إعلان

لماذا يؤمن معظم الناس بنظرية المؤامرة؟

09:57 ص الأربعاء 13 فبراير 2019

أرشيفية

لندن (بي بي سي)

هل كانت هيلاري كلينتون وراء تهريب أطفال من مطعم للبيتزا في واشنطن؟ الجواب: لا.

هل نفذ جورج دبليو بوش مؤامرة تدمير برجي التجارة العالميين وقتل الآلاف في عام 2001؟ الجواب أيضا لا.

إذاً، لماذا يؤمن البعض بأنهما قاما بذلك؟ وماذا تخبرنا نظريات المؤامرة عن رؤيتنا؟

لا تعد نظريات المؤامرة ظاهرة جديدة. فهي تخطر في أذهاننا بشكل مستمر منذ 100 عام على الأقل على حد قول جو أوسينسكي، مؤلف كتاب "نظريات المؤامرة الأمريكية"، وهي شائعةأكثر مما نظن.

يقول أوسينسكي: " كل شخص منا يؤمن بنظرية واحدة على الأقل أو ربما ببضع نظريات"، ويضيف: "والسبب بسيط، هناك عدد غير محدود من نظريات المؤامرة، وإذا كنا سنطلع عليها جميعها، فكل واحد منا سيرى نفسه مؤمناً بإحداها".

هذا ليس غريباً على الولايات المتحدة. ففي عام 2015، توصلت جامعة كامبرديج إلى أن أكثر من نصف البريطانيين وافقوا على الأقل على واحدة من قائمة تضم خمس نظريات مؤامرة، وكانت هذه النظريات تتراوح ما بين وجود مجموعة سرية تتحكم في الأحداث العالمية، إلى مجموعة أخرى تؤمن بالكائنات الفضائية.

هذا يؤكد على أن من يؤمن بنظرية المؤامرة هم من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية ومن كلا الجنسين بحسب البروفيسور كريس فرنتش، عالم النفس بجامعة غولدسميث في لندن.

ومهما كان موقعك من قضية ما، فهناك احتمال أن ترى مؤامرات تُحاك ضدك.

"قد يكون هناك أناس يعتقدون بأن بوش قام بتفجير برجي التجارة العالمي، وأغلب هؤلاء هم من انصار الحزب الديمقراطي، أو يعتقد البعض أن أوباما قام بتزوير شهادة ميلاده، وغالبا هم من الجمهوريين، لكن الأمر يتعلق بعدد هؤلاء داخل كل حزب".

نظريات المؤامرة

أجبرت نظرية المؤامرة التي تقول بأن الهبوط على سطح القمر كان وهماً، الجهات المعنية إلى تقديم تفسيرات مفصلة تدحض هذه المزاعم.

كما أن ادعاءات استبدال مجرم الحرب النازي رودولف هيس، بشبيه له في السجن تم دحضها عن طريق إجراء فحص الحمض النووي لشخص قريب منه.

وواجه الفنانون بيونسيه وبول مكارتني وأفريل لافين شائعات بأنهم ليسوا إلا نسخاً عن شخصياتهم الأصلية.

ومن بين بعض ما انتشر من نظريات وادعاءات، وجود مجموعة غامضة تدعى "إلوميناتي" تسيطر على العالم، وأن أعضاءها من المشاهير والسياسيين.

ولفهم سبب انجذابنا إلى فكرة تحكم قوى غامضة في الأحداث السياسية، نحتاج إلى التفكير في العقلية التي تقف وراء نظريات المؤامرة.

ويقول البروفيسور فرنتش: "نحن جيدون جدا في التعرف على الأنماط والانتظام، لكننا نتمادى أحياناً ونظن أننا ندرك معنى وأهمية الأشياء في الوقت الذي لا يوجد شيء من هذا القبيل".

"كما نفترض أنه عندما يحدث شيء ما، إنما يحدث لأن شخصًا ما أو شيئاً ما تسبب في ذلك لغاية ما".

ومن حيث المبدأ، نرى بعض المصادفات المتعلقة ببعض الأحداث الكبرى ونختلق قصة منها، لتتحول هذه القصة إلى نظرية مؤامرة، فيها الأخيار والأشرار، وأن الأشرار هم المسؤولون عن كل الأشياء التي نكرهها.

لوم الساسة

يقول لاري بارتلز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة فاندربيلت: "غالبا ما نلقي باللوم على السياسيين في الأحداث السيئة، حتى عندما تكون تلك الأحداث خارجة عن سيطرتهم".

ويتابع: "سيكافئ الناس أو يعاقب الحكومة بشكل أعمى عن الأمور الجيدة أو السيئة دون أن يكون لديهم أدنى فهم حول ما إذا كانت سياسات الحكومة مسؤولة عن ذلك".

هذا صحيح حتى عندما تسوء الأمور التي لا يد للحكومة فيها.

ويقول بارتلز: "أحد الأمثلة التي أمعنا النظر فيها، كانت سلسلة من هجمات سمك القرش قبالة سواحل نيو جيرسي عام 1916، وكان ذلك أساساً لفيلم "الفك"، ووجدنا أنه كان هناك انخفاض كبير في شعبية الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون، في المناطق التي شهدت أكبر عدد من هجمات القرش".

وفي المملكة المتحدة، أدى الاستفتاء على بريكست (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) إلى بروز مجموعتين أحدهما مؤيدة والأخرى معارضة للخروج من الاتحاد الأوروبي.

وتقول سارة هوبولت من كلية لندن للاقتصاد: "يشعر الناس بانتمائهم إلى مجموعتهم، لكن هذا يعني أيضاً شعورهم بالعداء تجاه أعضاء المجموعة الأخرى".

ويفسر مؤيدو البقاء في الاتحاد الأوروبي ومعارضوه الأشياء بطريقة مختلفة، ففي بعض الأحيان، عند مواجهتهم بحقائق اقتصادية واحدة، يزداد احتمال أن يقول معارضو بريكست بأن الوضع الاقتصادي سيء، بعكس مؤيديه الذين يقولون بأن الوضع جيد.

وتقول هوبولت: "إن الذين أيدوا بريكست في الفترة التي سبقت الاستفتاء، ظنوا أنهم سيخسرون و رجحوا إمكانية تزوير النتائج، لكنهم غيروا موقفهم بعد إعلان النتائج التي خسر فيها المعارضون.

لا حلول

قد لا يكون من دواعي السرور أن تعلم أن نظريات المؤامرة متجذرة في التفكير السياسي.

يقول البروفيسور بارتيلز: "غالباً ما نكوّن معتقداتنا بطرق تدعم ما نريد أن يكون صحيحاً، والحصول على مزيد من المعلومات لن يغير من الأمر شيئاً".

"إن الأشخاص الأكثر عرضة لهذه الميول هم الذين يهتمون بأكبر قدر من الاهتمام".

وبالنسبة للكثيرين، لا يوجد سبب كبير يدعوهم الى زيادة معرفتهم السياسية لأن تصويتهم لن يؤثر على سياسات الحكومة.

ويقول البروفيسور بارتلس: "لا يكلفني شيئاً لو كنت مخطئاً في آرائي السياسية، فإذا كانت لدي قناعة بأن وودرو ويلسون كان بمقدوره أ،ن يمنع هجمات القرش، وهو مصدر راحة لي، فمن المرجح أن يكون العائد النفسي لهذه القناعة أكبر بكثير من أي خسارة قد أتعرض لها إذا كانت وجهات نظري خاطئة".

وفي النهاية، نريد أن نشعر بالراحة، لا أن نكون على صواب.

ولهذا السبب تظهر وتختفي نظريات مؤامرة معينة.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: