إعلان

الشهيد مصطفى عبيد.. "التلميذ النجيب" و"خبير المفرقعات الأصيل" (بروفايل)

03:38 م الأحد 06 يناير 2019

الشهيد مصطفى عبيد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد شعبان:

كان يتلهف مرور الأيام لاستقبال مولوده مطلع العام الميلادي الجديد، رغم انشغاله الشديد بأعمال تعقيم دور العبادة المسيحية والمنشآت الحيوية؛ استعدادا لاحتفالات عيد الميلاد المجيد، لم يغفل الرائد مصطفى عبيد أن يطمئن على زوجته، طبيبة العيون، وطفليه قدر المستطاع، لكنه لم يدرِ بأن الإرهاب الأسود سيحرمه رؤية المولود المنتظر ضاربا موعدًا مع ملحمة بطولية ستظل محفورة في ذاكرة المصريين يتناقلها الآباء ومن بعدهم الأبناء.

عام 2002، التحق ابن قرية جزيرة الأحرار بمركز طوخ بمحافظة القليوبية بكلية الشرطة، عازما على حمل راية والده اللواء أركان حرب عبيد الأزهري، وأداء رسالته التي حلم بها منذ طفولته، حيث مصنع الأبطال ومن بعدها العمل في جهاز الشرطة بوزارة الداخلية.

4 سنوات قضاها "عبيد" داخل أروقة كلية الشرطة ليتخرج في عام 2006 بعد ترديده قسم الولاء: "أقسم بالله العظيم.. أقسم بالله العظيم.. أقسم بالله العظيم أن أحافظ على النظام الجمهوري.. وأن احترم الدستور والقانون.. وأن أرعى سلامة الوطن.. وأودي واجبي بالذمة والصدق".

والتحق الضابط الشاب بالإدارة العامة لمباحث القاهرة والتي قضى فيها نحو 6 سنوات حتى اتخذ قرارا- وصفه زملاؤه بالجريء- بالحصول على فرق تأهيلية للالتحاق بقسم المفرقعات التابع للإدارة العامة للحماية المدنية، ومن ثم العمل في إدارة الحماية المدنية بالعاصمة.

وشارك الضابط الشاب في العديد من العمليات الأمنية رفقة العمليات الخاصة أثناء مداهمة أوكار إرهابية فضلا عن نجاحه في تفكيك عبوات ناسفة مختلفة الأنواع والأحجام، ليسطَع نجمه داخل أروقة إدارة الحماية المدنية حتى لُقب بـ"خبير المفرقعات الأصيل".

ورغم انشغاله الدائم بأعمال التمشيط والتعقيم المستمرة للبنوك والمنشآت الحيوية والعسكرية، لم تنقطع صلة "عبيد" بأقاربه وأصدقائه بمسقط رأسه ومساعدة الجميع قدر المستطاع، إذ اعتاد حضور المناسبات والاطمئنان على أفراد أسرته المقيمين هناك.

منذ 10 أيام، حضر ضابط المفرقعات إلى مركز طوخ للاطمئنان على ابن خالته المريض، ودار بينه وبين أحد الحضور حوارا تناول الأوضاع الأمنية في البلاد ووجود تهديدات من الجماعات الإرهابية بتنفيذ عمليات عدائية في خضم احتفالات أعياد الميلاد محذرا إياه من جرأته، فجاء رده دون تردد: "اللي كاتبه ربنا هنشوفه"، دون أن يدري بما ينتظره مساء 5 يناير.

مساء أمس- وتحديدا عقب صلاة العشاء- عثر طلاب جامعة الأزهر وإمام مسجد "ضياء الحق" بعزبة الهجانة في مدينة نصر على حقيبة بداخلها عبوات ناسفة في مقر سكنهم أعلى المسجد، وأبلغوا الخدمات الأمنية المعينة على كنيسة العذراء وأبوسيفين التي تبعد 4 أمتار.

في غضون 20 دقيقة، حضر فريق من إدارة المفرقعات برئاسة اللواء انتصار منصور، والرائد مصطفى عبيد، إلا أن عبوة ناسفة انفجرت ما أسفر عن استشهاد الضابط صاحب الـ35 سنة وإصابة مدير المفرقعات وأمين شرطة بجروح سطحية وشظايا نُقلا على إثرها إلى مستشفى الشرطة للعلاج.

الرائد مصطفى عبيد "التلميذ النجيب"- كما وصفه اللواء جمال حلاوة، مدير الحماية المدنية السابق- تمنى الشهادة واللحاق بمن سبقوه فداء لتراب الوطن، إذ أخبره في آخر لقاء جمعهما بأنه لا يطلب سوى الشهادة "كان نفسه يروح لربنا شهيد"، ليظفر بها "خبير المفرقعات الأصيل" في أثناء تعامله مع عبوة "عزبة الهجانة" لينقذ مئات الأرواح.

وفي جنازة عسكرية مهيبة، شيع أهالي قرية جزيرة الأحرار، اليوم الأحد، جثمان الشهيد من مسجد فهيم شاهين بمسقط رأسه بحضور محافظ ومدير أمن القليوبية.

2019_1_6_0_8_2_971

فيديو قد يعجبك: