لغز الإسكندرية القديم.. حكاية مومياء بـ"لسان من ذهب" -صورة
كتب : مصراوي
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
في قلب مدينة الإسكندرية، وبين شواهد ماضيها العريق، وقع كشف أثري في أواخر يناير 2021، أضاف فصلاً جديداً ومثيراً إلى سجل الحضارة المصرية، حيث لم يكن الاكتشاف مجرد مجموعة من المقابر، بل كان يخبئ بين طياته لغزاً يعود إلى نحو 2000 عام: مومياء بلسانٍ من ذهب خالص.
الكشف، الذي أعلنت عنه وزارة السياحة والآثار قبل أربع سنوات، جاء نتيجة عمل دؤوب للبعثة المصرية الدومينيكانية التابعة لجامعة سانتو دومنيغو، برئاسة عالمة الآثار كاثلين مارتينيز، في معبد تابوزيريس ماجنا بغرب الإسكندرية.
وعثر الفريق على 16 دفنة في مقابر منحوتة في الصخر من طراز "لوكلي"، والتي كانت شائعة خلال العصرين اليوناني والروماني، وبين هذه الدفنات، والتي كانت لعدد من المومياوات في حالة حفظ سيئة، برزت مومياء تستبدل لسانها المفقود بقطعة متلألئة من الذهب.
يُشير علماء الآثار إلى أن هذا الإجراء لم يكن محض ترف، بل كان له دلالة دينية عميقة، فبحسب المعتقدات المصرية القديمة، كان الهدف من هذا الذهب هو تمكين المتوفى من الحديث في الحياة الآخرة، والتحدث تحديداً إلى أوزوريس، إله البعث والحساب، ويفترض الباحثون أن اللسان الأصلي للشخص أُزيل أثناء عملية التحنيط واستُبدل بالجسم الذهبي كـ"استعداد أبدي".
إلى جانب المومياء الذهبية، عُثر على لُقى أثرية ثمينة أخرى، منها قناع جنائزي لسيدة، و8 رقائق ذهبية تمثل وريقات إكليل، و8 أقنعة من الرخام تعود إلى العصرين اليوناني والروماني، والتي أظهرت دقة عالية في تصوير ملامح أصحابها.
وعلى الرغم من تدهور حالة المومياوات، إلا أن الأقنعة الجنائزية الحجرية بقيت سليمة، مانحةً الفريق لمحة عن شكل هؤلاء الأشخاص في حياتهم.
فك شفرة المومياء
وفي محاولة لفك شفرة هذه المومياء الفريدة، أكد علماء الآثار أنها لامرأة، وتشير طريقة الدفن والقطع الأثرية المحيطة بمقبرة هذه المرأة إلى أنها دُفنت في فترة امتزجت فيها التأثيرات الثقافية المصرية واليونانية الرومانية، مما خلق فترةً استمرت فيها عادات الدفن المصرية التقليدية جنبًا إلى جنب مع التأثيرات اليونانية والرومانية لذلك، يُعتقد أنها عاشت في فترة ما خلال العصر البطلمي - اليوناني الروماني.
نظرًا لسوء حالة الحفظ، لم يتمكن علماء الآثار من تحديد اسمها أو مكانتها أو سبب وفاتها، ومع ذلك، فإن وجود اللسان الذهبي يشير إلى أنها ربما كانت شخصيةً ذات شأن، أو على الأقل، كانت ذات صلة بالثراء، قادرةً على تحمل تكاليف دفنٍ فاخر، وبالنظر إلى أن الدفن كان في موقع معبد، وهو ما كان له أهمية دينية وسياسية كبيرة، فقد يعني هذا أن المرأة كانت كاهنة أو كانت لها صلات بالمعبد.
من جانبها، أوضحت سليمة إكرام، عالمة المصريات وأستاذة علم المصريات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، فى تصريح سابق لها، أن تكون المومياء التي تحمل اللسان الذهبي تعود لـ"فرعون"، مؤكدةً في الوقت ذاته أنها كانت تتمتع بـ"مكانة عالية بالتأكيد في المجتمع".
وأضافت إكرام أن "التذهيب بين الملوك وبعض النخبة كان شائعًا جدًا من العصر البطلمي إلى العصر الروماني، حيث كانت الأيدي والأظافر وحتى الوجوه تُذهب"، مما يضع صاحب هذا اللسان في مصاف النخبة المميزة.
لماذا كان لسانها ذهبيًا؟
في النصوص الدينية المصرية، وُصفت الآلهة بأنها ذات بشرة ذهبية، وعظام فضية، وشعر لازوردي، وتُصوّر العديد من نقوش المعابد والتماثيل آلهةً بأجساد ذهبية، مما يُبرز طبيعتها الإلهية، وعلى عكس المعادن الأخرى، لا يصدأ الذهب أو يتلف بمرور الوقت، واعتبره المصريون رمزًا لخلود الآلهة وجوهرهم الإلهي وقد أثر هذا الاعتقاد على عادات الدفن.
وكما هو معروف، آمن المصريون القدماء بإعداد الموتى للحياة الآخرة، ويُرجَّح العلماء أن تميمة اللسان الذهبي أو الرقاقة المعدنية وُضعت في فم المومياء لتمكين المتوفاة من التحدث بعد الموت، وتحديدًا مع آلهة العالم السفلي، وخاصةً حاكمه، الإله أوزوريس، لهذا كان اللسان الذهبي يُزيِّن كلامها، ويسمح لها بالتحدث بثقة "ذهبية" مُلهمة إلهيًا أثناء محاكمة روحها، ضامنًا لها عبورًا آمنًا إلى عالم السماء، المعروف لدى المصريين باسم "حقل القصب".