إعلان

ليبيا بعد 7 سنوات من الثورة.. "اقتصاد متدهور" و"ثلاث حكومات"

12:17 م السبت 17 فبراير 2018

الأوضاع في ليبيا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- هشام عبدالخالق:

في 17 فبراير 2011، انطلق المتظاهرون في أرجاء ليبيا، تلبية لدعوة أحد نشطاء حقوق الإنسان ويُدعى "حسن الجهمي"، الذي أنشأ صفحة بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، للدعوة للمظاهرات في الذكرى الخامسة لأحداث مدينة بنغازي - التي راح ضحيتها 11 شخصًا وإصابة 35 آخرين - وللتخلص من الفقر والتعبير عن حقوق الشعب الطبيعية.

كانت تلك المظاهرات هي بداية الشرارة التي قُتل على إثرها الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، والذي كان موته بداية الخراب والدمار الذي حل بالدولة الأفريقية، وفي الذكرى السابعة لانطلاق المظاهرات، نستعرض فيما يلي أبرز الاختلافات في الواقع الليبي قبل وبعد الثورة:

- قبل الثورة:

الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية:

كانت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية قبل الثورة الليبية جيدة إلى حدٍ ما، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:

- كان استهلاك الكهرباء والمياه في البيوت مجانيًا، وسعر لتر البنزين لا يتجاوز 0.8 يورو.

- لم تكن البنوك الليبية تأخذ أي فوائد، ولا يدفع المواطن أي ضرائب، وجاءت الدولة الأفريقية في المرتبة الأخيرة من حيث الدول المدينة.

- كان سعر شراء السيارات في ليبيا هو نفس سعر شرائها من المصانع، وكانت الحكومة تدفع لكل طالب يريد إكمال دراسته في الخارج منحة شهريًا، وإذا حصل أي طالب على شهادة جامعية يتلقى راتبًا شهريًا حتى لو كان بلا عمل.

- إذا أراد الليبي أن يتزوج يحصل على قطعة أرض مجانية تصل إلى 150 مترا مربعا، أو مسكن والعرس مجاني، وتحصل كل عائلة ليبية مسجلة على 3000 يورو شهريًا، وكل عاطل عن العمل يحصل على 700 يورو شهريًا.

- الأوضاع السياسية:

وقعت في 1969 أحداث الفاتح، التي قامت بها اللجنة المركزية للضباط الوحدويين الأحرار بقيادة معمر القذافي، وتم على إثرها إلغاء الملكية، وشهد النظام السياسي تحولات جذرية من حيث مؤسساته، وانقسم ذلك إلى مرحلتين:

أولًا: الفترة من 1969 حتى 1977:

عرف النظام السياسي الليبي في هذه الفترة، إنتاج مؤسسات جديدة تأثرت بالقومية العربية والفكر الناصري في مصر، وتمثلت هذه المؤسسات في:

- مجلس قيادة الثورة: مثّل السلطة التشريعية في الجمهورية العربية الليبية، يمارسها سلطاته بالقرارات والقوانين التي يصدرها بمراسيم.

- مجلس الوزراء: هذا المجلس كان بمثابة الهيئة التنفيذية وادارية الرئيسية في ليبيا ويتشكل ويُعدل بقرار من مجلس قيادة الثورة.

- الاتحاد الاشتراكي العربي: تأسس الاتحاد في 11 يونيو 1971، كإطار للمشاركة السياسية دون اعتباره حزبًا سياسيًا، وتقوم فلسفة هذا التنظيم على أنه التنظيم السياسي الشعبي الذي يحقق تحالف القوة.

- السلطة القضائية: في 28 أكتوبر 1973، قام مجلس قيادة الثورة بتشكيل لجنة تشريعية لمراجعة وتعديل القوانين لكي تتماشى مع الشريعة الإسلامية.

ثانيا : الفترة من 1977 حتى قيام الثورة الليبية:

- شهدت ليبيا في بداية 1977 تغيرات سياسية جذرية، إذ تم الغاء المؤسسات الحكومية بأطرها القانونية والبيروقراطية التقليدية، وحلت محلها هيكلة مختلفة تمامًا تحت اسم " سلطة الشعب"، ونص إعلان سلطة الشعب، على أن السلطات الشعبية المباشرة هي أساس النظام السياسي في الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية.

- وعرفت ليبيا في هذه الفترة مؤسسات سياسية جديدة منها، المؤتمرات الشعبية الأساسية، المؤتمرات الشعبية غير الأساسية، الاتحادات والنقابات والروابط المهنية، اللجان الشعبية، مؤتمر الشعب العام، اللجان الثورية، المؤسسة القضائية، المؤسسة العسكرية، المؤسسة الإعلامية.

- بعد الثورة:

الأوضاع الاقتصادية:

- شكل النفط في ليبيا عام 2010 نحو 94% من عائدات ليبيا من النقد الأجنبي و60% من العائدات الحكومية و30% من الناتج المحلي الإجمالي، وكانت ليبيا تنتج 1.65 مليون برميل يوميًا من معدل احتياطي قدره 41.5 مليار برميل، وكانت تعتزم في خطة 2011 زيادة إنتاجية بحوالي 3 ملايين برميل يوميًا، وكان معدل دخل الفرد في تلك الفترة هو 4400 دينار.

- ولكن ما حدث في فبراير 2011 فاق التوقعات، حيث تعطل إنتاج النفط لشهور على إثر النزاعات التي أدت لمقتل القذافي، ليؤدي ذلك بالتبعية إلى تدهور الأوضاع المعيشية ونقص السيولة في المصارف، وتغير الوضع بعد إعلان تحرير ليبيا، حيث عاد تصدير النفط الليبي بمستويات قريبة من فترة ما قبل الحرب بحلول الربع الثالث من سنة 2012، وارتفعت ميزانية الحكومة إلى الضعف في السنوات الثلاث الأولى.

- ودخل الاقتصاد الليبي في حالة ركود عام، مما ضعف جانب العرض الذي انكمش بنسبة 10% في 2015، واستمر ضعف القطاعات غير النفطية بسبب اختلالات في سلاسل توريد المستلزمات المحلية والأجنبية ونقص التمويل، وتسارعت وتيرة التضخم ليصل معدله إلى 9.2% في 2015، وازدادت أسعار الغذاء بنسبة 13.7%، وواصل سعر الصرف الرسمي للدينار الليبي مقابل الدولار تراجعه، إذ سجل هبوطًا آخر يزيد 9% في 2015، وفي السوق الموازية انخفضت قيمة الدينار نحو 160% بسبب القيود على معاملات النقد الأجنبي التي ينفذها البنك المركزي الليبي.

- في منتصف الربع الثالث من عام 2016 استطاع المشير خليفة حفتر وقواته، السيطرة على الموانئ النفطية، ونتيجةً لذلك ارتفع إنتاج النفط إلى 600 ألف برميل يوميًا، ولكن يظل ذلك منخفضًا عما كان عليه في 2011، إذ كان عند معدل حوالي 1600 مليون برميل يوميًا، ومع تواصل حالة الركود في إنتاج القطاعات غير النفطية انخفض معدل النمو في الدخل القومي وانخفض الناتج المحلي الإجمالي ونصيب الفرد من ذلك الناتج إلى حوالي 4458 دولارًا، وقفز معدل التضخم إلى 24 %، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 31% وهبطت إيرادات النفط إلى حوالي 302 مليار دينار في الشهور السبعة الأولى لسنة 2016.

الأوضاع السياسية:

بعد سبع سنوات من الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي، لا تزال ليبية تحت رحمة 1500 مليشيا وثلاث حكومات تتصارع في ما بينها وتسعى لنيل الشرعية الدولية.

والحكومات التي تتنازع على السلطة هي:

1- حكومة الوفاق الوطني:

وهي الحكومة المعترف بها دوليًا وتحظى بدعم الأمم المتحدة، ويرأسها فائز السراج المنتمي إلى التحالف القومي الوطني ومقرها في العاصمة طرابلس، ويراهن عليها المجتمع الدولي في مواجهة الجماعات المتطرفة وعصابات الاتجار بالبشر.

تشكلت تلك الحكومة في فبراير 2016 بموجب اتفاق الصخيرات، وهو اتفاق سلام وقعه برلمانيون ليبيون في 17 ديسمبر 2015 برعاية الأمم المتحدة بمدينة الصخيرات المغربية.

اختار أعضاء هذه الحكومة، "المجلس الرئاسي الليبي"، الذي انبثق عن اتفاق الصخيرات، ويضم تسعة أعضاء يمثلون مناطق ليبية مختلفة.

ونالت حكومة الوفاق الثقة في 23 فبراير 2016، بعد أن أعلن مئة نائب من مجلس النواب المنعقد بطبرق بشرق ليبيا، الموافقة على تشكيلة الحكومة المقترحة من قبل المجلس الرئاسي وبرنامج عملها.

2- حكومة الإنقاذ

شكّل المؤتمر الوطني العام الليبي هذه الحكومة في أغسطس 2014 ومقرها في طرابلس، ويترأسها خليفة الغويل، ولم تنل الاعتراف الدولي.

وسيطرت هذه الحكومة على مناطق واسعة من غربي وجنوبي ليبيا خلال 2015 وتحظى بدعم "مجلس شورى ثوار بنغازي"، وهو تحالف يضم كتائب إسلامية تتصارع مع الجيش الوطني الليبي الذي يتزعمه المشير خليفة حفتر ويحظى بدعم البرلمان الشرعي.

وأعلنت هذه الحكومة في 5 أبريل 2016 تخليها عن السلطة، وافساح المجال لحكومة "الوفاق الوطني" برئاسة السراج لتسلم الحكم بعد أقل من أسبوع من دخولها البلاد.

لكن عددًا من أعضاء المؤتمر الوطني العام ومن حكومة الإنقاذ، سيطروا يوم 14 أكتوبر 2016 على مقرات المجلس الأعلى للدولة في العاصمة، وعادت الحكومة إلى الواجهة السياسية.

ودعا الغويل - في بيان ألقاه من داخل قصر الضيافة الرئاسي بطرابلس - إلى وقف عمل حكومة الوفاق الوطني، ودعت الحكومة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية مع حكومة عبد الله الثني في طبرق، في إطار حوار ليبي ودون وساطة خارجية.

3- الحكومة المؤقتة

انبثقت الحكومة المؤقتة، ويطلق عليها أيضًا اسم "حكومة طبرق"، عن البرلمان الشرعي، وتتخذ من مدينة البيضاء شرقي ليبيا مقرًا لها، ويترأسها عبد الله الثني.

واختار الثني الوقوف إلى جانب خليفة حفتر وبرلمان طبرق الذي كلفه بتشكيل حكومة موازية لحكومة الإنقاذ، وتحظى هذه الحكومة بدعم المشير حفتر الذي يتزعم الجيش الوطني الليبي.

وأعلنت حكومة الثني دعمها لحكومة الوفاق التي تشكلت بموجب اتفاق الصخيرات، ومنحتها الثقة بالأغلبية بعد تصويت مئة نائب من مجلس النواب المنعقد بطبرق، واتفقت مع حكومة الإنقاذ في أكتوبر 2016 على تشكيل حكومة وحدة وطنية، إلا أن هذا لم يتحقق.

 

فيديو قد يعجبك: