إعلان

"انتهى عهد التفاوض".. ماذا يعني استحواذ المُحافظين على البرلمان الإيراني؟

03:29 م الإثنين 24 فبراير 2020

المرشد الأعلى الإيراني والرئيس الأمريكي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – إيمان محمود:

في خُطوة توقعها كثير من المراقبين؛ أعلن المحافظون في إيران، الأحد، فوزهم في الانتخابات التشريعية، ما يفتح المجال أمام حقبة إيرانية أكثر تشددًا من شأنها أن تزيد التوترات على المستوى الإقليمي والعالمي.

حتى الآن، لم تُعلن النتائج النهائية للانتخابات التي جرت يوم الجمعة الماضية، بشكل رسمي، لكن وكالة "فارس" للأنباء قالت إن المحافظين فازوا بعدد 191 مقعدًا من أصل 290 مقعدًا في البرلمان، بينما لم يحصل الإصلاحيون إلا على 16 مقعدًا وفاز المستقلون بـ43 مقعدًا.

وشهدت هذه الانتخابات أدنى نسبة مشاركة منذ اندلاع الثورة الإسلامية الإيرانية في عام 1979 وسط غضب شعبي تجاه الحكومة وأزمة اقتصادية خانقة بسبب العقوبات الأمريكية على إيران، وأيضًا بعد أشهر قليلة من اندلاع احتجاجات كبيرة ضد رفع أسعار الوقود والتوتر المتزايد مع الولايات المتحدة بسبب قتل الأخيرة لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، في العراق أوائل العام الجاري، ثم حادث إسقاط الطائرة الأوكرانية التي أسقطتها إيران "عن طريق الخطأ" على حد قولها وتسببت في مقتل 176 شخصا؛ وهم جميع مَن كانوا على متنها.

وفي ظل هذه التغيرات المُتسارعة على الساحة السياسية الإيرانية، يبدو أن النظام اختار تجنيب التيار الإصلاحي الذي يتكون من اليمين المُعتدل واليسار المُعتدل، لصالح التيار الأصولي المُحافظ المُعادي للغرب، وخاصة الولايات المتحدة.

"مجرّد إجراءات وأوراق"

محمد حامد الباحث فى الشؤون الدولية، أكد أن كل هذه الأمور رجّحت فوز المحافظين مرة أخرى، وبالتالي تتجه إيران نحو التشدد في التعامل مع الأزمات الدولية والداخلية مرة أخرى.

وأوضح حامد –في تصريحات لمصراوي- أن مشهد سقوط الطائرة الأوكرانية والتظاهرات ضد النظام الحاكم ومقتل قاسم سليماني، دفع النظام الإسلامي الإيراني إلى حالة من الطوق للمزيد من التشدد وإظهار القوة من خلال صعود المحافظين إلى المقاعد العليا في الدولة.

وقال حامد إن الانتخابات في إيران بها تزوير كبير جدًا لصالح رؤية والقرار الاستراتيجي للدولة الإيرانية وقت الانتخابات؛ أي أنه عندما كانت رؤية الدولة هي المُهادنة والرغبة في الحوار مع الغرب فإن الدعم ينصبّ لصالح الإصلاحيين، وعندما يكون التوجّه هو التشدد في مواجهة الغرب كما كان في حقبة الرئيس السابق أحمدي نجاد فإن التزوير يكون في صالح المُحافظين.

وأضاف: "إيران ليست دولة ديمقراطية، والانتخابات لديها مجرّد إجراءات وأوراق من أجل تجميل الصورة، فهناك استيلاء على الحُكم من قبل الإسلام السياسي الشيعي منذ عام 1979، والذي قضى على كل فُرص تغيير الحياة السياسية".

من جانبه، قال محمد محسن أبو النور رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، إن صعود المُحافظين كان أمرًا شبه محسوم، وذلك بعد أن أقصى مجلس صيانة الدستور الإيراني أقصى 90 في المئة من الإصلاحيين أو التكنوقراط أو القوميين الفُرس، ومنهم 90 نائب في البرلمان الحالي المُقرر انتهاء مدة ولايته الشهر المُقبل.

وأضاف أبو النور –في تصريحات لمصراوي- أن هذا الأمر جعل الساحة شبه خاوية تمامًا أمام المحافظين، لدرجة أنه في بعض الدوائر كان المحافظين ينجحون بالتزكية لعدم وجود مُنافسين من القوائم الأخرى.

