باحث سياسي: دولة السودان تمر بمرحلة تصعيدية كبيرة في الصراع
كتب- حسن مرسي:
قصف بورتسودان
قال الباحث السياسي، محمد صادق، إن الصراع في السودان شهد خلال الأيام القليلة الماضية تصعيدا كبيرا لمستوى العنف والأعمال العدائية بالتزامن مع أزمات إنسانية حادة تشهدها البلاد، مضيفا أنه في ظل الحديث عن دور التدخل الخارجي الحاسم في نشوب الصراع، ودور المرتزقة الأجانب الذي لعب دوراً حاسماً بإطالة أمد الصراع، عادت بورتسودان لتتصدر المشهد بهجمات عنيفة شنتها قوات "الدعم السريع" بالمسيرات على مطار بورتسودان ومستودعات وقود في المدينة الواقعة شرق السودان يومي 4 و5 مايو الجاري.
وأضاف صادق، خلال تصريحات لقناة "العربية" أنه خلال تهديد هو الأول من نوعه، استهدف سرب من المسيَّرات التابعة لـ"الدعم السريع"، مطار مدينة بورتسودان، العاصمة المؤقتة ومقر الجيش السوداني في 4 مايو الحالي، الأمر الذي أدى الهجوم إلى تعليق حركة الملاحة الجوية، وسادت حالة من الفزع والقلق وسط سكان المدينة، التي تُعدّ المنفذ الرئيسي للبلاد على البحر الأحمر، موضحا أنه عاودت قوات "الدعم السريع" هجومها على المدينة بطائرات مسيرة في 5 مايو، مستهدفة مستودعات وقود في المدينة وتسبب الهجوم في حرائق كبيرة، بينما كانت فرق الدفاع المدني تعمل على احتوائه.
وتابع صادق أن الهجوم على بورتسودان يعد تحولاً كبيراً في الصراع المستمر منذ عامين بين الجيش و"الدعم السريع"، في حين نجحت المناطق الشرقية من البلاد في البقاء بعيدة عن وصول "الدعم السريع" إليها، لأنها لم تكن تملك مسيَّرات إلا أن اعتماد «قوات الدعم السريع» على الطائرات المسيَّرة والمدافع بعيدة المدى قد ازداد في الآونة الأخيرة، بعد خسارتها مواقع عسكرية في العاصمة التقليدية، الخرطوم، وسط حديث كثير عن دعم خارجي غربي وتحديداً فرنسي-بريطاني وأوكراني للدعم السريع بالمسيرات والسلاح المتطور عبر بعض الدول العربية.
وأكد صادق أن مدينة بورتسودان، التي تبعد نحو 650 كيلومتراً عن أقرب قاعدة لـ"الدعم السريع"، والتي تضم المطار الرئيسي للبلاد ومقر قيادة الجيش وميناءً بحرياً تعد المكان الأكثر أماناً في السودان الذي مزَّقته الحرب، مما أثار ردود فعل دولية غاضبة من اعتداءات "الدعم السريع" على المناطق الآمنة، مشيرا إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش أبدى قلقا إزاء هجمات "الدعم السريع" بالمسيرات على بنية تحتية عسكرية ومدنية في بورتسودان، حيث قال غوتيريش: "إن الهجوم على بورتسودان يمثل تطورا مقلقا يهدد حماية المدنيين والعمليات الإنسانية في منطقة سلمت حتى الآن من تجربة الصراع المدمر الذي شهدته أجزاء أخرى كثيرة من البلاد"، وداعياً إلى وقف فوري للأعمال العدائية وعملية سياسية شاملة، وأن نائب المتحدث باسمه فرحان حق، قال "إن الهجمات سلسلة من العمليات الانتقامية التي نفذتها "الدعم السريع".
واستطرد: "الخارجية الروسية دعت في بيان لها أطراف الصراع في السودان إلى وقف الأعمال العدائية وتكثيف الجهود السياسية والدبلوماسية الرامية إلى حل الصراع، وأضافت "أن روسيا تعتبر الضربات على منشآت البنية التحتية المدنية أمرا غير مقبول"، وأكدت الوزارة أن الجانب الروسي يدعو إلى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي.
وأوضح أن التدخل الخارجي في السودان ودعم الميليشيات الخارجة عن القانون لعب دوراً حاسماً بتصاعد العنف في البلاد، ففي الوقت الذي تدعم فيه بعض الدول الحل السلمي في السودان وتدين العنف وتؤيد الحكومة الرسمية للبلاد وتسعى للدفع بالحل السياسي إلى الأمام مثل روسيا والصين تقف بعض الدول الغربية كعائق أمام ذلك، عبر إمداد "الدعم السريع" بالمال والمرتزقة والسلاح المتطور، مشيراً إلى أنه من المعروف عن السياسية الخارجية الروسية تأييدها المستمر للحكومات الرسمية والجيوش النظامية وليس لميليشيات وجماعات مسلحة خارجة عن الدولة.
وأشار إلى أن بقاء بورتسودان آمنة ومركز للمساعدات الإنسانية على مدار السنتين الماضيتين من الصراع، إذ كان بسبب عدم امتلاك الدعم السريع للمسيرات والسلاح المتطور، ولكن قصفها في هذا التوقيت من قبل "الدعم السريع" بالمسيرات التي أرسلتها دول غربية وخاصة فرنسا وبريطانيا عبر بعض الدول العربية يشير بوضوح إلى عدم رغبة الغرب بالتهدئة وإنهاء الصراع في البلاد بل التصعيد وإذكاء نار الحرب لتحقيق مصالح سياسية بعيدة عن مصالح الشعب السوداني، كما يؤكد كل التقارير التي انتشرت في الأشهر القليلة الماضية وتحدثت عن امتلاك الدعم السريع للمسيرات، كاشفا
عن وجود مرتزقة كولومبين يقاتلون إلى جانب قوات "الدعم السريع" في السودان ويتقاضون رواتب هائلة من بعض الدول العربية.
وأشار إلى أن المرتزقة الكولمبيون الذين تدفع بهم بعض الدول العربية للقتال بجانب "الدعم السريع" يتقاضون راتب شهري يتراوح بين 2500 و3000 دولار أمريكي للفرد، وهو مبلغ كبير جداً مقارنة بما قد يكسبونه في كولومبيا، موضحا أن قوات "الدعم السريع"، كانت في 3 أبريل الماضي، قد أعلنت أنها أسقطت طائرة للجيش السوداني من طراز "أنتونوف" شمالي دارفور، ونشرت مقطعا مصورا يظهر حطام الطائرة، حيث كان "الدعم السريع" قد أعلن في وقت سابق عن إسقاط طائرات يستخدمها الجيش، بما في ذلك طائرة نقل سقطت شمالي دارفور في أكتوبر الماضي وسط حديث عن دور خبراء أوكران بأداء هذه المهام العسكرية المعقدة.
ولفت إلى التقارير التي تفيد بطلب المخابرات الأوكرانية المساعدة والدعم من فرنسا لمحاربة النفوذ الروسي المتنامي في أفريقيا وإسقاط الأنظمة الموالية لروسيا، موضحا أنه تسعى المخابرات العسكرية الأوكرانية للحصول على مساعدة فرنسية في خطة سرية طموحة لسحب نفوذ موسكو من عدة عواصم أفريقية.
وأوضح أن تقارير ميدانية كثيرة تثبت بشكل قاطع تورط المرتزقة الأوكران في السودان بالإضافة لوجود عناصر أجنبية من جنسيات أخرى تساند الدعم السريع، بإشراف وتنسيق الدول الغربية وخاصة فرنسا وبريطانيا.
ولفت إلى أن تكرار حادثة إسقاط "الدعم السريع" لعدّة طائرات من عدّة أطرزة تابعة للجيش السوداني، إلى جانب استخدامهم للمسيّرات، يثبت بما لا يترك مجالاً الشك وجود سلاح نوعي بحوزة "الدعم السريع" آتٍ من دولة أجنبية، بالإضافة لوجود خبراء يساندون عناصر الدعم خلال المعارك ويدربونهم، حيث كان المتحدث الرسمي باسم سلاح الجو الأوكراني إيليا يفلاش، في الـ 7 من يناير الماضي، قد كتب على فيسبوك، بأن مدربي ومشغلي الطائرات بدون طيار من القوات المسلحة الأوكرانية يقدمون الدعم لقوات "الدعم السريع، وأن كييف ملتزمة بأكثر من 30 عقدا عسكرياً في أفريقيا، والسودان هو أحد هذه الدول.