إعلان

صفقة ترامب بالشرق الأوسط.. هل يُعاد تشكيل الإقليم على حساب غزة وسوريا؟

كتب : مصراوي

05:10 م 26/05/2025

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

تابعنا على

وكالات

قالت مجلة "ناشيونال إنترست"، في تقرير نُشِر 19 مايو الجاري، إن البيت الأبيض يريد المضي قدمًا في تحقيق مكاسب سريعة في السياسة الخارجية ذات فوائد ملموسة، حتى لو كان ذلك يعني تجاوز إسرائيل لصالح الاستعانة بمصادر خارجية لسياسة الشرق الأوسط مثل تركيا والمملكة العربية السعودية، بحسب تقرير

وذكرت المجلة الأمريكية، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تأمل في ترحيل مئات الآلاف من الفلسطينيين من قطاع غزة، في إطار محاولة لإحياء نسخة معدّلة من خطة "السلام من أجل الازدهار"، إلا أن منح إسرائيل الضوء الأخضر للسعي نحو إعادة توطين الفلسطينيين في سوريا ينطوي على مخاطر كبيرة، أبرزها زعزعة استقرار الحكومة السورية وإمكانية تجدد الحرب الأهلية، وهو سيناريو تسعى واشنطن لتجنبه، ويعكس في الوقت نفسه بوادر خلاف سياسي متصاعد بين واشنطن وتل أبيب.

وأشارت إلى أن البيت الأبيض لم يُخفِ رغبته في إجلاء الفلسطينيين من غزة، زاعمًا أن هذه خطوة تمهيدية لإعادة إعمار القطاع، دون الالتزام الفوري بعودة اللاجئين، وهي الخطوة التي تتناغم مع خطط إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المبكرة التي سعت إلى صياغة علاقة أكثر تكاملًا بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية، تقوم على إطار قانوني واقتصادي موحد، لكنها تتجنب إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.

وأوضحت المجلة، أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، مع فتح المجال أمام ترامب لاحتمال نيل جائزة نوبل للسلام. وقد جاءت هذه الرؤية نتيجة تصورات تبناها سياسيون من يمين الوسط في إسرائيل، حاولوا التوفيق بين الوقائع الميدانية والمخاوف التي تنتاب قطاعات واسعة من الجمهور الإسرائيلي.

وتابعت: تتقاطع المصالح الأمريكية والإسرائيلية في محاولة إيجاد مخرج لأحد أكثر الملفات تعقيدًا، في ظل تباين جذري بين الموقفين الإسرائيلي والفلسطيني بشأن مستقبل السلام والأمن في المنطقة. وفي هذا السياق، كشفت تقارير عن جهود تبذلها الحكومة الإسرائيلية لإقناع عدد من الدول الأفريقية، من بينها جنوب السودان والصومال، بقبول استقبال لاجئين فلسطينيين.

وفي يناير الماضي، طرح المبعوث الأمريكي الخاص، ستيف ويتكوف، اقتراحًا أكثر جدية بشأن إمكانية إعادة التوطين في إندونيسيا، إلا أن جاكرتا رفضت العرض بشكل قاطع، في ظل غياب خطة تفاوضية واضحة واستراتيجية إعلامية فعالة. كما راجت في منتصف مارس شائعات حول تواصل محتمل بين البيت الأبيض وسوريا عبر وسطاء، لكن الحكومة السورية سارعت إلى نفي تلك المزاعم.

حوّلت إسرائيل 30% من غزة إلى منطقة عازلة، إذ تعتزم وزارة الدفاع الإسرائيلية الاحتفاظ بها في ظل أي تسوية سلمية. فإلى جانب ممر نتساريم الذي يعزل مدينة غزة شمالاً، أقامت القوات الإسرائيلية الآن ممر موراج الذي يفصل رفح عن خان يونس جنوبًا.

ووفق "ناشيونال إنترست"، فإن مع تدمير الغالبية العظمى من القطاع بالفعل، وحتى لو كانت تكلفة إعادة الإعمار في متناول تحالف من الشركاء، فلا أحد يرغب في إعادة الإعمار في ظل الظروف الحالية.

وتتزايد الانتقادات ضد الحكومة الإسرائيلية بشأن عدم امتلاكها خطة لما يُسمى بـ"اليوم التالي للحرب"؛ إلا أن هذا غير صحيح إذ لدى حكومة الاحتلال كم هائل من التخطيط الذي أظهرته منذ 8 أكتوبر، يحسب المجلة الأمريكية.

وأشارت إلى أنه بدلًا من التركيز فقط على غزة، يجدر الالتفات إلى الساحة السورية لفهم كيف تسعى إسرائيل إلى تهيئة الظروف لتسوية شاملة. فقد أعلن جيش الاحتلال عزمه على البقاء في جبل الشيخ والمنطقة الأمنية الموسعة المحيطة بالقنيطرة لفترة غير محددة.

وفي بادرة رمزية، سمح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بزيارات غير مسبوقة لقادة دينيين دروز من سوريا إلى إسرائيل، إلى جانب توفير الرعاية الطبية للدروز السوريين في المستشفيات الإسرائيلية. كما حاول نتنياهو كسب ودّ الأكراد السوريين، من خلال عروض للمساعدة، في ظل مطالبهم المتزايدة باللامركزية والحكم الذاتي ضمن سوريا.

وقالت المجلة، إن هناك تقارب بين واشنطن وتل أبيب من حيث التخوف من خلفية النظام الجديد في دمشق، وهناك رغبة في رؤية تقدم ملموس من الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع على جبهات متعددة، معتبرة أن إسرائيل تسيطر على عدد كبير من نقاط الضغط التي يمكنها من خلالها ممارسة نفوذها على دمشق، ولكن من المؤكد أن التقارب الأمريكي الأحادي الجانب مع النظام الجديد في سوريا سيقوض ذلك، وفق الصحيفة.

الصفقة الكبرى

يبدو أن الحكومة الإسرائيلية لا تزال تترك خيار الاتفاق مع الشرع مفتوحًا، وتعكس تصريحات كبار المسؤولين ونشاطاتهم الإعلامية في سوريا نية إسرائيل في إرسال رسالة لأطراف إقليمية مفادها أنها تمتلك أوراقًا قد تستغلها عند الحاجة، بحسب "ناشيونال إنترست".

وأشارت الصحيفة إلى أن المقترحات تتضمن انسحابًا عسكريًا من أجزاء من جنوب سوريا، وتخفيف التواصل المباشر مع الأقليات الدينية والعرقية، بالإضافة إلى تسوية مع تركيا وإعطاء واشنطن الضوء الأخضر لاستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة، مقابل استضافة سوريا لمئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين القادمين من غزة.

تجدر الإشارة إلى أن سوريا استقبلت من قبل أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين. وتقول وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إنها تدعم 438 ألف فلسطيني في سوريا اليوم.

لا تزال سوريا بلدًا يعاني من آثار حرب مدمرة، في ظل نقص حاد في أماكن إيواء اللاجئين، خصوصًا مع تراجع استعداد الدول الأوروبية لاستقبال السوريين وازدياد الضغوط عليهم للعودة إلى بلادهم. وسيواجه الشركاء الإقليميون، مثل المملكة العربية السعودية، الذين قدموا دعمًا ماليًا ودبلوماسيًا للحكومة الانتقالية في دمشق، انتقادات شعبية واسعة قد تجبرهم على التراجع أو إدانة الخطوة ومعارضة النظام السوري، وفق الصحيفة الأمريكية.

وأشارت إلى أنه من شأن هذا الوضع أن يزيد من حدة التوترات داخل المجتمع السوري، حيث تتنافس المكونات المختلفة على موارد محدودة وعلى تمثيلها في مؤسسات الحكم الجديدة. وربما يكون العامل الوحيد القادر على تخفيف احتمالات التصعيد هو تدخل تركي قوي، يتجلى في دعم مالي مباشر وخطاب إعلامي إيجابي يهدئ المخاوف ويعزز الاستقرار

وتختتم الصحيفة الأمريكية مقالها بطرح تساؤل حول ما إذا كان البيت الأبيض يدرك تمامًا أن تهجير أعداد كبيرة من الفلسطينيين قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في مناطق أخرى، مما قد يُلزم واشنطن بالتدخل لاحتواء تداعيات صراعات إقليمية محتملة. ويبدو أن كبار المسؤولين الأمريكيين يعوّلون على إمكانية توصل إسرائيل وتركيا إلى تفاهمات من شأنها تهدئة الأوضاع، بما يسمح للولايات المتحدة بالابتعاد عن تعقيدات الملف السوري.

ومع ذلك، قد لا يكون أي من الطرفين مستعدًا فعليًا للتعامل مع أسوأ السيناريوهات، وعلى رأسها احتمال اندلاع موجة جديدة من الحرب الأهلية في سوريا. وإذا اختار الرئيس دونالد ترامب ربط السياسة الأمريكية بأجندة الطموحات الإسرائيلية في الشرق الأوسط، فقد يكون ذلك على حساب الواقعية السياسية، واستبدال البراجماتية برؤية مثالية مفرطة لنظام إقليمي جديد.

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

إعلان

إعلان