من مزرعة دراجون فروت بالإسماعيلية.. أسرار الفاكهة التي يصل سعر الكيلو منها 700 جنيه- صور
كتب : أميرة يوسف
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
مع طلوع شمس جديدة على أرض القنطرة غرب بالإسماعيلية، تتمايل النباتات الغريبة الشكل فوق أعمدة خشبية وشباك مشدودة، تحمي ثمارًا حمراء وزهرية اللون من وهج الشمس المباشرة. لم يعد المشهد مقتصرًا على بساتين المانجو والفراولة التي اعتادها أبناء الإسماعيلية، بل ظهرت هنا فاكهة غريبة تُعرف عالميًا باسم الدراجون فروت أو “فاكهة التنين”، القادمة من موطنها الأصلي في جنوب شرق آسيا والمكسيك، لتسطر قصة زراعية جديدة في مصر.
داخل مزرعة بمساحة خمسة أفدنة في منطقة الروضة بالقنطرة غرب، بدأ الحلم يتحقق. شتلات نُقلت بعناية، وزُرعت على نظام الشبك لحماية الثمار من الحرارة، ومع الرعاية الدقيقة في بداياتها، أصبحت اليوم أكثر قوة وصلابة، فهي من عائلة الصبار، وبمجرد دخولها مرحلة الإنتاج الأول، تتحول إلى نبات مقاوم للآفات والحشرات ومعظم الأمراض البيئية.
الدكتور محمد شطا، مدير مديرية الزراعة بالإسماعيلية، أكد أن المحافظة قادرة على احتضان مثل هذه المحاصيل غير التقليدية، وقال: “نجاح تجربة الدراجون فروت يفتح آفاقًا جديدة أمام المستثمرين للتوسع في زراعات بديلة مثل الباشن فروت والجاك فروت، بما يحقق قيمة مضافة للاقتصاد الزراعي بالمحافظة ويدعم خطط الدولة في استغلال المقومات الزراعية والبيئية لكل منطقة.”
لم تترك مديرية الزراعة هذه التجربة تخوض غمارها وحيدة؛ بل قدمت الدعم من خلال توفير الكيماوي والإرشاد الزراعي، ومتابعة دقيقة من الخبراء لضمان نجاحها. المهندس حسن حال، مدير الإدارة الزراعية بالقنطرة غرب، أوضح قائلًا: “الدراجون فروت زراعة واعدة. إحنا في القنطرة غرب حرصنا نوفر كل أشكال الدعم الفني والكيماوي والإرشادي للمزارعين. النبات بيتحمل الملوحة والجفاف، لكنه في نفس الوقت محتاج متابعة دقيقة في البداية، لما بيدخل الإنتاج بيبقى قوي جدًا، وده ميزة كبيرة لأنه نبات صحراوي من عائلة الصبار.”
ما يجعل التجربة أكثر إثارة هو قدرة هذه الفاكهة على التكيف مع الظروف القاسية. الدراجون فروت ليس مجرد محصول غريب الشكل، بل هو نبات يتحمل الجفاف والملوحة والظروف المناخية المتباينة، ما يجعله مثاليًا للزراعة في مناطق مثل الإسماعيلية التي تسعى لتعظيم الاستفادة من مواردها المائية.
المهندس حسن حال، أوضح ذلك قائلًا:“الدراجون فروت من الزراعات الجديدة على مصر، لكنه أثبت نجاحه هنا. النبات بيتحمل الجفاف وملوحة التربة، وده بيدينا أمل كبير إننا نوسع زراعته ونحقق منه عائد اقتصادي عالي. التجربة دي رسالة إننا لازم نفتح أبوابنا لمحاصيل بديلة، بدل ما نعتمد على الزراعات التقليدية اللي بتستهلك مياه أكتر وما بتديش نفس القيمة.
ما يميز الدراجون فروت أيضًا أنه يصلح للزراعة في جميع أنواع الأراضي، لكنه يعطي إنتاجًا أفضل بكثير في الأراضي الطينية السمراء مقارنة بالأراضي الرملية. ومع استخدام التسميد العضوي ينتج المحصول بصورة ممتازة. وإذا بدأت الزراعة في مارس، فإن الثمار الأولى تظهر في مارس من العام التالي، ويتم جمع المحصول 4 مرات خلال الموسم.
المهندس الزراعي أيمن عبده، المشارك في التجربة، أضاف:“بعد 3 سنوات فقط من بدء الزراعة، تصل إنتاجية الفدان الواحد إلى 3 أطنان، ومع الاستقرار في الزراعة ممكن ننتج 4 دورات في السنة الواحدة بإجمالي 8 أطنان للفدان. ده رقم مبشر جدًا، خصوصًا إن الطلب على الثمرة دي في السوق المحلي والعالمي كبير.”
تُزرع في الفدان الواحد ما بين 3 آلاف إلى 5 آلاف شتلة، وسعر الشتلة الواحدة يتراوح بين 120 إلى 150 جنيهًا. ويحتاج النبات خلال مراحل نموه إلى برامج مكافحة طبيعية مثل الكالسيوم برون لزيادة الأزهار، والبوتاسيوم والأحماض الأمينية لحمايته من الإجهاد الحراري.
أما عن أنواع الدراجون فروت، فهي متعددة ومتنوعة، ولكل منها طعمه وقيمته الخاصة: البتايا الحمراء (القشرة حمراء/اللب أبيض): الأكثر انتشارًا، طعمه حلو وقوامه يشبه الكيوي، البتايا الصفراء (القشرة صفراء/اللب أبيض): الأندر والأغلى، بطعم سكري مميز، البتايا الكوستاريكية (القشرة حمراء/اللب أحمر): يشتهر بقيمته الغذائية العالية ونكهته المميزة، البتايا الأمريكية (American Beauty): قلبها بنفسجي أو موف، وتعتبر من الأصناف المميزة، البتايا التايلندية: نوع أحمر القلب، يشتهر بطعمه الحلو، البتايا الطويلة: نادرة جدًا بقشرة بنية ولب ملون، لا توجد إلا في مناطق محدودة.
وتختلف هذه الأنواع من حيث القشرة واللب واللون ودرجة الحلاوة والنكهة، حيث يعتبر النوع الأصفر الأكثر حلاوة، بينما تشترك جميعها في قيمتها الغذائية العالية وغناها بالفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة.
فاكهة الدراجون فروت ليست مجرد تجربة زراعية، بل مشروع استثماري متكامل. فهي مطلوبة بشدة في الأسواق العالمية لما لها من فوائد غذائية وصحية؛ فهي غنية بالفيتامينات C وB، والحديد، والماغنيسيوم، وتساعد على تقوية المناعة، تحسين الهضم، دعم صحة القلب، وحماية الخلايا من التلف.
وبعيدًا عن الجانب الاقتصادي، فإن القيمة الغذائية لفاكهة التنين تضعها في مقدمة الفواكه العالمية. فهي غنية بمضادات الأكسدة، وتحتوي على صبغات “البيتالينز” التي تحمي الخلايا من التلف، وتقلل فرص الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسرطان. كما أنها تدعم المناعة، وتحسن الهضم، وتوفر للجسم معادن وفيتامينات أساسية مثل فيتامين C وB، الحديد، والماغنيسيوم.
المهندس الزراعي أيمن عبده، أحد المشاركين في متابعة التجربة، أكد هذه النقطة بقوله: "إحنا بنتكلم عن محصول مش بس شكله ملفت وقيمته الغذائية عالية، لكن كمان عليه طلب كبير في السوق العالمي. نجاحه في مصر معناه فرصة قوية للتصدير، وده هيدخل عملة صعبة ويفتح فرص عمل جديدة للمزارعين والشباب. الفلاح اللي هيتبنى زراعته هيبقى قدامه مستقبل واعد."
في قلب الحقول، بينما كان العمال يقطفون الثمار الحمراء ويضعونها بعناية في صناديق مخصصة، بدت ملامح الفرح واضحة على وجوههم. البعض منهم لم يكن يعرف حتى اسم هذه الفاكهة من قبل، لكنهم اليوم يرون فيها مصدر رزق جديد، وباب أمل لزيادة دخلهم.
ومع غروب الشمس، بدا المشهد وكأنه لوحة فنية: ثمار الدراجون فروت الحمراء تتوهج وسط الخضرة، وأصوات المزارعين تختلط بضحكات الأطفال الذين جاءوا لالتقاط الصور مع “فاكهة التنين”. لم يعد الأمر مجرد تجربة زراعية، بل أصبح قصة نجاح تُحكى للأجيال القادمة.
الإسماعيلية، التي اشتهرت لعقود بكونها “موطن الذهب الأخضر” من المانجو، تكتب الآن سطرًا جديدًا في سجلها الزراعي. ومع دخول الدراجون فروت أراضيها، تفتح المحافظة الباب لتجارب أخرى قد تغيّر وجه الزراعة المصرية، وتؤكد أن أرض القناة لا تعرف المستحيل، بل تعرف دائمًا كيف تزرع الأمل وتحصده.