قبل السودان.. 3 خطوط حمراء فرضتها مصر وغيرت المشهد
كتب : مصراوي
الرئيس عبد الفتاح السيسي
مصراوي
منذ توليه رئاسة مصر في يونيو 2014، فرض الرئيس عبد الفتاح السيسي "خطوطا حمراء" لا يمكن تجاوزها في عدد من الملفات الخارجية الحساسة، على وجه الخصوص، أبرزها ليبيا والسودان وقطاع غزة، حيث جرى التأكيد رسميًا على أن المساس بهذه القضايا يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري.
وأسهمت هذه التصريحات المتكررة المتعلقة بـ"الخطوط الحمراء"، التي طرحها السيسي، في إعادة رسم موازين الردع الإقليمي، إذ حدّت من احتمالات التصعيد العسكري المباشر، لكنها في الوقت ذاته أثارت ردود فعل إقليمية متباينة من أطراف فاعلة، مثل تركيا وخليفة حفتر ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) وإسرائيل.
خطوط حمراء في ليبيا
في يونيو 2020، أعلن الرئيس السيسي خطًا أحمر رئيسيًا، خلال تفقده المنطقة الغربية العسكرية، محددًا محور سرت–الجفرة (مدينة سرت الساحلية وقاعدة الجفرة الجوية) كحدود لا يجب تجاوزها من قبل قوات حكومة الوفاق الوطني (GNA) المدعومة من تركيا، لما يمثله ذلك من تهديد لأمن الحدود الغربية المصرية وفتح الباب أمام الإرهاب والميليشيات.
وأكد السيسي حينها أن أي تقدم نحو هذا الخط يُعد "خطًا أحمر لأمن مصر القومي"، داعيًا إلى وقف فوري لإطلاق النار عند نقاط الاشتباك، ومعلنًا استعداد مصر لتدريب شباب القبائل الليبية تحت إشراف شيوخها للدفاع عن ليبيا، إلى جانب المطالبة بسحب القوات الأجنبية.
واعتبرت أنقرة في ذلك الوقت تصريحات السيسي بشأن الخطوط الحمراء "إعلان حرب"، وتوعدت بالتصدي لها، مع قيام وفد تركي رفيع بزيارة طرابلس لتعزيز الشراكة العسكرية. وأسفر ذلك عن تجميد التقدم نحو سرت مؤقتًا، إلا أن التوتر استمر، ولم تتمكن تركيا أو قوات حكومة الوفاق المدعومة منها من التقدم نحو سرت، رغم اعتبارها تلك التصريحات تصعيدًا.

خطوط حمراء في غزة
منذ اندلاع التوترات الأخيرة في قطاع غزة، أكدت مصر بشكل رسمي ومتكرر من خلال خطابات الرئيس السيسي أن تهجير الغزاويين بالنسبة لمصر خط أحمر لن نقبل به ولن نسمح به. كما أكدت تصريحات وزارة الخارجية أن تهجير الفلسطينيين تحت أي مسمى يشكل خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه، معتبرةً أي محاولة لإخلاء سكان غزة تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الفلسطيني والمصري على حد سواء.
وشددت مصر على أن أي تهجير يتعارض مع القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، ويشكل تهديدًا خطيرًا للقضية الفلسطينية، كما يمثل انتهاكًا لاتفاقيات السلام وقرارات الأمم المتحدة. في هذا السياق، أكدت تصريحات المسؤولين المصريين أن موقف القاهرة يهدف إلى حماية سكان غزة ومنع أي خطوة قد تؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية أو تفريغ القطاع من أهله.
وتعكس هذه السياسة المصرية سلسلة تحركات دبلوماسية، بما في ذلك استضافة قمة السلام في القاهرة وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية، مع رفض أي ضغوط إسرائيلية لإخلاء غزة نحو سيناء. وتؤكد مصر من خلال هذه المواقف على ثباتها في دعم الفلسطينيين ورفض أي محاولات للتهجير، معتبرة ذلك جزءًا من مسؤوليتها التاريخية والإقليمية في حماية حقوق الشعب الفلسطيني.
خط أحمر لإثيوبيا
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر ترفض أي إجراءات أحادية تتعلق بمياه نهر النيل، مشددًا على أن حقوق مصر المائية "خط أحمر" لا يمكن تجاوزه. وأضاف أن من يظن أن مصر ستغض الطرف عن حصتها من مياه النيل "مخطئ تمامًا"، مشيرًا إلى أن قضية المياه بالنسبة لمصر هي قضية وجود وحياة.
أوضح الرئيس أن مصر لا تمتلك مصادر بديلة للمياه ولا تعتمد على الأمطار، ما يجعل ملف نهر النيل مسألة وجودية، وليس فقط سياسية أو تنموية. وقال: "نحن لا نرفض التنمية في دول حوض النيل، بل نؤيدها، لكن بشرط ألا يكون لها أي تأثير سلبي على حصتنا المائية".
أشار السيسي إلى أن إجمالي حجم المياه المتدفقة في حوض النيل يبلغ نحو 1600 مليار متر مكعب، بينما تحصل مصر والسودان على نسبة لا تتجاوز 4% فقط، مؤكدًا أن ذلك يبرز حجم التحديات التي تواجهها مصر في هذا الملف.

الخطوط الحمراء في السودان
واليوم، وضعت مصر خطًا أحمر جديدا وأكدت أن أي مساس بوحدة الأراضي السودانية أو بمؤسسات الدولة الشرعية يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي لمصر، وأن أي محاولة لتغيير الحدود أو التأثير على سيادة السودان لن يتم التسامح معها.
جاءت هذه التحذيرات 18 ديسمبر 2025، بمناسبة زيارة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس السيادي الانتقالي السوداني، إلى مصر. وأوضح البيان الصحفي للرئاسة المصرية أن مصر تؤكد على دعمها الكامل لرؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخاصة بتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في السودان، ضمن إطار تسوية النزاعات وتجنب التصعيد.
وأعلنت الرئاسة المصرية أن مصر تابعت بقلق بالغ استمرار حالة التصعيد والتوتر في السودان وما نتج عنها من انتهاكات جسيمة لحقوق المدنيين، خاصة في الفاشر. وتؤكد مصر أن هناك خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها، إذ يرتبط الأمن القومي المصري ارتباطًا مباشرًا بالأمن القومي السوداني، وحددتها في: الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم السماح بانفصال أي جزء من أراضيه، والرفض التام لإنشاء كيانات موازية في السودان، إضافة إلى الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ومنع المساس بها.
وأكدت مصر حقها الكامل في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة وفق القانون الدولي واتفاقية الدفاع المشترك مع السودان لضمان احترام هذه الخطوط.