إعلان

حلول كثيرة تهبط من السماء!

محمد حسن الألفي

حلول كثيرة تهبط من السماء!

محمد حسن الألفي
07:01 م الإثنين 19 يوليو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

هذه أيام طيبة، ذات ريح طيبة، تتنزل على قوم فيهم الطيب، وفيهم اللئيم الخبيث، لكنها لا تميز، ولا تخص، بل تمسح على وجوه الكل، لأنها كما قلت طيبة.

الطيب متسامح، متعال، شامخ، يرى فى إقبال الخبيث على المغانم إقبال ذات أربع على الفتات. يرق له، ويأسى.

وفى الأيام الطيبة للقوم الطيبين تأتي حلول كثيرة لمشكلات وأزمات. وتعودت، حتى في تجاربي الشخصية ألا انزل البحر قبل أن أصل إليه، ولا أعبره قبل أن أبلغه، مؤمنا بمثل غربي أحبه: "دعنا لا نعبر النهر حتى نصل إليه".

كيف ستعبر نهرا أو بحرا لم تبلغه؟ أنت لا تملك القفزة العملاقة، ولا تملك الأجنحة، وليس قلبك بمحرك طائرة. إذن لا تذهب إلى المشكلة مبكرا جدا، تحسب لكن لا تعش فى تداعياتها، ضع سيناريو لأسوأ النتائج، واحشد مواردك، وتهيأ، هذا كله جيد، لكن من السوء أن تعيش نتائج الكارثة قبل وقوعها، من الخبل أن تلطم والحبيب العزيز موفور الصحة، تتخيله طعن في السن أو طعنه حاقد بسكين.

جربت هذه الطريقة كثيرا، وفاجأني الله- سبحانه- بانحلال العقدة وحدها، بأمر منه، ولم أمد حتى أصابعي لأعالج استحكامها.

لا تذهب للمصيبة ذهاب المعالج المحارب، أو المتردد المهزوم. الهيئتان خطأ فادح. تحسّب واحترز، وارفع رأسك إلى السماء موقنا أن في السماء السابعة كل الحلول. لأن منها هبطت كل العداوات، ومعها الرحمات.

لماذا هذا الفيض من المشاعر؟ ألأننا فى يوم عرفة؟ ألأن العيد غدا؟ ألأنه عيد مختلف بانحسار ملحوظ للوباء الفتاك، وأن المصريين يتنفسون نسائم الطمأنينة؟ أم السر فى تداعي هذه المشاعر أن إثيوبيا أكملت الملء الثاني، وأن بناءها لم يبلغ العلو الذي يسمح بحجز الماء عن بلادنا؟

كنا، ولا نزال فى قلق، وفى تحسب، فإذا بالفيضان وفير، وإذا بقدرات الدولة المستفزة، الخصيمة، تعجز عن رفع الحاجز الأوسط إلى مستوى تحجز به ١٣ مليار متر مكعب من المياه الإلهية، وأقصى ما تمكنت من تخزينه فى بحيرة السد ثلاثة مليارات، سبقتها أربعة فى الملء الأول. سوف يمتد الملء إذن للسنة الثالثة، وستكون مصر بقوتها وسياساتها وحضورها والمجتمع الدولي قد أرغمت إثيوبيا على توقيع اتفاق قانوني ملزم، لا يجعل من النيل الأزرق بحيرة حبشية كما توهم وزير الري الإثيوبي.

جاء الحل ربانيا، كما تأتي الحلول دائما. (تبات نار تصبح رماد). مثل مصري صحيح. لكن النار لا تنطفئ وحدها. المقصود أن مآل أي أزمة الحل. وأن الصبر مفتاح الفرج.

يا إله السماوات والأرض..!

لقد اختلط العلم بالوجد الديني بالألم السياسي بالواقع المزري، لكنها نفحات ونسائم ملأت الصدر بآمال وتوقعات طيبة، من ريح طيبة، يرسلها رب طيب كريم.

كل عام وأنتم طيبون.

إعلان