إعلان

عودة باهظة الثمن.. معاناة عمال مصريين عالقين في تشاد بسبب كورونا

11:02 م السبت 02 مايو 2020

معاناة عمال مصريين عالقين في تشاد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- شروق غنيم:

ستون شمس وليل مروا على ناجي قاسم في أرض غريبة، لم يشعر بوطأة الغُربة منذ سافر تشاد للعمل إلا الشهرين الماضيين حين قطعت إدارة الشركة التي يعمل بها في الدولة الأفريقية مرتبه الشهري، تضاعف الأمر في مارس الماضي حين تفشى فيروس كورونا وأغلقت مصر حركة الطيران، ظل الرجل الخمسيني حبيس يناجي ربه، يلتمس أي سبيل للعودة، يسير يوميًا على أقدامه 4 كم للسفارة المصرية يستفسر عن المستجدات، حتى جاءت البشارة نهاية الأسبوع الماضي.

في سكن واحد يعيش 31 عاملًا مصريًا تتشابه ظروف سفرهم إلى تشاد "شركة مصرية عملت إعلان شغل برة البلد والقبض باليورو"، كانت الوظيفة طوق نجاة لأحمد عادل الذي ضاقت به سبل البحث عن مهنة مُجدية اقتصاديًا "مسئول عن أمي وأختي وعيالها عشان جوزها ميّت"، قدم على الوظيفة وكان عليه الالتزام بدفع مصاريف للشركة 15 ألف جنيهًا لتكاليف السفر والإقامة في البلد الإفريقي "استلفت المبلغ وكنت عشمان إني أما أروح هناك هعوض ده.. لكن اكتشفنا إنه اتضحك علينا".

1

في السابع عشر من ديسمبر من العام الماضي سافر ناجي قاسم إلى تشاد لبدء العمل كفرد أمن، بعد أول 13 يومًا من العمل تلقى أول راتب له، فيما تأخر راتب شهر واحد إلى منتصف فبراير "وبعد كدة مبقاش في رد علينا خالص"، كان الأمر مختلفًا بالنسبة لأحمد عادل الذي سافر في الثالث والعشرين من فبراير للعمل مساعد شيف "ابتديت شغل ومخدتش أي فلوس"، فيما كان الوضع نفسه نصيب باقي العمال المصريين الذين سافروا للعمل مع الشركة نفسها "لموا مننا فلوس السفر وخلاص على كدة".

ساءت أحوال العمال المصريين، لم يتركوا سبيلًا إلا وقد طرقوه، لجأوا إلى السفارة المصرية فيما يتعلق بمشكلتهم مع الشركة "وعملنا فيهم بلاغات في تشاد ومصر"، لكن ذلك لم يخفف من أوضاعهم في البلد الأفريقي "قاعدين في بلد غريبة عننا مش معانا فلوس نجيب بيها حتى أكل أو مواصلة عشان نروح للسفارة نتابع"، وبينما تعلن منظمة الصحة العالمية تحول فيروس كورونا إلى جائحة ومعها تتخذ دول العالم قرارات بإغلاق مطاراتهم وحدودها ازدادت الأمور ازدادت صعوبة على الثلاثين شخصًا.

2

أخفى ناجي عن زوجته التي تنتظر مولودًا جديدًا الخبر، كذلك حين أُصيب في منتصف فبراير بالملاريا "حد اتبرع لي بفلوس العلاج وقتها"، لكن توازي مع انقطاعه عن إرسال أموال لها في القاهرة لم يكن بُدًا إخبارها. خاض الرجل الخمسيني مشوارًا طويلًا لكي يحظى بأبناء "وصرفنا كتير على موضوع الإنجاب والحقن المجري"، رزق بصغيرته الأولى مريم قبل سنتين ونصف، وينتظر بعد شهرين طفل جديد "سافرت عشان نفسي أعيشهم عيشة حلوة".

داخل سكن العمال يتقاسمون سويًا الهموم، يحكي عادل صاحب الـ29 ربيعًا عن حلمه طيلة الشهور الماضية بيوم تلقي الراتب باليورو "عشان أعرف اشتري لأمي دواء السكر والروماتيزم مرة واحدة من غير تقسيط"، أو تأمين حياة كريمة لشقيقته الكبرى التي رحل زوجها بينما ترك في عنقها طفلتين إحداهن في الصف الرابع الابتدائي، والأخرى لديها عامين ونصف "لأني أنا الولد الوحيد على 3 بنات فمسئول عنهم".

3

لا تختلف ظروف باقي المصريين الذين سافروا إلى تشاد بحثًا عن تحقيق لأحلامهم البسيطة، لكن الأمور انقلبت "دلوقتي عايشين على التبرعات أو الصدقات من جيران لينا في تشاد"، ينتهي إيجار السكن في الحادي عشر من مايو الجاري، فيما تتقلب الأيام بقسوة على العمال "بناكل وجبة واحدة في اليوم، ساعات ميبقاش عندنا إلا رز أو عيش بس".

4

تحلى العمال بالصبر إلى أن أُعلن عن إقلاع طائرة الخميس المُقبل من تشاد إلى مصر تقل المصريين العالقين هناك، تدبر باقي العمال أموالًا للعودة، أحدهم ساعدته إحدى الجمعيات الخيرية وتكفلت بتكلفة العودة، ولم يبقَ سوى ناجي قاسم وأحمد عادل "مش معانا ولا نعرف نستلف من حد، أهلنا ناس بسيطة"، يتذكر الشاب العشريني حين أخبر والدته عما يجري معه "قالت لي ممكن أبيع بوتجاز البيع ونشوف هيجيب كام"، يبتلع عجزه وحُزنه فيما يقضي أيامه على أمل أن يزول الكرب كما باقي رفاقهم في الغربة قبل الخميس المٌقبل ليتمكنوا من العودة إلى الوطن.

فيديو قد يعجبك: