إعلان

سكان ''بطن البقرة''.. الحياة تحت رحمة ''وصلة كهربا''

03:44 م الأحد 21 سبتمبر 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- ندى سامي ودعاء الفولي:

منذ ثلاثين عاما أو أكثر عندما جاءت ''ميرفت الديب'' لتسكن في منطقة ''بطن البقرة'' بمصر القديمة، لم تعلم أنه سيتعين عليها التأقلم مع وضع لا إنساني؛ البيوت تعوم بين مياه الصرف الصحي، والقمامة تحاصر المنطقة، أما الكهرباء فلم تدخل منزلها بعد، ذلك الحال لا تعاني منه السيدة الأربعينية فقط، بل تشهده عدة بيوت أخرى، بينما تضرب أزمة انقطاع الكهرباء محافظات مصر بشكل مؤقت، يعيش بعض سكان المنطقة في ظلام شبه دائم، لا ينقذهم منه إلا ''وصلة'' كهرباء من الجيران.

على الحائط الخارجي لمنزل ''ميرفت'' المتواضع كان صندوق الكهرباء موجودا، غير أنه كان خاليا من العداد ''عايزين عداد.. قدمنا عليه كتير ومحدش جالنا''، بين الحين والآخر تذهب ''ميرفت'' إلى شركة الكهرباء التي تتبع لها بالسيدة زينب للتقديم على العداد لكن دون فائدة، تم تأجيل طلبها ''وفي الآخر قالولنا عايزين ألفين ونص.. نجيبهم منين؟''، يعمل زوج الساكنة ''أرزقي''، بينما تعمل هي في مستشفى ''هرمل'' بدار السلام، إذ لا يتعدى راتبها الشهري 300 جنيه.

اضطرت ''ميرفت'' أن تأخذ ''وصلة'' من أحد جيرانها الذين لديهم كهرباء مقابل دفع إيجار شهري يتراوح بين عشرين وثلاثين جنيها ''الوصلة بتبقى بالليل بس وطول النهار بنبقى من غير نور''، بالمنزل تقطن ''ميرفت'' مع زوجها وابنها الأصغر، وابن عمتها مع أسرته بالشقة المجاورة.

على أرض مرتفعة يقبع بيت ''مرزوقة السيد'' وأولادها والأحفاد، ينتظر الجميع بشائر حل أزمة الكهرباء، حيث لم يأتهم أحد من الشركة حتى الآن لعمل المقايسة وتوصيل الكهرباء ''قدمت مرتين وكتبت اسمي.. وقالولي هنجيلك ومحدش جه''، تلقت السيدة الستينية وعود بحل أزمات الكهرباء والصرف الصحي والمياه أثناء الانتخابات من المرشحين المختلفين '' اتضح إن كلهم بيقولوا ومحدش بيعمل حاجة''.

في فصل الصيف تصبح الأمور أكثر تعقيدا؛ فالوصلة التي تمد المنزل بالكهرباء حوالي عشرة ساعات يوميا هي متنفسهم الوحيد ''ما بنصدق النور ييجي عشان نشغل المراوح''، أما صغار المنزل فلا تجد لهم الجدة سوى وعاء كبير تملؤه بالمياه ليلعبوا فيه ''كنت بغسل والعيال حرانة قعدتهم في الطشت ودلقت عليهم مية'' وفي الفترة الماضية مع انقطاع الكهرباء ازدادت المأساة، فانقطاعها عن البيت الذي يمدهم بالوصلة يمنع الكهرباء عنهم، مما يدفعهم للجلوس بالخارج.

تعاني ''ميرفت'' من أزمة ربو من فترة بسبب العمل الذي يضطرها لاستخدام مواد كيماوية للتنظيف، أيام انقطاعات الكهرباء المتواصلة كانت تضطر للخضوع لأكثر من جلسة يوميا بالمستشفى الذي تعمل به بسبب عدم وجود تهوية كافية داخل المنزل ''كنت بخرج برة البيت وأشحت مياه ساقعة وأغسل بيها وشي وأجيب حتة كارتونة وأهوي على نفسي''، تعودت الالتقاء مع بقية سيدات المنطقة اللاتي لا يجدن ما يفعلنه حال الانقطاع، في حين يذهب الرجال للمقاهي.

الإيجار الشهري للمنازل في منطقة بطن البقرة يبدأ من 100 جنيه، على باب أحدها وقفت ''ليلى عبد الحفيظ'' يناهز عمرها السبعين، أتت من محافظة المنيا للسكن منذ خمسة وثلاثين عاما، تحاول تدبير حالها مع الوصلة ''بيحوشوها وقت أما بيحبوا يحوشوها''، لكن ما يزيد الأمر صعوبة هو إصابتها بضعف الرؤية، الاستهلاك في منزل ''ليلى'' ليس بالكثير، لمبة واحدة للإضاءة ليلا والتلفاز ومروحة، يتم تشغيلهم بالتناوب كي لا يزداد الحمل على أسلاك جيرانها.

''زيادة الضغط على الأسلاك بيعمل قفلة ويقعدولهم يومين عشان يصلحوها''، قالتها ''أمل حسين'' أحد المتضررات من انعدام الكهرباء، اختلط صوتها بنبرة استياء بسبب طلبها من صاحب المنزل تركيب العداد أكثر من مرة دون جدوى ''مبنشوفش وشه إلا لما بييجي ياخد الإيجار''، توصيل الأسلاك لمنزل ''أمل'' يتم بالتراضي مع الجيران، وتنطوي المساعدة على قدر من المخاطرة، مما يجعلهم يوافقون على إمدادها بها أحيانا وأخرى يضطروا للرفض.

سماعات كبيرة تنبعث منها أغان شعبية، تمتزج فرحة الملتفين حولها بالرقص، بينما يتوافد عليها أهل ''بطن البقرة'' الذين يتعايشون مع الأزمة كلٌ على طريقته الخاصة؛ ''ميرفت'' تمتلك كشاف كهربائي تقوم بشحنه بمنزل والدتها لاستخدامه حال الانقطاع، تضع ''أمل'' زجاجتين من المياه بالثلاجة ليلا للارتواء منهما طيلة ساعات النهار حينما لا توجد كهرباء، أما الأطفال فيقضون معظم يومهم في الإجازة خارج المنازل، وفي الموسم الدراسي يلجأ معظمهم للجيران أصحاب المنازل المضيئة لاستذكار الدروس.

حكاوي الناس مع ''الضلمة وسنينها'' (ملف خاص)

تابع باقي موضوعات الملف:

جيران ''قسم الطالبية'' خارج دائرة ''تخفيف الأحمال''

يوميات حُراس أبراج الكهرباء.. مواطنون على أرض المغامرة

الشموع والكشافات الكهربية.. ''رزق الظلام''

''إبراهيم''.. ''ظلام متقطع'' أسوأ من ''عمى دائم''

''محول'' مصري الصنع.. آخر المحاولات الشبابية لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية

موظفون على ''خط'' النار.. والسبب شكاوى ''النور''

مصراوي يسأل: لما بتشوف مؤشر الاحمال بتعمل ايه؟

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: