إعلان

الموت مرَّ من هنا.. تفاصيل دقائق الرعب والدماء على "مقهى العياط" (فيديو وصور)

09:41 م الأحد 24 ديسمبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – فتحي سليمان وسامح غيث:

تصوير - إسلام فاروق

تخفى كأنه شبح جاء ليرسم الحزن على وجوه أهالي القرية الطيبين، ضغط على الزناد، فخرجت الرصاصات تخترق أجساد أبنائهم، لتتركهم ما بين قتيل وجريح، نفذ برائحته الكريهة فخلف غضباً جثم على قلوب بعضهم، وغموضاً يأكل عقولهم أيضاً.

لم يكن مشهداً من فيلم أكشن، أو صراع بين فئتين في بؤرة توتر، إنما حدثاً غير معروف الدوافع والأسباب والجناة، غير أن المجني عليهم ثُلة من الضحايا اجتمعوا كعادتهم للهو فيما بينهم وتبادل أطراف الحديث كعادة ليست يومية حينما يتصادف أبناء العمومة، لكن قدرهم أساء النهاية فأوقعهم ضحايا بين قتيل وجريح، على يد مجهول.

غموض الحادث الذي وضع علامات استفهام فوق وجوه جميع أهالي قرية العامرية التابعة لمركز العياط جنوب محافظة الجيزة، كان مُحيراً أيضاً لرجال الأمن، فالقرية التي لا يتخطى عدد سكانها 6 آلاف نسمة، معروفون فيما بينهم، منذ الجدود، فلا خلافات ثأرية، أو طائفية بين قطبيها "مسلمين وأقباط"، دخل الرصاص جسد ثمانية ليُخلف قتيلين و6 مصابين، ومئات الغاضبين.

خرج "حمادة رضا" من منزله الملاصق لمقهى أم كلثوم، بعد صلاة العشاء، والتقي مع أبناء عمومته، الذين كانوا يجلسون بانتظاره، يرتشفون أكواب الشاي الساخنة، يستدفئون بها من "لسعات" البرد القارسة في بداية ليلة شديدة البرودة، لكن نهايتها أصبحت ساخنة الأحداث.

جلس أسامة، ورضا، وحماده، وبدر، ومحمد، وإسلام، ومحمود، وعيد، وأحمد، متجاورين، على حافة الترعة في الناحية المقابلة للمقهى في حلقة دائرية يتهامسون ويضحكون ويتحدثون فيما بينهم عن أمور خاصة بالأهل، وأخرى شخصية كحال آلاف الشباب ممن يجلسون على المقهى بعد يوم شاق قبل الذهاب إلى نومهم، لبدء يوم جديد.

"حوالي الساعة 8 ونص الحادثة حصلت".. لم يُمهل "الملثم" الذي يستقل دراجته البخارية، الجلسة أكثر من ساعة، ليفرقها في أقل من دقيقة بـ"وابل من الرصاص".. قالها "حمادة عيد"، شاب عشريني نجا من الهجوم لكنه ترك علامات الرصاص مخترقة لجسده.

يقول "حمادة" الذي استطاع بالكاد التحدث نظراً لإصابته بـ 3 طلقات: "كنا قاعدين ولقينا واحد وقف بالمكنة، وراح مطلع البندقية ورش على القعدة بتاعتنا، كلنا وقعنا في الأرض، ونزلنا على وشنا، وبعد كده محسناش بحاجه".

يرتعش "حمادة" الذي رفض الدخول إلى غرفته حُزناً على أصدقائه وأبناء عمومته، وألماً على إصابته بالرصاص في الكتف ومنطقة الصدر، ولم يستطع إكمال روايته.

"الله يخرب بيته معندوش ضمير .. دمر عيالنا".. تصف والدة "حمادة"، ببساطة لغتها وتفاصيل ما حدث قائلة: "فوجئت بأصوات رصاص بكثافة، أعقبها صوت صراخ واستغاثات، فسارعت لاستبيان الأمر ومعرفة مصدر الرصاص، وبمجرد ما طلعت من المنزل شوفت مُلثم واقف جنب موتوسيكل وماسك رشاش".

تضيف والدة حمادة: "كنت قاعده أنا وجوزي سمعت ضرب النار، بفتح الباب لقيت واحد ملثم ماسك رشاش قولت إرهابي إرهابي.. راح ضارب علينا الطلقات جت في الحيطة من بره وبسرعه لولا لحقنا نفسنا وسكينا الباب كنا موتنا.. ذنبهم ايه.. عملوا له إيه الشباب دول".

أمام المسجد المجاور للمقهى الذي شهد الأحداث؛ جلس محمود عيسى فرجاني، كبير أولاد صالح "عائلة الضحايا"، تبدو عليه علامات الحزن، والترقب أيضاً.. يتفحص الحاضرين.. لا شيء في الموجودين يشبه من غابوا.. يقترب من الجميع بخطوات متثاقلة.. يأبى الحديث مع الجميع إلا قليلاً فيقول: "لم أكن متواجداً وقت الحادث، وأخبرني به أحد الأهالي: "نفسي أعرف مين عمل كده.. عشان نأخد حقنا منه".

صمت "محمود" قليلاً، قبل أن تذرف عيناه بالدموع "منهم لله ذنبه إيه طفل عمره سنه يكبر مايلقيش أبوه.. لما يسأل بابا فين نقول له إيه؟" لافتاً إلى أن المتوفيين أسامة محمد عبدالله فرجاني، متزوج منذ عامين، ونجل خالته، رضا حامد مبروك صالح.

أحد شهود العيان، رفض ذكر اسمه، أوضح أن المتهم بعدما أطلق النيران على الضحايا، وإحدى السيدات التي استنجدت بهم لضبطه، عاود إطلاق النيران مرة أخرى على شاب حاول اللحاق به.

صفحة اليوم الدموي انتهت على مشهد الحزن الذي ارتسم على وجوه الجميع وكتبته صرخات الأهالي أثناء تشييع جثمان قتيلي القرية فتعالت الأصوات بحرقة تنادي الله وتناجيه بالقصاص: "ذنبهم إيه اللي ماتوا دول.. حسبي الله ونعم الوكيل.. عايزين حق اللى ماتوا غدر.. مش هنرتاح غير لما نشوف اللى قتلهم متعلق في المشنقة".

وقال الدكتور خالد مجاهد، المتحدث باسم وزارة الصحة، إن الهجوم المسلح الذي استهدف رواد مقهى بقرية العامرية بمركز العياط، أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 8 آخرين.

وأضاف مجاهد، في تصريحات خاصة لموقع مصراوي، أن المُصابين تم نقلهم إلى مستشفى العياط المركزي لتلقي العلاج اللازم.

ومازالت وزارة الداخلية تحاول فك طلاسم الحادث.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان