الأب ميحضرش فرح بنته والعريس ميطلعش قبل شهر.. أغرب طقوس الزواج بالمنيا
كتب : مصراوي
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
المنيا- جمال محمد:
على ضفاف النيل، وفي قلب الصعيد المصري، تتناثر قرى محافظة المنيا، إذ تختلط رائحة الطمي بعبق التاريخ، فلا يزال أهل الريف والقبائل البدوية يعيشون على إيقاع تقاليد ضاربة الجذور، تشهد على صلابة الإنسان وتمسكه بما تركه الأجداد.
ورغم تغيّر الزمن، وتوغل مظاهر الحداثة في المدن الكبرى والقرى المجاورة، فإن كثيرًا من عائلات المنيا ما زالت ترى في تلك العادات هوية لا يجوز التفريط فيها.
الزواج، باعتباره أهم محطة في حياة الأسرة، يظل أكثر مناسبة تظهر فيها هذه الخصوصية، فمن حضور عقد القران إلى طقوس الرقص والاحتفال، تمتزج العادات الريفية بالعرف القبلي في مزيج فريد يجعل من كل زفاف حكاية تستحق أن تُروى.
مصراوي يرصد أبرز العادات والتقاليد الغريبة للمقبلين على الزواج في قرى المنيا الريفية وذات الطابع البدوي:
ليلة العمر بلا حضور الأب
أبرز ما يثير الدهشة في تلك العادات هو أن الأب رغم مكانته الكبيرة في العائلة، يغيب عن ليلة زفاف ابنته، ويكتفي بحضور عقد القران وإقامة وليمة عامرة لأهل القرية، ثم يظل في منزله بينما تتوجه العروس برفقة أمها وأخواتها إلى الحفل.
يشرح محمود عبد الرحمن، من قرية المطاهرة، أن هذه العادة القديمة تحمل رسائل رمزية عميقة: فغياب الأب يعني أنه سلّم ابنته رسميًا إلى زوجها، وأن المسؤولية انتقلت منذ تلك الليلة إلى بيت العريس، كما أنه تجنّب متعمّد لإحراج ابنته في أول لحظات ظهورها مع زوجها أمام الجميع.
ورغم محاولات التغيير التي شهدتها بعض القرى، تبقى هذه العادة متأصلة في مراكز المنيا المختلفة، من بني حماد والحواصلية إلى بني أحمد الشرقية والغربية، مرورًا بقرى مركز أبو قرقاص وقرى العرب في سمالوط ومطاي وبني مزار.
زيارة “المصالحة” بعد ثلاثة أيام
لا تنتهي طقوس الزواج عند هذا الحد، فبعد مرور ثلاثة أيام من الزفاف، يقوم الأب بما يُعرف بـ“المصالحة”، إذ يزور ابنته في منزلها الجديد حاملاً "الواجب" وهو مبلغًا ماليًا وأطعمة متنوعة، ليؤكد لها أن بيت العائلة ما زال ملاذًا دائمًا.
هذه الزيارة لا تدل على خلاف، بل هي إشارة رمزية بأن خروج العروس من بيت والدها لا يعني انقطاع الصلة، بل بداية مرحلة جديدة من المودة والترابط.
“الحول” وعام من الانتظار
في القرى ذات الطابع القبلي، خصوصًا في الظهير الصحراوي الغربي مثل طوخ الخيل والكوم الأحمر وعزبة محجوب، تسود أعراف أشد صرامة، فالابن لا يجرؤ على طلب الزواج مباشرة من والده، بل يبوح برغبته لوالدته التي تنقل الأمر بدورها إلى الأب.
أما الفتاة المتزوجة، فلا يسمح لها بزيارة بيت والدها إلا بعد مرور عام كامل، في عادة تُعرف باسم “الحول”، سواء أنجبت أم لم تُنجب، يظل هذا العام الأول بمثابة اختبار للبيت الجديد، ورسالة تؤكد استقرار العلاقة الزوجية.
يحرص أهل العروس أيضًا على رد “الواجب” الذي قدمه العريس أثناء الخطوبة، بالكيلو والثمن نفسه، كنوع من رد الجميل وحفظ التقاليد.
ليالٍ على إيقاع “الحجالة” والتحطيب
ليالي الفرح في المنيا لا تكتمل من دون رقصات موروثة تثير حماس الحضور، أبرزها “الحجالة”، وتدخل إمرأة كبيرة في السن ساحة الاحتفال لترقص وسط صفوف الرجال على إيقاع التصفيق والغناء الشعبي، في لحظة يتداخل فيها الفخر العائلي مع البهجة الجماعية.
أما “التحطيب”، فهو طقس رجولي بامتياز، ويتبارز الشبان بالعصي في حركات محسوبة لا تهدف إلى الفوز أو الخسارة، بل إلى إظهار القوة واللياقة وبث روح الفرح في المناسبة.
إرث لا يذبل
ورغم تسارع التغيرات في العالم ودخول الحداثة إلى كثير من القرى، يتمسك أهالي المنيا بهذه الطقوس جيلاً بعد جيل، فهي بالنسبة لهم ليست مجرد احتفالات، بل هوية متوارثة وروابط عائلية متينة تعبر عن الوفاء للأرض والدم، ويثبت أهل المنيا أن الزواج ليس حدثًا عابرًا، بل فصلٌ جديد في كتاب طويل من الحكايات الشعبية التي ترويها الجدات، ويواصل الأبناء كتابتها بحب وفخر.