية اللازمة للسفر، محاولة الفرار بعد أن روّعها إطلاق النار حول بلدتها في تيجراي، لكن ذهبت المحاولة سُدى بعد أن أخبرها المسؤول أنها ضيّعت وقتها. وقال: "هذا الأمر (السفر) للأشخاص الذين يتطوعون للقتال".

يأتي ذلك فيما يبدو من الصعب للغاية سماع روايات من شهود عيان، مع حظر الإمدادات على حدود تيجراي، واستخدام عمال الإغاثة عدد قليل من الهواتف للوصول إلى العالم.

وقُتل عدة مئات من الأشخاص، وأدانت الأمم المتحدة ما وصفته بـ"الهجمات الموجّهة ضد المدنيين على أساس عِرقي أو ديني".

وقدّمت الإثيوبية، وهي خبيرة في المساعدات تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها حرصًا على نفسها وذويها، واحدة من أكثر الروايات تفصيلًا حتى الآن عن السكان البالغ عددهم حوالي 6 ملايين نسمة ويعانون من نقص الغذاء والوقود والنقود وحتى الماء والكهرباء مع مواصلة تقدّم الجيش الإثيوبي نحو عاصمة تيجراي.

وفي خِضم ذلك حذّرت من كارثة: "أقول لكم، سيبدأ الناس في الموت ببطء".

وفي حين لا يُمكن التحقق من كافة التفاصيل في رواية هذه المرأة، أشارت الوكالة الأمريكية إلى أن وصفها العبور عبر عاصمة تيجراي، ميكيلي، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، يتسق مع وصف آخرين من عمال الإغاثة ودبلوماسيين ومسؤول جامعي كبير وبعض اللاجئين الفارين إلى السودان بعد بدء القتال والبالغ عددهم أكثر من 30 لاجئًا.

وتواصلت هذه المرأة مع الأسوشيتد برس عبر شخص أجنبي تم إجلاؤه.

ومع إغلاق الحدود والطرق والمطارات بسرعة بعد أن اتهم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قوات تيجراي بمهاجمة قاعدة عسكرية تابعة للجيش الفيدرالي، شعرت المرأة بالتمزق. فعائلتها في أديس أبابا وأرادت أن تكون معهم.

كانت البنوك مغلقة، لكن ذويها أعطوها ما يكفي من المال للسفر إلى ميكيلي. وأثناء قيادتها للسيارة، كان عليها أن تتفادى حواجز مؤقتة من الحجارة كدسها الشباب المحليون، حيث لم ترى قتالًا- بحسب قولها.

"ذعر كبير"

في ميكيلي، التقت بأصدقائها في الجامعة. وصُدمت مما رأت. قالت: "كان الذعر سائدّا. كان الطلاب ينامون خارج الجامعة لأنهم جاءوا من كل مكان". وأضافت: "كان هناك القليل لإطعامهم. وكانت الإمدادات في الأسواق آخذة في الشُحّ".

أثناء وجودها في ميكيلي، قالت إنها سمعت ثلاث عمليات "قصف" على المدينة. وأكدت الحكومة الإثيوبية شن غارات جوية على جميع أنحاء المدينة.

وعندما أهاب رئيس الوزراء الإثيوبي في تصريحات تليفزيونية بالمدنيين في تيجراي عدم التجمع من أجل سلامتهم، قالت: "كان ذلك بمثابة ذعر كبير". وتابعت "تساءل الناس (أهالي تيجراي): هل سيقصفنا كلنا؟ كان هناك غضب كبير، الناس يضغطون ويقولون: نريد القتال".

وعندما زارت أحد أفراد أسرتها في مستشفى جامعي، "قال طبيب إنه ليس لديهم دواء أو أنسولين. على الاطلاق! كانوا يأملون في أن تمنحهم (اللجنة الدولية للصليب الأحمر) بعضًا منها".

سعيًا للسفر إلى أديس أبابا، وجدت الوقود في السوق السوداء، ولكن تم تحذيرها من أن سيارتها قد تكون هدفًا. لكن الأمم المتحدة وجماعات إغاثة أخرى تمكنت من ترتيب قافلة لإجلاء الموظفين غير الأساسيين إلى العاصمة الإثيوبية، ووجدت مكانًا في إحدى الحافلات. قالت: "أعتقد أنني كنت محظوظة للغاية".

لكن عندما رحلت الحافلات من العاصمة، انتابها الخوف، بحسب الوكالة.

شقت قافلة مؤلفة من حوالي 20 مركبة طريقها خلال الليل إلى عاصمة إقليم عفار القاحل شرق تيجراي، ثم عبرت إقليم أمهرة المضطرب، متحركة ببطء من نقطة تفتيش إلى أخرى.

قالت المرأة عن الرحلة التي كان ممكنًا أن تستغرق يومًا بالطريق المباشر إنها "استغرقت أربعة أيام إجمالًا".

أضافت: "كنت خائفة حقًا"، مُشيرة إلى أن القوات الخاصة في تيجراي كانت تراقب القافلة في البداية. وقرب النهاية، رافقتها الشرطة الفيدرالية. ووصفتهم بأنهم كانوا "منضبطين للغاية".

وأشارت الوكالة إلى أنها نجحت أخيرًا في الوصول إلى أديس أبابا في وقت سابق من هذا الأسبوع، ليُضاف صوتها الدعوات المتزايدة للحوار بين الحكومتين، اللتين تعتبران بعضهما البعض الآن غير شرعيتين بعد تهميش حزب تيجراي الإقليمي الذي كان مهيمنًا في السابق تحت حكم آبي وقيادته الإصلاحية خلال العامين الماضيين.

وقالت: "أعتقد أنه ينبغي عليهم التفاوض. نحن بحاجة حقًا إلى ممر حتى يدخل الطعام والأدوية. ماذا عن الشعب؟".

وتبدو آفاق الحوار بعيدة. وطلبت السفارة الأمريكية هذا الأسبوع من المواطنين الباقين في تيجراي الاحتماء في مكانهم إذا لم يتمكنوا من الخروج بأمان.

وكما العائلات القلقة الأخرى في إثيوبيا والشتات، لا تستطيع هذه المرأة الوصول إلى أقربائها الذين تركتهم وراءها. فيما لا يزال العديد من الأجانب محاصرين في تيجراي.

وقالت: "لا أحد يعرف من على قيد الحياة ومن فاضت روحه. إنها كارثة بالنسبة لي".

وأشارت إلى أنها تمكنت يوم الخميس من التحدث مع صديقة جامعية في ميكيلي. كانت الجامعة تعرضت لغارة جوية، حيث أُصيب أكثر من 20 طالبا.

قالت: "كانت تبكي. إنها امرأة قوية، وأنا أعلم ذلك"، لافتة إلى أن صوتها كان يرتجف.

فيديو قد يعجبك: