إعلان

موظفون على ''خط'' النار.. والسبب شكاوى ''النور''

03:28 م الأحد 21 سبتمبر 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- ندى سامي ودعاء الفولي:

في الطابق الأرضي من شركة شمال القاهرة للكهرباء، ترتكز غرفتان متجاورتان تراصت بهما أجهزة الحاسب الآلي في شكل متقابل، يجلس عليهما 60 موظف على مدار 24 ساعة، يتلقون المتصلين على رقم ''121'' خط تلقي شكاوي انقطاع التيار الكهربي الذى بات ملاذ المواطنين ونجدتهم، حتى أن البعض يعتبره العصا السحرية لحل أزمتهم في التو، مع تفاقم مشكلة انقطاع التيار ازدادت أعباء موظفي الخط، صار العمل مختلطا بإهانات لفظية عليهم تحملها حتى انتهاء المكالمة.

الهدوء يعم الأرجاء إلا من صوت رنين الهاتف الذي يزداد في ساعات ويقل في أخرى، في تمام الثامنة صباحًا تجلس ''مي مجدي'' أمام شاشة الحاسب الآلي، تجيب على الهاتف بنبرة رسمية ودودة، منذ سبع سنوات مع بداية افتتاح خط تلقي أعطال الكهرباء وهى تعمل كحلقة وصل بين المتصل والجهة المختصة بشكوته، بينما تتابع ''رحاب حسن'' الشكوى مع المتصل حتى تتأكد من إصلاح العطل، اعتادت الفتاتان سماع الإهانة من بعض المتصلين الذين يلقون اللوم عليهن في انقطاع التيار الكهربي.

تتدخل ''نادية عبد الوهاب'' منسقة العمل داخل مكتب الشكاوي، عندما تقع واحدة من ضمن 36 موظفة لضغط من متصل، أو عند استخدام ألفاظ نابية للفتيات، تطلب منها أن تخرج لأخذ استراحة وتقوم بمهامها وتتحدث إلى العميل ''من كتر الضغط البنات بيعيطوا وبيبقوا مش قادرين يكملوا''، مشيرة إلى أن هناك أسلوب معين في العمل تتدرب عليه الفتيات قبل الالتحاق للتعامل مع المتصلين، فإذا تطاول أحد عليها تطلب منه أن يتحدث بطريقة أفضل، ثم تخبره أن المكالمة مسجلة، وإذا لم يستجب فتغلق الهاتف لتنأى بنفسها عن المضايقات التي تصل أحيانًا لتحرش لفظي، على عكس الموظفين الرجال، فلا يسمح لهم بغلق الهاتف مهما بلغت إهانة المتصل.

''وحدة اتصلت بيا وقالتلى يا ريت متقطعوش النور انهاردة علشان خطوبتي'' قالتها ''مي'' بصوت ضاحك، متعجبة من عدم فهم المواطنين لطبيعة عملهم المقتصر على استقبال الشكاوي فقط، تابعت ''رحاب'' أنهم يتدخلون في محاولة إعادة الكهرباء بحالات الطواريء فقط، كانقطاع التيار عن أحدهم في المصعد؛ فتتصل بشركة الكهرباء التابعة لمكان الشكوى وتخبرهم، ''بس لو بسبب عطل مفيش في إدينا حاجة نعملها غير طمأنة المواطن''.

دقت الساعة الثالثة تُعلن رحيل الموظفات، ليحل محلهن الرجال، متلقو الشكاوي في شركة شمال القاهرة للكهرباء تجمعهم ثلاث مناوبات، تبدأ الأولى في الثامنة صباحا، الثانية في الثالثة عصرا، والأخيرة في الحادية عشر مساءً حتى الصباح التالي ''الفترة الوسطى هي اللي بييجي فيها ساعات الذروة من الاتصالات من وقت المغرب ولحد عشرة بليل''، قال ''هاني الغُنيمي'' مدير إدارة تلقي الشكاوي، لم يبدُ على ''عماد بهنساوي'' و''معتز رمضان'' الانزعاج من العمل في وقت الذروة ''اتعودنا على الوضع'' قال الأول الذي يعمل في تلقي الاتصالات، بينما يعمل ''رمضان'' في إدارة المتابعة ''دورنا نكلم الناس ونتابع معاهم لحد ما نطمن إن النور رجع''.

فترتا المساء تحوي كل منهما 20 موظفا، تحت ضغط الانقطاع أو الأعطال يحاول ''عماد'' التعايش مع الواقع ''أنا متفهم حالة المواطن.. بيبقى متصل يفرغ شحنة الغضب فبصبر عليه''، يتلقى الموظفون الرجال كالنساء تدريب للتعامل مع الجمهور، لتعلم عدم رد الإساءة أو الغضب أو التلميح به ''واللي بيعمل كدة بيتجازى''، لذا يُبعد عماد السماعة عن أذنه أحيانا لكثرة الإهانات ''وبعدين لما المتصل يخلص أبدأ أقوله أنا عايز أساعدك وأحاول أشوف المشكلة.. لكن بزعل على نفسي''، ترتبط الحوافز المالية التي يحصلون عليها بأسباب منها محاولة امتصاص غضب الجمهور والقفز إلى المشكلة الأساسية.

المواقف التي يقابلها رجل خط الـ121 كثيرة، يقول عنها ''الغنيمي'' إنها مؤثرة، ''معتز'' يذكر أحدها عندما جاءهم اتصال يطالبهم بإعادة الكهرباء سريعا ''واحد قالنا إن والده على جهاز تنفس في البيت ومحتاج التيار''، ثمة عُطل ألمّ بالشبكة ''ودة أمر ميقدرش حد فينا يعمل حاجة فيه.. بنبلغ وبيبدأ التصليح''، غير أن الرقم الذي قدم الشكوى اتصل صاحبه بعد مدة قائلًا إن المريض مات ''الغريب إنه كان هادي جدا ومتعصبش عليا زي أول مرة.. مكنتش عارف أقوله إيه''، لا يخلُ الأمر من مواقف شخصية عصيبة تضر الموظفين أنفسهم، فقد أوضح ''عماد'' أنه تم تحويله للتحقيق من قبل ''بسبب عميل قدم شكوى فيا إني كلمته وحش.. كان عنده محل وفيه ألبان وخايف تبوظ فبيقولي أعمل فيها ايه.. قولتله حضرتك ممكن تتصرف فيها فأخدها على محمل الإهانة''.

''الناس فاكرة إننا عندنا زرار النور''، قال ''عماد''، فبين الدعاء على الشركة والموظفين والدولة وكلمات ''حسبي الله ونعم الوكيل''، تظهر مواقف طريفة ''يبقى حد متنرفز وهو بيكلمني وفجأة النور ييجي يقولي ربنا يخليك أو وشك حلو عليا''، أو التهديدات التي يتفوه بها البعض ''واحد اتصل قبل كدة قاللي أنا سواق السيسي ولازم النور يرجع وإلا هاخد إجراء.. ولو مش مصدقني هكلمهولك تكلمه''، على حد قول ''معتز'' أو تهديدات أخرى تأتي للسيدات بمحاولة اقتحام المبنى إذا لم تعود الكهرباء، أصبح الموظفان لا يتحدثان كثيرا عن عملهما بخط الـ121 خوفا من التهكم أو الإهانة حتى تمر الفترة الحالية بسلام.

حكاوي الناس مع ''الضلمة وسنينها'' (ملف خاص)

لمتابعة باقي الموضوعات:

''إبراهيم''.. ''ظلام متقطع'' أسوأ من ''عمى دائم''

مصراوي يسأل: لما بتشوف مؤشر الاحمال بتعمل ايه؟

سكان ''بطن البقرة''.. الحياة تحت رحمة ''وصلة كهربا''

الشموع والكشافات الكهربية.. ''رزق الظلام''

يوميات حُراس أبراج الكهرباء.. مواطنون على أرض المغامرة

جيران ''قسم الطالبية'' خارج دائرة ''تخفيف الأحمال''

''محول'' مصري الصنع.. آخر المحاولات الشبابية لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: