45 دقيقة في الجحيم.. بطولة 40 إطفائيًا تحت لهيب نيران عقار المهندسين (صور)

كتب - محمد شعبان:

مؤشرات ضبط الوقت كانت تشير إلى العاشرة صباح الإثنين، هدوء يطبق على مقر الإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة الكائنة بمنطقة بين السرايات. لم يكن ذلك إلا هدوء يسبق العاصفة.

لحظات قلائل كانت كفيلة بتحول المشهد 180 درجة. دوي سرينة الإنذار أعلن رفع حالة التأهب داخل أروقة الإدارة الحيوية. همَّ كل فرد إلى مكانه إيذانًا ببدء تحدٍ جديد وسباق مع الوقت لإنقاذ الأرواح والممتلكات.

بلاغ ورد إلى غرفة عمليات الإدارة من شرطة النجدة بنشوب حريق في العقار رقم 14 بشارع وادي النيل بمنطقة المهندسين دائرة قسم شرطة العجوزة.

انطلق اللواء جابر بهاء مدير الإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة، قاصدًا محل الحريق، على رأس قوة ضمت 7 سيارات إطفاء مدعومة بـ3 خزانات مياه استراتيجية (8، 15، 35 طنا) إضافة إلى سلم هيدروليكي.

فور وصول قوات الدفاع المدني، أجرى الضباط معاينة سريعة لمسرح الأحداث. العقار مكون من 10 طوابق، ونشوب الحريق في شقة بالطابق السادس تتذخها شركة إنتاج فني ودعاية مقرًا لها.

على الفور، تم فصل التيار الكهربائى والغاز عن العقار تنسيقًا مع الجهات المعنية؛ حرصًا على سلامة قاطني العقار والمنطقة على حد سواء.

منذ الوهلة الأولى عمد مدير الحماية المدنية ومساعديه على طمأنة قاطني العقار. توجيهات سريعة لهم بالصعود إلى السطح خشية تضررهم من الأدخنة الكثيفة المتصاعدة.

مع بدء فرد خراطيم المياه، أخبر أحد المتواجدين رجال الدفاع المدني بخبر غير سار "في 4 موظفين محتجزين داخل الشركة.

خطة محكمة وسريعة اعتمدها قائد القوات لإحكام السيطرة على الحريق ومنع امتداده إلى الوحدات السكنية المجاورة.

تركزت الخطة على محاصرة النيران عبر صعود رجال الإطفاء والإنقاذ للسلم الداخلي وصولا للشقة محل الواقعة -المكونة من 12 غرفة- فضلاً عن مجابه الحريق من الخارج باستخدام السلم الهيدروليكي.

45 دقيقة من أعمال المجابهة كتبت النجاة لـ3 موظفين في حالة جيدة مع تقديم جهاز تنفس لأحدهم منذ لحظة إخراجه من الشقة حتى سيارة الإسعاف بالأسفل.

رويدًا رويدًا أحكمت قوات الحماية المدنية قبضتها على المشهد. عاد الهدوء إلى الحي الراقي. التقط الجميع أنفاسهم تزامنا مع انخفاض مستوى ألسنة اللهب وإنقاذ الموظفين الثلاثة وأحد السكان كان عالقًا أعلى السطح.

بالتزامن مع تنفيذ عملية التبريد لمنع تجدد الحريق، اكتشف رجال الإطفاء مصرع موظف بالشركة؛ إثر إصابته باختناق. عثر على جثته سليمة ليؤكد أحد زملاؤه "كان نايم على مكتبه".

بسؤال مالك الشركة وأحد العاملين أفادا بنشوب الحريق نتيجة ماس كهربائي ولم يتهما أحد أو يشتبها في وجود شبهة جنائية في الحادث.

موجة من التصفيق سيطرت على المشهد، انهالت كلمات الشكر والثناء من الأهالي والحضور على رجال الإطفاء تقديرا على الجهد المبذول ونجاحهم في إنقاذ أرواح العشرات وليس موظفي الشرطة فقط، بينما يلتفت مدير الحماية المدجنية لمساعديه ورجاله قائلا "الله ينور يا رجالة.. ديما أبطال في المعاد".

مفاجأة كانت محل اهتمام الكثيرين لدى اكتشافهم إقامة الفنانة ميرفت أمين في نفس العقار وتحديدا بالطابق الرابع إلا أنها لم تصب بأذى.

وقالت الفنانة الكبيرة في تصريح خاص لمصراوي: "أنا بخير الحمد لله، لم أخرج من العمارة وقت حدوث الحريق".

أمام العقار وقف الجميع مشدوهين نحو الشركة التي تفحمت بالكامل. يشير أحد أصحاب المحلات إلى واجهة الأدوار العليا التي تضررت بفعل الأدخنة "الحمد لله ربنا ستر.. سرعة وصول المطافي أنقذتنا من كارثة".