إعلان

بلا مرافق.. كيف يؤدي الطلاب المكفوفون امتحاناتهم إلكترونيًا؟

04:38 م الأحد 12 يناير 2020

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمود عبد الرحمن:

داخل غرفة كتب على بابها "مركز نور البصيرة" في مدينة الطلاب بجامعة سوهاج، جلس مجموعة من الشباب والفتيات من ذوي الإعاقة البصرية، يرتدي كل واحد منهم سماعة رأس، يسمع من خلالها ما تحتوي عليه اسطوانة مدمجة CD، بها أسئلة الامتحان الإلكتروني الجديد الذي تطبقه الجامعة على طلابها المكفوفين منذ العام الماضي للاستغناء عن وجود مرافق.

على مدار 3 ساعات، هي مدة الامتحان، كان صوت أحد برامج قراءة الشاشة الدليل الوحيد لضحى عبد الرحيم، الطالبة بكلية الآداب شعبة الدراسات الإسلامية. تقبض الفتاة العشرينية بيدها على ماوس تحركه في مختلف الاتجاهات بالشاشة، ومع كل حركة تنصت بدقة إلى صوت القارئ، لمعرفة ما هو مكتوب، تبدأ بعدها باستخدام حاسة اللمس، تمرر أصابعها على لوحة المفاتيح بحثًا عن الإجابة الصحيحة، "بحط السهم على السؤال الأول وبعد ما اسمعه انتقل للورقة الخاصة بالإجابة".. تصف ضحى.

الصورة الأولى

في فبراير عام 2005، أنشئ مركز نور البصيرة، لتقديم الدعم ومساعدة الطلاب متحدي الإعاقة بالجامعة. اقتصر دوره في البداية على إعفاء الطلاب من دفع المصروفات بجانب تحويل المواد الدراسية بكلياتهم من كتب عادية إلى كتب مطبوعة بنظام برايل الخاصة بالمكفوفين، حتى أعلنت الجامعة العام الماضي مهمة أخرى للمركز، وهي امتحان الطلاب إلكترونيا بدون مرافق "كان بعض الطلاب بيشتكوا من نظام المرافق خوفا من عدم كتابته إجاباتهم كاملة" يقولها الدكتور عماد الصوينع، مدير المركز وأحد أعضاء هيئة التدريس بكلية الآثار.

"الامتحان الإليكتروني بيخليني مستقل وحر في الإجابة" قالها أحمد شعبان، الطالب بكلية الآداب شعبة الدراسات الإسلامية، مشيدًا بكون الامتحان أصبح إلكترونيا خلاف الأعوام السابقة، يقول الشاب "كنت بشيل هم مدى تقبل المرافق وطول باله أكثر من المادة نفسها" يتذكر ذات مرة عندما أخبره أحد الأساتذة بكليته هو وزملاءه، بالبحث عن حل لاختيار مرافقين متمكنين وبالتحديد في مواد اللغات الأجنبية خلال الامتحان، لما يعانيه من صعوبة قراءة الإجابة أثناء عملية التصحيح، "كنت بفضل طول وقت الامتحان أحلف المرافق يكتب كويس وبخط حلو".

الصورة الثانية

فيما يرى عمرو نصار مدرس بقسم اللغة الانجليزية بكلية الآداب، أحد المشرفين باللجنة، أن نظام المرافق قد ينحاز للطالب، عبر تصحيح الأخطاء تلقائيًا حال أخطأ الطالب، مما قد يعطي الطالب أكثر من حقه.

لكن النظام الإلكتروني جعل لجنة ذوي الإعاقة تتعامل كغيرها من اللجان الخاصة بالمبصرين من خلال توضيح الأسئلة فقط للطلاب، بحسب نصار.

أمام أحد أجهزة، جلست سحر على، طالبة بكلية الآداب، تسأل أحد المشرفين باللجنة عن عدد الأسئلة التي لم تجب عليها بعد مقارنة بالوقت المتبقي، يخبرها المشرف بعدم الانشغال بالوقت والتركيز في الإجابة، تقول "بكون قلقانة الوقت يخلص وأنا لسه في البداية".

من وجهة نظر سحر، العائق الوحيد هو صعوبة الكتابة على لوحة المفاتيح والانتقال من الورقة الإليكترونية الخاصة بالأسئلة إلى ورقة الإجابة، بالرغم من خضوعها للعديد من التدريبات العملية بالمركز على مدار السنة "في العادي بكتب كويس بس وقت الامتحان بيكون في خوف من انتهاء الوقت".

الصورة الثالثة.

تعتمد آلية التدريب داخل المركز على مجموعة من الدورات العملية للطلاب، منها كيفية التعامل مع الحاسب الآلي أثناء فترة الامتحان، وكيفية استخدم أحد برامج قارئ الشاشة، بجانب وجود دورات خاصة بتعليم القراءة والكتابة بطريقة برايل.

يقول خالد أحمد، الموظف المسئول عن تحويل المواد الدراسية إلى نظام برايل "في طلاب بيفقدوا البصر على كبر، قبل دخول الجامعة، مبيكونش عندهم فرصة يتعلموا طريقة برايل".

مع بداية كل عام، يتواصل الشاب مع أعضاء هيئة التدريس ليأخذ المواد على ملف ورد لإعادة تنسيقها مرة أخرى ثم تحويلها "كتب برايل تختلف تماما عن الكتابة العادية عشان كدة تحتاج إعادة تنسيق".

في الوقت الذي انشغل فيه الطلاب بمتابعة الامتحان، كان ثلاثة من أصحاب الإعاقة البصرية (موظفون بالمركز) يجلسون في منتصف القاعة، للتدخل في حالة توقف أحد الأجهزة عن العمل يقول محمد أبو طالب - مدرب كمبيوتر - "ممكن برنامج نطاق الشاشة يتوقف عن العمل أثناء الامتحان بنتعامل مع الجهاز لحد ما يرجع".

قبل 10 أعوام تخرج محمد من كلية الآداب شعبة اللغة العربية، بتقدير عام جيد جدا، تلقى العديد من الدورات التدريبية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة والتي تمكنه بالعمل بالمركز يقول " وظيفتى هنا تعليم الطلاب كيفية استخدام الكمبيوتر وبرامج الكتابة".

الصورة الرابعة_1

على ناصية إحدى الغرف المجاورة لقاعة الامتحان، ظل عربي محمد، الطالب الوحيد من ذوي الإعاقة بكلية الآداب شعبة الإعلام جالسًا على أحد المقاعد، يمسك كتابا بنظام برايل يتحسس عليه بأصابعه، وينتظر بدء الامتحان، يقول عربي "الامتحان في مكان الإقامة وده كويس".

في وقت سابق، كان الشاب صاحب الـ 19 عامًا، يستيقظ في السادسة صباحًا من المدينة الجامعية للطلاب، ويقصد كليته التي تبعد عنه ما يقارب من ساعة ونصف، لأداء الامتحان مما كان يسبب له المشقة "الامتحان وفر علينا فلوس وتعب المواصلات" يقولها الشاب.

بلغ عدد الطلاب الذي يؤدون امتحانات الفصل الدراسي الأول بدون مرافق، 38 طالبا وطالبة، من مختلف الكليات بالجامعة، بحسب الدكتور عماد الصوينع مدير المركز.

المركز قبل بداية كل عام يقوم بإرسال خطاب إلى الإدارة الطبية بالجامعة، التي تقوم بعمل كشف طبي لجميع الطلاب الجدد قبل التحاقهم، ثم ترسل الطلاب ذوي الإعاقة إلى المركز بعد تحديد نسبة الإعاقة ونوعها "الانضمام ليس اجباري وفي طلاب كتير بترفض".. يفسر الصوينع طريقة إلحاق الطلاب بالمركز.

ومع نهاية كل امتحان، يقوم المركز بتحويل الأوراق الخاصة بالإجابة إلى مدرس المادة لتصحيحها.. تقول الدكتورة سلمى عبد المنعم، أستاذ مساعد بكلية الآداب قسم اللغة العبرية ونائب مدير المركز.

الصورة الخامسة_2

فيديو قد يعجبك: