إعلان

أسواق اللحوم بالسويس.. العيد ما جاش و"الجساس" أفضل من الميزان

10:08 م الجمعة 25 أغسطس 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

السويس - حسام الدين أحمد:
مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك يبدأ باعة الأغنام والماشية في السويس نقل بضائعهم من الحظائر إلى شوادر البيع داخل مدينة السويس، إلا أن هذا العيد يبدو أنه لن يشهد اكتظاطًا للبائعين كما كان الحال في العام الماضي؛ فـ "الحال نايم" والزبون انصرف عن الأضحية إما بسبب حالة الغلاء العام أو لتدبير مصاريف الموسم الدراسي الذي أوشك على البدء.

العيد ماجاش
"العيد ماجاش. السنة اللي عدت كنا بنفرش قبل العيد بأسبوعين، والنهارده الجمعة بقالنا يومين ومبعناش رأس واحدة"؛ يقول أحمد راضي، وهو تاجر أغنام، أكد - لمصراوي - أن الإقبال هذا العام ضعيف مقارنة بالعام الماضي. ويوضح أن أماله خابت بعد أن كان ينتظر اليوم حضورًا لافتًا من بعض الزبائن خاصة بعد الصلاة كما هو المعتاد في الجمعة الأخيرة قبل العيد، لكن الأمر لم يتجاوز -على حد قوله - المشاهدة والسؤال عن الأسعار.

لم يختلف الأمر كثيرًا في ضاحية الغريب، أقدم مناطق السويس تاريخيًا، حيث يتجمع أكبر عدد لبائعي الأضاحي في شوارع واسعة نسبيًا، تتيح إقامة شوادر عرض اللحوم، إذ شهدت الضاحية إقبالاً ضعيفًا من الزبائن، علق عليه غريب السيد - تاجر وجزار - بالقول: "بقالي خمس سنين بفرش هنا وبذبح في العيد، وأول مرة أشوف الحال مريح أوي كدا".

ويرجع "السيد" هذا العزوف عن الشراء إلى ارتفاع متطلبات المعيشة بعد غلاء الأسعار، وانخفاض القيمة الشرائية للجنيه، فضلاً عن موسم المدارس الذي يزاحم أيام العيد ويصرف رغبات الزبائن إلى مستلزمات ومصروفات دروس أولادهم.

يشير "السيد" أيضًا إلى أن من مظاهر العزوف عن الشراء بسبب ارتفاع الأسعار لجوء المواطنين إلى الشراء بالمشاركة، موضحًا: "يتفق 7 أشخاص مثلاً على المشاركة في شراء عجل صغير يتراوح وزنه من 300 إلى 350 كيلو للأضحية، ويقسمون ثمنه فيما بينهم".

وتتفاوت أسعار اللحوم هذا العام، وفق ما يوضح "السيد"، الذي أشار إلى أن الأسعار تبدأ بـ 65 جنيهًا لكيلو الضأن (القائم)، و70 جنيه للماعز التي انخفض الإقبال عليها. بينما يتراوح سعر كيلو العجل الكندوز البقري بين 62 و65 جنيهًا للكيلو.

الشاب الجاموس أيضًا - كما يوضح "السيد" - يبدأ سعره من 56 وإلى 58 جنيهًا. ويرجع "السيد هذا الانخفاض في السعر مقارنة باللحم البقري إلى كبر حجم عظام الجاموس والتي تزن أكثر من الضأن، فضلاً عن نسبة الدهن الأكثر نسبيًا بها مقارنة باللحم البقري.

أكبر أسواق الماشية بالسويس هو ذلك الذي يقام يومي السبت والأحد من كل أسبوع، داخل سوق الأحد العشوائي، الذي ينظمه الباعة الوافدين للسويس بقرية الألبان الجديدة، إذ تجد في آخر هذا السوق "حوش الغنم" الذي يتوافد عليه التجار من مختلف المحافظات لبيع الأضاحي، ويتردد عليه عدد كبير من المواطنين للشراء، نظرًا لانخفاض أسعار الماشية مقارنة بما يعرضه التجار في المدينة.

"الضاني 60 جنيهًا للقايم، وجدي الماعز بـ 70جنيه"؛ يُخبر جمعه أبو حسين -تاجر حضر من الإسماعيلية- زبون سأله عن السعر، بينما انصرف الزبون على وعد بالعودة مساءً للشراء.

ويرى جمعه أبو حسين أن الموسم الحالي هو الأصعب والأكثر ركودًا منذ 5 سنوات، ويتذكر أنه في مثل هذه الفترة قبل عيد الأضحى بأسبوع كان يبيع نصف ما لديه من الخراف وماعز، بعد وصوله للسوق بثلاث ساعات فقط، بينما مرت نفس المدة هذا العام ولم يبع في يومه سوى "حوليه" أنثى الماعز أتمت العام، وهي الأقل سعرًا في صنف الأضحية، على حد قوله.

يضيف أبو حسين أن نقل الأغنام من القنطرة في الإسماعيلية إلى السوق يكلفه 700 جنيه، وأمام ذلك قد يضطر للبيع بسعر أقل مما يرغب، حتى لا يعود لمنزله بـ "خفي حُنين"، ويخسر قيمة النقل.

الفصال سيد الموقف
وتتباين أسعار الأضاحي في سوق سوق الأحد، بين 57 و60 جنيهًا لكيلو الضأن القائم، وأقل جنيهان "للرميس" أنثى الخروف، و70 إلى 75 جنيه لجدي الماعز حسب حالته، وهو أغلى كون لحمه أخف ونسبة الهادر فيه أقل من الضأن، بحسب ما ذكر التجار، بينما يصل سعر الحولية (أنثى الماعز) إلى 65 جنيهًا.

ويبقى الفصال هو المشهد الجامع بين أسواق السويس، وبالفصال تمت البيعة بين زبون يبدو من لهجته أنه من أصول صعيدية وبين مسعود إبراهيم التاجر الشاب الذي حضر من الشرقية ليبيع ثروته الحيوانية الصغيرة بالسوق.

"اللغة بينا وبين الزبون في أي مكان هي سعر الكيلو القايم، لكن في السويس الوضع مختلف"؛ يقول مسعود، ويشير إلى أنه من المتبع أن قيمة كل خروف حسب وزنه، لكن الميزان الذي يفصل ذلك الوزن لم تره أعين التجار أو الزبائن في السوق.

ويفسر رفض التعامل بالميزان في السوق بأن السوايسة يشكون فيه، لما يلجأ إليه بعض التجار من حيلة دفع الغنم لشرب كمية كبيرة من الماء تزد من وزنه عند البيع. ويشير إلى أن لكل خروف مباع على أرض السويس سعر، ليس حسب وزنه وحسب بل شكله أيضًا وعمره، وإذا كان "مُحمل" باللحم، أو يثقله الدهن، موضحًا أن سعر القائم مجرد نقطة بداية لصفقة البيع لأن الفصال هو ما يحسم الاتفاق.

وبسبب الخلاف حول ما تستحقه كل أضحية، يحتكم التاجر والزبون إلى من يفحص الذبيحة، أو "يجسها" بلغة التجار، فذلك الجساس، يعلم إذا كانت معدتها مملوءة بالماء المالح، أو يبطنها اللحم، ويحدد عمرها وما إذا كانت تصلح للذبح أم يعيبها شيئ.

الجساس
صابر حسانين، أحد هؤلاء الجساسين فاحصي جودة الخراف، يؤكد للتاجر والزبون أنها "عُشار" تحمل في بطنها أجنة، ولن تصلح للأضحية، وعليه أن يبحث عن غيرها، وينل مقابل ذلك مبلغ زهيد.

يشير صابر إلى أنه اكتسب خبرته في فحص الماشية من والده الذي كان يعمل كلافًا في مزرعة للأبقار والأغنام، ويضيف: "تعلمت كيف أفرق بين السليمة والمريضة، وأحدد عمرها من أسنانها، وبالضرب على الفخذ، وفحص سلسلة الظهر لأعرف إذا كان يكسوها الدهن أسفل الجلد أم يغطي عظامها اللحم".

"البيع مريح.. الناس بتتفرج وتسأل وتمشي.. من كل 50 زبون واحد بس يشترى"؛ يتحدث أحمد عوض، تاجر الغنم الذي حضر من قرية كبريت بالقطاع الريفي في السويس، وهو ينظر إلى صديقه الوافد من مركز بلبيس بالشرقية وقد بدأ في جمع الغنم ونقلها لسيارة ربع نقل استعدادًا لمغادرة السوق، فلم يبع سوى جدي وخروف منذ وصوله.

ويقول أحمد عوض إن عدد غير قليل من التجار خاصة الوافدين من الشرقية والإسماعيلية يفضل العودة ببضاعته كما هي ويتحمل خسارة قيمة نولون النقل، ولا يبيعها بسعر أقل مما يريد.

ويلفت إلى أنه في المحافظات الأخرى التي يتوافد منها التجار، تتعدد الأسواق وأماكن بيع الأضاحي، أما السويس فلا يتوفر بها سوق جيد إلا سوق الأحد، هو الفرصة الجيدة للتاجر والمشتري، وأفضل كثيرًا من الشوادر التي تنتشر قبل العيد بأيام معدودة.

ويضيف أن ارتفاع الأسعار وراء عزوف المواطنين عن الشراء، لافتًا إلى أن سعر الخراف العام الماضي كان يتراوح بين 45 و47 جنيهًا للكيلو القائم، لكن تلك الأسعار ارتفعت بنسبة تزيد عن 25 % هذا العام بسبب زيادة أسعار الاعلاف وتكلفة النقل وتكاليف الأمصال والعلاج، فضلاً عن نفوق بعضها في الصيف بسبب درجة الحرارة.

"أنا اتعودت كل سنة اشتري أضحيه بس السنة دي جايز أرجع دون شراء"؛ يقول محمود عبد اللطيف، مدرس بإحدى المدارس الخاصة، يضيف: "أقل خروف يمكن شراءه للأضحية يتجاوز سعره 3 آلاف جنيه، وهو يصفى لحم أقل من 30 كيلو. ممكن اقتسم شراء أي عجل صغير مع عدد من أصدقائي للتضحية به، فالأسعار نار".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان