خطاب بلا بريق.. الإعلام العبري يصف نتنياهو بـ"العجوز الذي فقد لمسته"
كتب : مصراوي
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
كتبت- سهر عبد الرحيم:
تحولت كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى مادة للسخرية والانتقاد في الإعلام العبري، بعدما قاطعتها وفود عشرات الدول دعمًا لفلسطين واحتجاجًا على حرب غزة المستمرة منذ أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 230 ألف شخص.
ورغم أن الخطاب الذي امتد لنحو 40 دقيقة كان من المفترض أن يستعرض رؤية إسرائيل للعالم، إلا أن الصحف العبرية رأت فيه تجسيدًا لعزلة نتنياهو السياسية وتكرارًا لحيله القديمة، معتبرة أن ما بقي منه ليس سوى صور وفيديوهات أثارت السخرية أكثر مما أقنعت.

خصصت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مساحة واسعة لتعليقها على مشهد انسحاب ممثلي الدول من القاعة قبل بدء خطاب نتنياهو، ونشرت مقالًا بعنوان: "لن يتذكر أحد من خطابه في الأمم المتحدة شيئًا سوى المزحة الساخرة التي سبقته".
ورأت الصحيفة أن ظهور نتنياهو أمام الجمعية العامة لم يعكس سوى حجم العزلة الدولية التي تعيشها إسرائيل ورئيس حكومتها، مشيرة إلى أنه وجّه رسالته إلى جمهور محدود داخل القاعة، وللإسرائيليين، بل وحتى لسكان غزة عبر مكبرات الصوت، مؤكدًا بشكل غير مباشر أنه لا ينوي إنهاء الحرب.
ووصفت "هآرتس" في مقالها نتنياهو بأنه "ساحر عجوز فقد لمسته ولم يعد يفهم روح العصر"، معتبرة أنه أخرج أمس كل الحيل التي استخدمها في الماضي من منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة: الورق المقوى المألوف والعلامة الأبدية، إلى جانب بعض الحيل الجديدة "المثيرة للاشمئزاز" على حد سواء، مثل "الاختبار" الغبي الذي صرخ الحاضرون بإجاباته بصوت عالٍ كما في روضة الأطفال، ورمز الاستجابة السريعة (QR code) على ياقة سترته الذي يوجه إلى الموقع الإلكتروني الذي يوثق "الفظائع" التي ارتُكِبت في الـ7 من أكتوبر.
Delegations from several countries demonstratively left the UN hall to applause ahead of Netanyahu’s speech. pic.twitter.com/wMPTe70aSv
— Visegrád 24 (@visegrad24) September 26, 2025
وفي مقال آخر بعنوان: "خطاب نتنياهو المُبالغ فيه في الأمم المتحدة سيُنسى. أما تصرفاته المُضحكة فلن تُنسى"، قالت "هآرتس" إن أداء رئيس الوزراء الإسرائيلي في الجمعية العامة لم يُسلِّط الضوء إلا على "العزلة العالمية" التي يجد نفسه وبلاده فيها. "لقد أثبت الساحر المُسنّ الفاشل للجمهور القليل، ولشعبه، ولشعب غزة - عبر مكبرات الصوت - أنه لا يُركِّز على إنهاء الحرب".
وذكرت الصحيفة العبرية، أن نتنياهو تحدث 15 مرة في الجمعية العامة، ولم يصوّر في أي منها وضع إسرائيل في العالم بهذا السوء الكارثي.

وفي مقال ثالث بعنوان: "خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة استهدف جمهورين فقط: قاعدته اليمينية في إسرائيل ودونالد ترامب"، قالت "هآرتس" إن خطاب نتنياهو كان يتألف بالكامل من نقاط نقاش مُعادة التدوير "تم تكرارها حتى الغثيان" في الأشهر الأخيرة ولم يقدم أي تصريحات جديدة حول مستقبل الحرب في غزة، مما يثبت مرة أخرى أنه "ليس لديه رسالة للعالم وأنه يعتمد كليًا على البيت الأبيض".
وأضافت أن خطاب نتنياهو، الذي ألقاه في قاعة شبه خالية، كان مليئًا بزلات اللسان - على سبيل المثال، أخطأ رئيس الوزراء في قول إيران بدلًا من إسرائيل، والنمسا بدلًا من أستراليا، قبل أن يصحح نفسه بسرعة. مشيرة إلى أن الخطاب موجهًا في المقام الأول إلى جمهورين: أولًا، قاعدته اليمينية في إسرائيل ، والتي، وفقًا لمصدر تحدث لصحيفة هآرتس، سيُنتج لها لاحقًا فيديو دعائي يتضمن مقاطع من خطابه تُبث إلى غزة. أما الجمهور الثاني فكان في الولايات المتحدة، وكان موجهًا تحديدًا إلى الرجل في البيت الأبيض (الرئيس الأمريكي دونالد ترامب).

بينما رأت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في مقال نشرته عبر موقعها الإلكتروني "واينت"، بعنوان: "نتنياهو تحدث في الأمم المتحدة لمدة 41 دقيقة - وترامب سرق العرض في دقيقة واحدة".
وقالت الصحيفة إن خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة لم يحدد مستقبل حرب غزة أو مصير الأسرى الإسرائيليين ومصير حركة حماس، مشيرة إلى أن هذه الأسئلة لن تُحسم في الجمعية العامة، بل في المكتب البيضاوي بواشنطن، إذ من المقرر أن يلتقي رئيس حكومة الاحتلال بالرئيس الأمريكي نهاية سبتمبر الجاري.
وذكرت أنه قبل أن يعود نتنياهو من مبنى الأمم المتحدة إلى غرفته في الفندق: صرّح دونالد ترامب للصحفيين بعد دقائق من الخطاب بأن اتفاقًا في غزة وشيك. هذا هو الخبر، هذا هو العنوان الرئيسي الذي حوّل خطاب نتنياهو بأكمله - سواء أكان رائعًا أم سيئًا، حسب من تسأل - إلى "مجرد ضجيج في الخلفية".

وقبل يوم من إلقاء الكلمة، نشر موقع "واللا" العبري مقالًا بعنوان: "نتنياهو سيتحدث في الأمم المتحدة، والقنوات التلفزيونية الإسرائيلية ستكون الوحيدة المتأثرة".
قال الموقع، إن نتنياهو سيستخدم حيلةً إعلاميةً ستتصدر عناوين الصحف، خاصةً في إسرائيل، وسيتعامل العالم مع الحدث كخطابٍ لمجرم حرب لم يُكلف نفسه عناء تبرير أفعاله في خطاباتٍ للمجتمع الدولي.
وأضاف: "علينا، كإسرائيل، أن نضمن أن يكون هذا آخر خطاب لبيبي في الأمم المتحدة. إنه محتال، كاذب، يتصرف كالمجرم، وبناءً على معاملته للأسرى وأحداث السابع من أكتوبر، من المؤكد أنه شخص حثالة. إنه آخر شخص ترغبون في أن يكون صديقًا لكم، وأسوأ ممثل لإسرائيل في الوقت الحالي. إنه الإسرائيلي القبيح. بمجرد أن نتخلص منه، سيتحسن وضعنا الدولي".