إعلان

رحلة "نور" الأخيرة.. القصة الكاملة لغرق شاب في خندق المكس بالإسكندرية (صور)

07:21 م الأحد 26 نوفمبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الإسكندرية – محمد البدري:

لم يكن يعلم الشاب "نور سعيد" أنه سيخوض رحلته البحرية الأخيرة قبل أن تنتهي حياته غرقًا إثر سقوطه في المياه بشكل مفاجئ من المركب الذي كان يعمل عليه في منطقة المكس غربي الإسكندرية، ليختفي بعدها وتبدأ رحلة البحث عنه لمدة أربعة أيام حتى العثور على جثمانه.

الوداع الأخير

كانت الساعة تشير إلى الخامسة مساءً من يوم الأحد الماضي، عندما انتهى "نور" من توديع بعض الزبائن من هواة الصيد الذين رافقهم في رحلة بحرية استأجروا خلالها المركب لممارسة هوايتهم المفضلة، اتجه بعدها إلى المرسى لإنهاء عمله، غير أن القدر شاء أن يصاب بحالة إعياء تسببت في سقوطه بالماء قبل أن يلاحظه زملاؤه العاملون على المراكب الأخرى بسبب صعوبة الرؤية في المساء، ورغم محاولات البحث عنه، إلا أن الظلام حال دون العثور عليه، وفق روايات الأهالي.

على مقربة من الساحل الشمالي الغربي في الإسكندرية، تجمع مئات الصيادين مستقلين مراكبهم الصغيرة في ممر المكس المائي الذي يربط بين ترعة المحمودية وساحل البحر المتوسط، يتذكرون اللحظات الأخيرة في محاولات إنقاذ حياة زميل مهنتهم، بعد سقوطه بشكل مفاجئ في الماء، لتختفي جثته أسفل المياه التي كانت تفوقهم قوة بسبب شدة التيار، تزامنًا مع حالة الطقس السيئة التي شهدتها الإسكندرية.

حالة مَرضية

"الأمر كان مفاجئًا.. و"نور" كان يعاني من حالة مرضية تصيبه بنوبة تشنجات من حين إلى آخر، وهذا ما حدث له على المركب".. هكذا أكد الريس أحمد شمس، صاحب المركب التي عمل عليها الشاب الغريق على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، مضيفًا أن الأمر حدث أثناء إنهاء الأخير يوم عمله واتجاهه بالمركب إلى المرسى بالممر المائي.

محبوب من الجميع

وقال "شمس" في حديثه لـ "مصراوي": نور كان شابًا طيبًا جدًا وحسن الخلق، محبوبًا من كل الصيادين، خصوصًا أن وظيفته كانت تعتمد على مساعدة مَن على المركب، سواء من زملائه أثناء رحلات الصيد، أو من الزبائن الذين يستأجرون المراكب للخروج في رحلات بحرية لصيد الأسماك.

العائل الوحيد لأسرته

وأضاف شمس أن نور، ذا التسعة والعشرين عامًا، حاصل على ليسانس آداب، متزوج وله من الأبناء طفلة صغيرة، قرر الاستقلال بحياته عن والديه، غير أن ذلك لم يؤثر على المودة والحب بينهم، مبينًا أنه كان يعمل بكل طاقته لتوفير حياة كريمة لأسرته الصغيرة، والتي لا يعلم أحد سوى الله كيف سيكون مصيرهم بعد رحيل العائل الوحيد لهم. 

محاولات إنقاذه

والتقط أطراف الحديث "الريس محمد اليباني" صاحب إحدى المراكب في منطقة المكس، والذي ساقه القدر ليكون آخر من حاولوا إنقاذ "نور" قبل وفاته، قائلا: كنت على مركبي في نهاية يوم العمل على بُعد حوالي 200 متر من مركب "نور" وبسبب الظلام لم أنتبه لما حدث إلا بعد تعالي صيحات بعض الأشخاص على البر الذين لاحظوا سقوطه، وبادر عدد منهم بالقفز في المياه الضحلة لإنقاذه، إلا أن تيار المجرى المائي كان أقوى من الجميع، خاصة أنه يعد مصبًا رئيسًا في مياه البحر.

وأضاف "اليباني": اقتربت من موقعه قدر ما استطعت ولمحت جثمانه يجرفه التيار، وحاولت الإمساك به ولكن دون جدوى، إذ كان في حالة تشنج أثقلت جسده، حتى اختفى تمامًا رغم جهود كل الصيادين".

وأشار إلى أنه جرى إبلاغ السلطات المختصة والإنقاذ النهري أثناء رحلة البحث عن جثمانه بعد أن فقد زملاؤه الأمل في بقائه على قيد الحياة، بينما اتجه عدد من الصيادين إلى نقطة مصب المجرى المائي في مياه البحر أملاً في عدم فقدان جثمانه إلى الأبد حال انجرافه إلى سواحل البحر المتوسط".

وتابع، أن صيادي المنطقة قضوا 4 ليال في حالة من الحزن الشديد على فقدان "نور" خاصة مع صعوبة البحث عنه بعد توقف أغلب عمليات الإبحار، نتيجة لسوء الطقس في "النوة" التي تعرضت لها الإسكندرية الأسبوع الماضي، حتى شاءت الأقدار أن يعثر عليه أحد الصيادين فجر الخميس الماضي.

شباك صيد قديمة أظهرت الجثمان

يقول "اليباني": فجر يوم الخميس الماضي علقت إحدى المراكب في شباك صيد قديمة بالقرب من أحد جوانب المجرى المائي، وعلى بعد أمتار من نقطة التقاء ماء المجرى بمياه البحر، وعند محاولة أحد الصيادين النزول لسحبها، فوجئ بأن جثمان "نور" كان عالقًا أسفلها في العمق وبدأ بالصياح لمساعدته.

وزاد: "ربنا أراد أنه ميضعش في البحر علشان أهله يودعوه الوداع الأخير، وتم إبلاغ السلطات المختصة لتولي مسؤولية انتشال الجثمان".

وأكد عدد من الصيادين بالمنطقة أنهم يحاولون بكل الطرق مساعدة أسرته الصغيرة، بأي طريقة لضمان حياة كريمة لهم، مناشدين الجهات المعنية باتخاذ ما يلزم لدعمهم.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان