إعلان

أول زيارة بعد نفوق الفيلة "نعيمة".. جمهور حديقة الحيوان بين "سؤال وصدمة وحزن"

06:20 م الأربعاء 09 أكتوبر 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- عبدالله عويس:

لن تكون هناك رقصة أخرى للفيل "أبوزلومة"، لن يكون هناك زحام في محيط بيته. نفقت "نعيمة"، وغيب معها الصخب والاحتفالات ودهشة الأطفال والكبار على حد سواء، وفي أول أيام العمل بحديقة الحيوان بعد نفوق آخر فيل بها، كان السؤال قاسيًا وحزينا على لسان الأطفال "الفيل راح فين؟" والإجابة واحدة، تخرج من فم من عملوا معها بحزن "راحت وسابتنا".

ما إن وصل علي محمود إلى حديقة الحيوان، حتى سأل والده عن بيت الأسد والدب والفيل، زار الصغير تلك الحيوانات بسعادة بالغة، قبل أن يصدمه خبر نفوق آخر فيل بالحديقة، ولأن الصغير اعتاد رؤيتها شهريًا فقد كان الخبر قاسيًا عليه، وكان على الأب تهدئته: "الموضوع يبان سهل لكنه مؤلم، نعيمة تحديدًا ابني عارفها بالاسم وكان لما ييجي الحديقة يزورها ويأكلها".

علاقة الطفل المحدودة بالفيل أقل بكثير من علاقة الكلافين بها، هؤلاء الذين يقضون معها وقتا أطول من الذي يقضونه مع أولادهم، دخلوا في نوبة بكاء طويلة، فالعشرة لا تهون أبدًا، والفراق واحد.

"والله العظيم كإن مات لي عيل بالظبط، نعيمة كانت حنينة وبتسمع كلامي أكتر من عيالي كمان" قالها صالح إسماعيل الذي قضى مع نعيمة 15 عامًا، يجلس معها 10 ساعات يوميًا، رفقة عاملين آخرين، يطعمها ويسقيها ويغسل جسدها، يمازحها أمام جماهيرها، وتقدم له العروض التي يطلبها، ويكافئها آخر اليوم بطبق الأرز باللبن المخلوط بالعسل: "فهي حياة كاملة، كانت فاتحة بيتي والله، وعيطت عليها وهيا بتموت وكنت بصرخ كمان والناس بتهديني".

حياة كاملة، يقضيها العاملون مع الفيلة، ولذلك كان الفراق صعبًا ومؤلمًا على رجب حسن العامل الآخر، عاش مع نعمية منذ 24 عامًا، وكان بجوارها يوم نفوقها، ولم يتمالك نفسه من البكاء، وكذلك العمال الآخرون، كان الحزن جماعيًا والمشهد قاسيًا عليهم: "دخلنا عليها لقيناها راقدة على الأرض، والدكاترة جم وحاولوا بقدر الإمكان يعملوا ليها أي حاجة، بس كان خلاص ده قدرها ووقتها".

إلى جانب وجع الفراق، كان لنعيمة فضل على كل العاملين معها، فهي "نجمة" في المكان، ولها معجبوها ومريدوها، الذين يتوددون لها بقطعة بطاطا أو ثمرة معينة، أو حتى حزمة من البرسيم، ومع كل مرة يضع أحدهم في خرطومها طعامًا، يدفع قروشا بسيطة، تكون في آخر اليوم بضعة جنيهات تعين العاملين معها في حياتهم المعيشية، فالمرتبات في النهاية لن تكفي احتياجاتهم.

الحزن واحد لدى جميع العاملين مع نعيمة، غير أن محمد عبدالعزيز لا يطيق ذلك الحزن، فله معها أكثر من 30 عامًا، كانت تطيع أوامره، وتنفذ طلباته، وتبتهج لرؤيته، وحين يغيب عنها لإجازة أو مرض، بمجرد رؤيته تلف خرطومها حوله، علامة على حبها له: "وطبعا هي روح المكان والأطفال من لحظة دخولهم لخروجهم كانوا بيدوروا عليها ويجولها".

تقف سعاد أحمد وهدى غانم أمام بيت الفيل، تسأل السيدتان عن نعيمة، فيخبرها المارة أنها نفقت: "كان زمان في نادية وماتت وكريمة برضه ماتت من 3 سنين، ونعيمة بقى كانت آخر واحدة، وأنا كنت باجي أنا وصحبتي دي من صغرنا بس اتفاجئنا بموضوع وفاتها ده".

نفقت نعيمة جراء جلطة في القلب، وأعلنت الإدارة المركزية لحدائق الحيوان نفوقها الاثنين الماضي، ولأن الثلاثاء إجازة الحديقة، كان الأربعاء أول يوم للجمهور دون أن يروا فيه أنثى الفيل الأفريقي.

فيديو قد يعجبك: