إعلان

أزمة إدلب تختبر العلاقة بين أردوغان وبوتين

03:00 م الخميس 06 فبراير 2020

الرئيس الروسي فلادمير بوتين والتركي رجب اردوغان في

أنقرة/موسكو- (أ ف ب):

تهدد المعارك الدموية التي دارت بين الجيش التركي والقوات السورية في شمال-غرب سوريا، بوضع حد لـ"شهر العسل" بين تركيا وروسيا الداعمة لدمشق، ولو أنه يتوقع أن تتجنب الدولتان الوصول إلى حالة الطلاق.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اقترب من روسيا وأنشأ مع رئيسها فلاديمير بوتين علاقة شخصية وثيقة عقب نجاته من محاولة انقلاب في 2016 تلاها قمع واسع انتقده الغرب.

في خضم ذلك، تحوّلت سوريا حيث تدعم موسكو نظام الرئيس بشار الأسد فيما تولي أنقرة دعمها لبعض فصائل المعارضة، إلى ملف بارز لتعزيز التعاون بين العاصمتين برغم المصالح المتباينة.

بيد أنّ هذه العلاقة التي يصفها إردوغان ب"الإستراتيجية" تختل منذ عدة أسابيع نتيجة تدهور المشهد في شمال-غرب سوريا، ولكن أيضاً نتيجة خلافات أنقرة وموسكو في ليبيا حيث تدعم العاصمتان أطرافا متنازعة.

وازداد التوتر الاثنين، حين استهدفت المدفعية السورية مواقع تركية في محافظة إدلب، ما اسفر عن ثمانية قتلى. وردّت أنقرة فوراً بقصف قوات النظام، في تطور أودى بحياة 13 جنديا سوريا على الاقل.

وبينما وجّه إردوغان إنذاره إلى دمشق، فإنّه حثّ روسيا على بذل المزيد من الجهود للجم النظام السوري، كما حذّر الأربعاء من أنّ أنقرة ستردّ على أي اعتداء جديد من دون تنبيه موسكو.

ويرى امري كايا، الباحث في مركز "إدام" في اسطنبول في حديث إلى فرانس برس، أنّ "التصعيد في إدلب سيختبر متانة العلاقات بين إردوغان وبوتين... لم يعد بمقدورنا الحديث عن شهر عسل بين هذين الرجلين النافذين".

ويعتبر كايا أنّه حتى لو كان إردوغان يهاجم دمشق بشكل خاص "فالبصمات الروسية حاضرة ميدانياً"، مشيراً إلى انّ وحدات سورية تقود الهجوم في إدلب "درّبتها وأعدّتها" موسكو.

"السياسة الواقعية"

ستكون مسألة إدلب أشبه بمعادلة عصية على الحل طالما يتعذر التوفيق بين مصالح موسكو وأنقرة.

وفي الواقع، يظهر النظام السوري مصمما على استعادة آخر معقل متمرد على سلطته، في وقت أنّ انقرة تعارض أي هجوم واسع النطاق من شأنه إثارة موجة هجرة جديدة باتجاه تركيا.

والأربعاء، أمهل إردوغان النظام حتى نهاية فبراير للانسحاب من بعض المواقع ضمن إدلب، مهدداً باللجوء إلى القوة في حال عدم امتثاله.

ويذكّر هذا المشهد بتعقيدات العلاقة بين تركيا وروسيا اللتان قامتا على أنقاض امبراطوريتين لطالما كانتا متنافستين واتصفت علاقاتهما تقليدياً بالريبة المتبادلة.

واندلعت أزمة دبلوماسية خطيرة بينهما في 2015 حين اسقطت مقاتلات تركية مقاتلة روسية فوق الحدود مع سوريا.

غير أنّ المحللين يستبعدون أزمة مماثلة طالما أنّ المصالح المتبادلة متينة في عدة مجالات، من الطاقة إلى الدفاع والتجارة.

وتقول جنى جبّور، الخبيرة في السياسة الخارجية التركية في معهد العلوم السياسية بباريس، إنّ "أنقرة وموسكو مضطرتان إلى التعاون والحفاظ على علاقات جيدة، لأّن الدولتين مترابطتين اقتصادياً".

وتعتبر جبّور أنّ "الدولتين ستعرفان كيفية التفريق بين توترات ’موضعية’ وبين الحفاظ على تعاونهما في مجالات رئيسة، خاصة الطاقة والدفاع"، مشيرة إلى أنّ انقرة وموسكو "تفضّلان السياسة الواقعية والبراغماتية على صعيد إدارة علاقاتهما".

تقارب بين تركيا والولايات المتحدة؟

وعلى أي حال، فإنّ إردوغان لفت الثلاثاء إلى أنّه لا يرى مصلحة في "الشروع بمواجهة واسعة النطاق مع روسيا"، مشدداً على "عدة مبادرات (روسية-تركية) إستراتيجية".

واستبعد الرئيس التركي بشكل خاص أية إعادة نظر في صفقة شراء أنقرة منظومة اس-400 الروسية، وهي عملية أغضبت شركاءها ضمن حلف شمال الأطلسي.

والخميس، دعت تركيا روسيا إلى التحرك لوقف هجوم القوات السورية على محافظة ادلب "في اسرع وقت ممكن". وصرّح وزير خارجيتها مولود تشاوش اوغلو للصحافيين في باكو عاصمة اذربيجان أن وفدا من روسيا سيزور تركيا لاجراء مزيد من المحادثات.

كما أشار إلى أن الرئيس التركي ونظيره الروسي يمكن ان يلتقيا "اذا لزم الأمر، مضيفا "يجب ان نواصل العمل مع روسيا. اذا كنا سنحل المشاكل هناك، فسنحلها معا".

ولكن برغم المسافة المأخوذة مع الغرب والتقارب مع روسيا، فإنّ انقرة ترفض أي اصطفاف إلى جانب موسكو، وتؤكد على رغبتها في اتباع سياسة خارجية مستقلة بمقدورها التأرجح بين معسكر وآخر وفقاً للمصالح.

وفي أعقاب المواجهات في إدلب، أتت واشنطن بدعم نادر لصالح أنقرة، وهو ما رأى فيه مراقبون دعوة ضمنية لتركيا للعودة إلى حظيرة الغرب.

ويعتبر امري كايا أنّ التصعيد الأخير "يقدّم فرصة مهمة للتقارب بين تركيا والولايات المتحدة، وربما للتقارب مع حلفاء آخرين في حلف شمال الأطلسي".

لكن برغم ذلك، "ثمة ايضا تباين في الرؤى بين أنقرة وواشنطن بشأن مصير المنطقة"، وفق كايا الذي يوضح أنّه "في الوقت الذي يقوم هدف أنقرة الرئيسي على تجنب تدف موجة جديدة من اللاجئين (باتجاهها)، فإنّ واشنطن تعطي الأولوية لإنهاء الكيانات الإرهابية" في إدلب.

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك: