"نيزك جبل كامل".. أسرار كونية محفورة في صحراء مصر الغربية (صور)
كتب : مصراوي
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
-
عرض 19 صورة
الوادي الجديد - محمد الباريسي:
وسط صحراء مصر الغربية وعلى الحدود مع السودان وليبيا، يرقد جبل "كامل" حاملاً بين طياته سرًا كونيًا عمره آلاف السنين. قصة بدأت بانفجار هائل في السماء وانتهت بفوهة فريدة أبهرت العلماء وجعلت المنطقة محمية طبيعية تضم شظايا من قلب الكون.
انطلق من أعماق الفضاء نيزك ضخم من منطقة الكويكبات الواقعة بين كوكبي المشتري والمريخ بسرعة مذهلة بلغت نحو 12 ألف كيلومتر في الساعة، ليخترق الغلاف الجوي للأرض ويصطدم بصحرائها الغربية، مخلفًا حفرة بقطر 45 مترًا وعمق 16 مترًا، جرى تسميتها بـ"فوهة كامل" نسبة إلى جبل كامل القريب منها.
وأوضح الدكتور جبيلي أبو الخير، أستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة الوادي الجديد، أن الحدث الكوني ظل مخفيًا لآلاف السنين حتى عام 2010، عندما لفتت صور التقطها برنامج "جوجل إيرث" انتباه الباحث الإيطالي فينتشنزو دي ميكيلي، الذي اكتشف وجود الفوهة على بعد كيلومترين شمال الحدود المصرية السودانية و116 كيلومترًا من الحدود الليبية.
وأجرى فريق مشترك بين مصر وإيطاليا معاينة ميدانية أكدت وجود الحفرة، فيما كشف الباحث الدكتور الحسيني محمد عن اكتشاف أكثر من 5 آلاف شظية من النيزك، تراوحت أوزانها بين جرامات قليلة و35 كيلوجرامًا، بلغ مجموعها نحو 800 كيلوجرام، بينما أكبر قطعة تزن 83 كيلوجرامًا، محفوظة الآن في المتحف الجيولوجي المصري. وأظهرت الدراسات أن النيزك كان يزن نحو 10 أطنان قبل ارتطامه بالأرض، ويتكون من 90% حديد و10% نيكل، ما يجعله مادة ثمينة لدراسة تكوينات الكواكب وباطن الأرض.
- خصوصية "فوهة كامل": بيئة تحاكي القمر والمريخ
أكد الدكتور الحسيني أن الفوهة واحدة من 15 حفرة نيزكية موثقة على الأرض، لكنها فريدة من نوعها، إذ حافظت بيئتها على حالة شبه مثالية نادرة، لا توجد إلا على القمر أو المريخ، حيث تتكون التربة المحيطة من طبقات حجر رملي وكوارتز آرنيت تعود للعصر الطباشيري، وأسفلها صخور من عصر ما قبل الكمبري.
وفي 25 مارس 2012، أصدر رئيس الوزراء المصري قرارًا باعتبار منطقة جبل كامل محمية طبيعية، وأوضح محمد بهنوس، مدير المحمية، أن الفوهة بمثابة "معمل طبيعي مفتوح يقدم للعالم فرصة نادرة لدراسة الكون وتاريخه".
كما تشير دلائل أثرية إلى أن المصريين القدماء استخدموا الحديد النيزكي في صناعات دقيقة، وأوضح محسن عبد المنعم، مدير الهيئة المصرية لتنشيط السياحة بالوادي الجديد، أن أشهر الأمثلة على ذلك هو خنجر الملك توت عنخ آمون المصنوع من الحديد النيزكي، ما يربط الحضارة المصرية بهذا الحدث الكوني الفريد.
ويرى الباحث الدكتور الحسيني أن دراسة مكونات النيزك تحمل بعدًا اقتصاديًا محتملًا، إذ قد تحتوي الرواسب المعدنية الناتجة عن ارتطام النيازك على أحجار كريمة أو معادن نادرة، ما يفتح المجال للاستثمار في المنطقة.
على الجانب السياحي، أكد خالد حسن، وكيل مكتب وزارة السياحة بالوادي الجديد، أن الموقع أصبح مركزًا لجذب السياح والباحثين، حيث تُنظم رحلات تعليمية وحملات توعية بيئية لتعريف الأجيال بأهمية المحمية ودورها في ربط مصر بالظواهر الكونية.
وفي 16 يناير 2025، أطلقت المحافظة متحفًا للتراث الطبيعي والبيئي يضم مقتنيات جيولوجية وأثرية نادرة، بما فيها معروضات خاصة بمحمية جبل كامل، بهدف تحويل الوادي الجديد إلى منصة عالمية للترويج لثرواته الطبيعية والجيولوجية.
بين أسرار الفضاء ورمال الصحراء المصرية، يقف جبل كامل شاهدًا على حدث كوني استثنائي يجمع بين العلم والتاريخ والجمال الطبيعي، ليصبح دعوة مفتوحة للعالم لاكتشاف جزء من مصر لم يُكشف بعد عن كل أسراره.