إعلان

30 سنة مع "طلي المعادن".. "عم رمضان خايف من الزمن"

03:21 م الثلاثاء 18 سبتمبر 2018

عم رمضان صاحب ورشة لطلي المعادن عمرها 30 عام

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:

تصوير-جلال المسري:

هُناك كنوز يحتاج المرء أن يُفتّش عليها، لابد من جَهد يُبذل لتكتشف بعدها أن الماضي مازال يقبع في مكان ما، يجلس عمّ رمضان هاشم أمام ورشته الخاصة في منطقة الأزهر كأنه قد ملك حِكمة السنين، ها هو قد وصل لما بعد الخمسين عامًا، زوّج اثنين من بناته، وتخرّجت بناته الأخريان من آداب عبري وإعلام، أما ولده الوحيد فرزقه الله بثلاثة أطفال، ويعمل بصحبته في الورشة التي تختصّ بطلي المعادن يدويًا.

1

داخل حارة باب الزُهومة المتفرعة من حارة الصالحية تقبع ورشة عمّ رمضان، يُعتبر الرجل الخمسيني آخر من يعملون في طلي المعادن يدويًا، هي الصنْعة التي لا يعرف غيرها عمّ رمضان، يتذكر حينما كان صبيًا لا يغوى التعليم في المدارس، ويحتويه بيت جدته لأمه الكائن في باب الزهومة "أبويا كان مزارع، كان له سكة وأنا سكّة تانية"، ثم أوته ورشة المعلّم حسن لطلي المعادن "كنت عيّل عندي 12 سنة، اتعلّمت منه الطلا وازاي أحلّ الفضة وأخليها ميّة، اه صحيح مروحتش مدارس بس أنا اتعلمت عملي".

2

أمام الورشة كان عمّ رمضان يسترجع لقطات من الزمن الجميل، حينما كانت الورشة هي بيت جدّته، سكن فيه مع زوجته وأولاده، حتى تمكّن بعد سنوات من العمل الشاق أن يحصل على "خلوّ شقة"، يُشير إلى إحدى غُرف الورشة "العيال كانوا بيناموا هنا"، ثُم تحوّلت إلى مكان عمله الخاص منذ الثمانينيات وإلى الآن.

في سنوات عمله الذهبي تمكّن عمّ رمضان من اكتساب زبائن، إلى الآن يأتون له خصيصًا "من الزمالك وجاردن سيتي ومصر الجديدة"، يجلبون له أواني نحاس وصواني يرغبون في طلائها بالفضّة "الفضّة طاهرة مبتسممش وممكن يتاكل فيها عادي"، قديمًا كان سعر الآنية حوالي خمسين جُنيهًا، أما الآن فوصل سعر طلائها إلى 200 جنيه "والصينية حوالي 100 جنيه".

3

داخل الورشة ارتدى أحمد ابن عمّ رمضان حُلّة الشغل، ينتهي من الأعمال المُوكّلة إليه، بينما يجلس والده خارجًا "لسة الشغل قليل، اهو الساعة اتنين ومبدأناش شغل كويس"، يُرثي الرجل الخمسيني الحال الذي وصلت إليه الحرف اليدوية، كان لديه أربع صنايعية، لم يتبق منهم أحدًا "مبقاش فيه حد عنده صبر وعايز يتعلم، كله عايز المكسب السريع"، أما أحمد فيقول عنه "أنا سقيته المهنة، أنا اتبهدلت إنما هو طلع أبوه عنده صاحب ورشة".

4

لا يُفكّر أحمد مُطلقًا في ترك المهنة، أو تجهيز ورشته الخاصة "يمكن لو كان عندي أخ تاني كنت عملت كدا، لكن أبويا هسيبه لمين"، يرضى الشاب الذي وصل لعتبة الأربعين بما قسمه الله له، لديه ثلاثة أطفال وزوجة يُطعمهما من تلك المهنة التي ساء الحال بها.

5

لم يشعر عمّ رمضان بالحُزن مثلما يشعر به هذه الأيام، يرى أن مستقبل الورش الصغيرة في خطر "دلوقتي يدخل عليا واحد بتاع ضرايب ولا كهربا، وبتاع الحي عايز النضافة، طب يعني هما عايزين اللي اشتغل بيه أديهوله؟"، يستنكر الرجل الخمسيني المآل الذي وصلت إليه حال الورش الصغيرة، ويُجيب عن سؤاله "يبقى أنت كدا بتدفنها"، يرى عمّ رمضان الحلّ في إعفاء ضريبي للورش حتى تستطيع الاستمرار.

لا يستسلم عمّ رمضان للتفكير، يقوم من مكانه ليُبدّل ملبسه إلى "هدوم الشغل"، يرتكن الرجل على مشوار سار فيه، ولازال عليه استكماله.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان