إعلان

ميناء لم تذكره الخرائط.. تفاصيل أحدث كشف أثري في قاع البحر بالإسكندرية -صور

كتب : مصراوي

03:52 م 18/09/2025

تابعنا على

الإسكندرية - محمد البدري:

في كشف جديد يعيد رسم الخريطة الأثرية لسواحل مصر الشمالية، أعلنت البعثة الأثرية الدومينيكانية العاملة في منطقة معبد تابوزيريس ماجنا عن أدلة مادية تؤكد وجود ميناء قديم غارق كان يخدم تلك البقعة الشهيرة في غرب الإسكندرية.

ويعد هذا الاكتشاف أكثر من مجرد موقع أثري جديد، بل يقدم رؤية مختلفة لطبيعة هذا المركز الديني الهام خلال العصر البطلمي، محولاً إياه من مجرد معبد إلى محور بحري استراتيجي كان متصلاً مباشرة بالعالم القديم عبر مياه البحر المتوسط.

استند الكشف الجديد إلى شواهد أثرية انتُشلت من قاع البحر، حيث أسفر المسح الذي قاده خبراء دوليون بالتعاون مع الجهات المصرية المختصة، عن العثور على مراسٍ متنوعة مصنوعة من الحجر والمعدن وبأحجام مختلفة، مما يشير إلى استقبال الميناء لأنواع متعددة من السفن.

وإلى جانب المراسي، تم توثيق أعداد كبيرة من "الأمفورات"، وهي الجرار الفخارية الشهيرة التي استُخدمت في العصور القديمة لنقل البضائع مثل النبيذ وزيت الزيتون، ويعود تاريخ هذه الأمفورات المكتشفة إلى العصر البطلمي، وهو ما يقدم دليلاً زمنيًا قاطعًا على الفترة التي كان فيها هذا الميناء نشطًا ومزدهرًا.

لم يقتصر الكشف على القطع الأثرية فحسب، بل امتد ليغير فهمنا لطبيعة المنطقة الجغرافية نفسها خلال العصر البطلمي، فقد أظهرت نتائج المسح الدقيق أن خط الساحل القديم يقع على بعد يقدر بنحو 4 كيلومترات من الساحل الحالي، مما يعني أن المعبد كان أقرب بكثير إلى البحر مما هو عليه اليوم.

الأمر الأكثر إثارة هو اكتشاف امتداد لنفق يربط مباشرة بين معبد تابوزيريس ماجنا والبحر المتوسط، حيث عثر الغواصون في نهايته على شواهد أثرية إضافية تعزز فرضية النشاط البحري الكثيف، وتؤكد هذه النتائج مجتمعة أن الموقع احتوى على ميناء داخلي محمي، ما يجعله تصميمًا هندسيًا متكاملاً يربط بين المقدس والتجاري.

وصف الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، هذا الكشف بأنه "إضافة علمية بارزة لعلم الآثار البحرية المصرية"، مشيرًا إلى أن أهميته الاستثنائية تكمن في أن المصادر التاريخية القديمة لم تشر إليه من قبل. هذا الغياب في السجلات المكتوبة يجعل من الاكتشاف المادي المصدر الوحيد للمعلومات حول هذا الميناء، مما يفتح فصلاً جديدًا تمامًا في دراسة المنطقة.

من جانبه، أكد وزير السياحة والآثار، شريف فتحي، أن هذا الاكتشاف يعكس العمق التاريخي لمصر ويؤكد أن سواحلها لم تكن مجرد مراكز حضارية، بل "محاور استراتيجية للتواصل التجاري والثقافي مع العالم القديم"، مبينا أن النتائج لا تعزز فقط فهمنا للبنية الاقتصادية والدينية خلال تلك الحقبة، بل تؤكد أيضًا على مكانة مصر كمركز عالمي للنشاط البحري منذ آلاف السنين.

يأتي الكشف عن الميناء الغارق ليعزز السجل الأثري الحافل لمنطقة معبد تابوزيريس ماجنا، والذي شهد اكتشافات هامة في السنوات الأخيرة، ففي عام 2024 وحده، عثرت البعثة على ودائع أساس المعبد التي ضمت مجموعة متنوعة من القطع الجنائزية والطقسية، بالإضافة إلى 337 عملة معدنية يحمل العديد منها صورة الملكة كليوباترا السابعة.

كما شملت الاكتشافات السابقة تماثيل برونزية، وتمائم، وأوانٍ فخارية وحجرية كانت تستخدم في الطقوس وحفظ أدوات التجميل، مما ساهم في تأريخ بناء جدران المعبد إلى القرن الأول قبل الميلاد، ويضيف اكتشاف الميناء الآن بعدًا اقتصاديًا واستراتيجيًا إلى هذه الصورة، مؤكدًا أن هذه المنطقة كانت مركزًا حيويًا ومتكاملًا في أواخر العصر البطلمي.

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

إعلان

إعلان