عكاز الإنسانية.. قصة طفل يرافق جاره الكفيف للمسجد منذ 6 سنوات بالإسماعيلية
كتب : مصراوي
الطفل محمود أحمد نافع
الإسماعيلية – أميرة يوسف:
قبل كل صلاة، حتى في برد الفجر القارس، يضبط محمود منبه هاتفه، ينزل مسرعًا إلى الشارع، ويقف في مكانه المعتاد. ينتظر خطوات جاره الشيخ الكفيف، وحين يراه قادمًا يمد يده بثقة، فيمسكها الشيخ مطمئنًا كمن وجد "العكاز الذي لا ينكسر". مشهد يتكرر خمس مرات يوميًا، نسج خيوط قصة إنسانية فريدة بالإسماعيلية بطلها طفل لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره.
هذه الرحلة اليومية التي وثقها مقطع فيديو وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، ليست وليدة الصدفة. إنها صداقة استمرت لست سنوات كاملة، بدأت بتوجيه من أم حكيمة، وتحولت إلى التزام راسخ من طفل أصبح يرى في جاره معلمًا، وفي طريقه إلى المسجد، طريقًا إلى النور.
"الصلاة هي مفتاح الحياة"
يحكي محمود أحمد نافع، الطالب بالصف الثاني الإعدادي، أن القصة بدأت حين كان في السابعة من عمره، عندما طلبت منه والدته أن يساعد جارهما الكفيف في الوصول إلى المسجد. ما بدأ كتكليف بسيط، سرعان ما أصبح عادة، ثم التزامًا عميقًا. يقول محمود: "الشيخ لم يكن مجرد جار يحتاج للمساعدة، بل كان معلمًا يردد لي دائمًا: الصلاة هي مفتاح الحياة".
هذه الكلمات البسيطة كانت الشرارة التي أشعلت في قلب محمود حب المسجد، حتى أصبح يلتزم بالصلوات الخمس في أوقاتها، بل ويؤذن أحيانًا في مسجد "الرحمن" بالمنطقة الخامسة حيث يسكن. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد وجهه الشيخ إلى من يحفّظه القرآن الكريم، ليبدأ رحلة جديدة مع كتاب الله.
حكاية وثقها فيديو وأحلام كبيرة
مقطع الفيديو الذي التقطته إحدى الجارات، أظهر للعالم لمحة من هذا المشهد اليومي، وأثار تفاعلًا واسعًا أشاد بأخلاق الطفل ودعا لانتشار مثل هذه النماGذج. لكن خلف هذا المشهد، يحمل محمود أحلامًا كبيرة؛ يتمنى أن يقابل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وأن يذهب للحج مع والديه.
ست سنوات مرت، كبرت فيها يد محمود لكن قلبه ظل بنفس الصفاء، وظل جاره الكفيف يجد في خطواته الصغيرة سندًا لا يميل. لم تعد القصة مجرد مساعدة عابرة، بل أصبحت درسًا حيًا في الإنسانية والبر، وحكاية ملهمة عن "عكاز" صغير يحمل شيخًا كبيرًا إلى بيت الله.