إعلان

تصريحات السفير البريطاني تشعل الجدل في العراق.. والحكومة تستدعيه احتجاجًا

كتب : مصراوي

03:50 م 11/08/2025

وزارة الخارجية العراقية

تابعنا على

القاهرة- مصراوي:

دخلت العلاقات العراقية البريطانية منعطفًا حادًا بعدما استدعت وزارة الخارجية العراقية، الأحد، السفير البريطاني في بغداد، عرفان صديق، وأبلغته اعتراضًا شديد اللهجة على خلفية تصريحات وصفتها الحكومة بـ"التدخل السافر في الشؤون الداخلية".

جاءت الخطوة في ظل ضغوط سياسية وشعبية واسعة، أعادت إلى الواجهة ملف الحشد الشعبي، أحد أكثر القضايا انقسامًا في العراق، بين مؤيد يراه ضمانة أمنية بعد الحرب على تنظيم داعش، ومعارض يعتبره تحديًا لسلطة الدولة ونفوذها، وسط تنامي الضغوط الغربية، ولا سيما الأمريكية والبريطانية.

أبلغ وكيل الوزارة للشؤون الثنائية، السفير محمد حسين بحر العلوم، السفير البريطاني، بأن تصريحاته حول "انتفاء الحاجة للحشد الشعبي" تمثل خرقًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، التي تُلزم الممثلين الدبلوماسيين باحترام قوانين الدولة المضيفة والامتناع عن التدخل في شؤونها، مؤكدًا ضرورة الامتناع عن أي تصريحات أو أنشطة مشابهة، مع الالتزام بدعم العلاقات الودية بين البلدين.

التصريحات التي فجّرت الأزمة قالها السفير البريطاني، الجمعة، خلال مقابلة تلفزيونية، قال فيها إن "جميع الفصائل المسلحة موجودة في الحشد الشعبي، وليس من الممكن أن يكون دور الحشد نفسه كما كان خلال الحرب ضد داعش"، مضيفًا أن انتهاء الحرب وانتفاء الحاجة للتحالف الدولي ينطبق أيضًا على الحشد الشعبي.

وجاءت ردود الفعل غاضبة، إذ قال الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، كتب على منصة "إكس" مطالبًا السفير بـ"معرفة حدوده"، مؤكدًا أن "العراق بلد ذو سيادة، وأجهزته الأمنية وفي مقدمتها الحشد الشعبي شأن داخلي".

فيما هدد عضو مجلس النواب عن تحالف الفتح، فالح الخزعلي، بطرد السفير البريطاني إذا استمر في التدخل، ومتهمًا إياه بإثارة الفتن في المناصب التي شغلها سابقًا في أذربيجان وإيران.

وقال الخزعلي في تدوينة له على منصة "إكس"، "السفير البريطاني عرفان صديق باكستاني الأصل اختصاصه فتنه في كل الدول التي فيها، سفير في أذربيجان 2015- 2018 وحدثت نزاعات بين إيران واذربيجان، وعمل سفير في إيران حدثت تظاهرات واتهم فيها، وحاليا في العراق عليه أن يلتزم بحدوده ولا يتدخل في الشأن العراقي والا نقدم طلب لطرده من العراق".

وحتى الآن لم تصدر السفارة البريطانية في العراق تعليقًا رسميًا.

وتأتي الأزمة الأخيرة تزامنًا مع نقاش برلماني محتدم حول مشروع قانون جديد لإعادة هيكلة الحشد وصلاحياته، وسط انقسام داخلي وضغوط غربية، خاصة من لندن وواشنطن، التي تحذر من مخاطر استمرار الجماعة المسلحة خارج سلطة الدولة.

ويرى مراقبون أن هذا التصعيد الدبلوماسي يكرس حقيقة أن ملف الحشد الشعبي لم يعد قضية داخلية بحتة، بل تحوّل إلى ورقة إقليمية ودولية، تتقاطع فيها اعتبارات السيادة الوطنية مع المخاوف الأمنية العابرة للحدود.

وفي الوقت ذاته تسعى الحكومة العراقية لحصر السلاح بيد الدولة، إذ شدد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على أنه "لا مبرر لوجود أي سلاح خارج المؤسسات الحكومية"، وربط بين استقرار الداخل وانفتاح البلاد على محيطها الدولي، معلنًا التزام حكومته بإنهاء وجود التحالف الدولي لمحاربة داعش بعد انتفاء الحاجة إليه.

وتزامنت تصريحات السوداني مع احتدام النقاش البرلماني بشأن مشروع قانون تنظيم الحشد الشعبي، المشروع الذي لا يزال يثير انقسامًا داخليًا، خصوصًا بعد انسحاب كتل سنية وكردية احتجاجًا على إدراجه في جدول الأعمال دون تحقيق توافق سياسي مسبق.

ويواجه مشروع القانون الذي استكمل البرلمان قراءته الثانية في يوليو الماضي، اعتراضات من أطراف ترى فيه محاولة لتعزيز استقلالية بعض الفصائل المسلحة وزيادة نفوذها، ما قد يخلق ازدواجية في القرار الأمني.

وأعربت اشنطن، التي تتابع المشهد عن كثب، عن تحفظات غير معلنة على المشروع، خشية أن يمنح الغطاء القانوني لفصائل موالية لإيران تعمل خارج نطاق التنسيق مع التحالف الدولي.

يشار إلى أن الحشد الشعبي العراقي تأسس عام 2014 بفتوى المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني لمواجهة تنظيم داعش، أضفى عليه شرعية شعبية وعسكرية واسعة.

وأقر البرلمان قانونًا لتنظيمه عام 2016، لكن محاولات دمجه في القوات النظامية منذ 2020 بقيت جزئية؛ إذ حافظت الفصائل على أسمائها وقياداتها وارتباطاتها السياسية، مع تقاسم مناطق النفوذ، ما أبقى الجدل قائمًا وأتاح المجال لتدخلات إقليمية ودولية.

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

إعلان

إعلان