وأكد أبو النور أن كل من مجلس صيانة الدستور والحرس الثوري والمُرشد الاعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، قرروا أن يكون البرلمان المُقبل "مُحافظ" بشكل كبير، وإقصاء كل الأطراف غير المؤيدة للنهج الإيراني الحالي في التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع الدول الإقليمية.

روحاني راحل

ومن شأن عودة صعود المُحافظين أن يزيد الضغوط على الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني، المحسوب على التيار المُعتدل، في ظل خلافاته عميقة مع خامنئي والمُقرّبين منه، والتي اندلعت بين بعد فشل الاتفاق النووي في تحفيز الشركات الكبيرة على العودة إلى إيران حتى خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما.

ثم تعمّق الخلاف في ظل الإدارة الأمريكية الحالية، التي فرضت أقسى حملة ضغط شهدتها إيران، عازلة إياها عن الأسواق المالية العالمية وكذلك تلك التجارية.

وفي هذا الشأن، أكد محمد حامد أن عُمر حسن روحاني في السُلطة أصبح قليلاً، مُرجحًا أن يستقيل بسبب قوة المحافظين.

وتوقّع حامد أن يفوز أحد رموز تيار المُحافظين أو أي شخص من الوجوه المُتشدده المُقربة من خامنئي في الانتخابات الرئاسية القادمة المُقرر إجراؤها في عام 2022، مثل محسن رضائي وسعيد جليلي

تأثير صعود المُحافظين خارج إيران

صعود المُحافظين إلى السٌلطة سيكون له تأثيرًا كبيرًا على المنطقة، في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط حروبًا بالوكالة تتداخل فيها أذرع إيران بشكل كبير، وهو ما سؤثر بالطبع على الأمن والاستقرار العالمي.

وتتمتع إيران بنفوذ كبير في سوريا، ولبنان، والعراق، واليمن، وعلى وشك بسط نفوذها في أماكن أخرى.

يرى محسن أبو النور، أن هذه النتيجة ستؤثر كثيرًا على الوضع الإقليمي بشكل سلبي، كما أنها ستزيد من حدّة التعامل الإيراني مع الاحتجاجات والأصوات المعارضة للسلوك الإيراني.

وأكد أبو النور، أن صعود المُحافظين من شأنه أن يزيد من حدة العلاقات الإيرانية بالدول الإقليمية وعلى رأسها دول الخليج، لأن الأصوات المحافظة "تؤيد زعزعة الاستقرار وتهديد أمن الملاحة".

وأشار إلى العلمليات التي قامت بها إيران ضد منشآت أرامكو النفطية في السعودية، والتي لقت تأييدًا كبيرًا من المحافظين الذين يريدون زيادة التوتر في المنطقة، الأمر الذي يجعل لهم موطئ قدم سياسي إيراني، إذ تخصم أي تهدئة من رصيدهم بحُكم أنهم غير مقبولين شعبيًا ويقتاتون على تلك الصراعات مع الأطراف القيادية الدولية.

ووقع الهجوم على أرامكو السعودية، في سبتمبر العام الماضي، أدى لانخفاض إمدادات الزيت الخام بنحو 5.7 مليون برميل، تمثل 50 بالمائة تقريباً من إنتاج الشركة.

فيما لفت محمد حامد إلى زيارة بومبيو لمنطقة الخليج بالتزامن مع الانتخابات الإيرانية أكبر دليل على أن أمريكا تراقب عن بُعد، وتعلم أن سياسة إيران في الفترة القادمة هي مزيد من التشدد وقطع العلاقات مع الغرب ومحاولة إعادة إحياء الاتفاق النووي الذي انتهى منذ 5 سنوات.

في الوقت ذاته، أكد حامد أن إيران ليست لديها أي خيارات سوى العودة إلى طاولة المفاوضات، مُضيفًا أن إدارة ترامب لن تسمح بأي نوع من المراوغة أو أي حلول وسط لاتفاق نووي جديد.

وفسّر: "ترامب مُلزم بصياغة اتفاق نووي جديد، وتغيير البرنامج الصاروخي لإيران، وتغيير سياستها تجاه دول المنطقة، وهي الأمور التي ترفضها إيران ولن تذهب إليها وهي في موقف ضعف".

فيديو قد يعجبك: