هل العامل الخاسر الأكبر؟.. جدل بشأن المادة 154 من قانون العمل الجديد
كتب- محمد أبو بكر:
هل العامل الخاسر الأكبر؟
تنص المادة 154 من قانون العمل الجديد على أن "عقد العمل محدد المدة ينتهي بانتهاء مدته"، وهذه القاعدة جاءت كمدخل أساسي لفهم أحكام النص؛ حيث تشدد على أن الأصل في العقد المحدد هو الالتزام بالمدة المتفق عليها بين الطرفَين، ومع ذلك وضع القانون استثناءات خاصة تتعلق بإنهاء العقد قبل موعده؛ خصوصًا في الحالات التي تزيد فيها مدة العقد أو تجديده على خمس سنوات.
شروط استحقاق المكافأة
وأوضح مصدر قانوني أن عقد العمل محدد المدة ينتهي بانقضاء مدته، وهو ما أكدته المادة (154) صراحةً، وعليه فإن استحقاق المكافأة مشروط بعدة ضوابط، أبرزها:
أن يكون العقد محدد المدة.
أن تتجاوز مدته خمس سنوات سواء في عقد واحد أو عقود متتالية.
أن يتم إنهاء العقد من جانب صاحب العمل قبل انتهاء مدته.
قيمة المكافأة وموقف التعويض
ونوه المصدر بأن العامل يستحق مكافأة تعادل أجر شهر عن كل سنة خدمة وفقًا للأجر الشامل المنصوص عليه في المادة (1) من القانون، وفي الوقت نفسه يظل حق التعويض عن باقي مدة العقد قائمًا سواء قضائيًّا أو اتفاقيًّا، استنادًا إلى مبدأ أن العقد شريعة المتعاقدين ولا يجوز إنهاؤه قبل أجله إلا بالتعويض الجابر للضرر.
الفرق بين المكافأة والتعويض
وأكد المصدر أن استخدام المشرع مصطلح "مكافأة" جاء عن قصد، حتى لا يخل بأحكام التعويض المقررة وفق القواعد العامة.
وشدد المصدر على أن هذه المكافأة لا تُعتبر "مكافأة نهاية خدمة" المتعارف عليها، وإنما منحة خاصة تُصرف عند تحقق شروطها، أما مكافأة نهاية الخدمة فهي تُنظم عبر اللوائح الداخلية للمنشآت، وتختلف قيمتها وامتيازاتها من منشأة لأخرى.
وأشار المصدر إلى أن الهدف من إدراج هذه المكافأة في نص المادة (154) هو تقليل الأعباء المالية على أصحاب الأعمال في حال إنهاء العقود المحددة قبل موعدها، أو في حالة الإنهاء غير المبرر للعقود غير المحددة؛ لتشجيعهم على إبرام عقود غير محددة المدة والحد من إنهاء العقود قبل أوانها.
الخلافات بين أصحاب الأعمال والعمال
وكشف المصدر أنه خلال مناقشات القانون في البرلمان وجلسات الحوار الاجتماعي، برزت خلافات واضحة بين أصحاب الأعمال والعمال، منها:
- أصحاب الأعمال اعترضوا على أن تشمل المكافأة حالات عدم التجديد، معتبرين ذلك عبئًا إضافيًّا عليهم.
- العمال طالبوا بزيادة المكافأة لتصبح أجر شهرين عن كل سنة خدمة، سواء عند الإنهاء أو عدم التجديد.
وأوضح المصدر أن القاعدة القانونية المستقرة أوضحت أن عدم التجديد لا يرتب تعويضًا، بينما الإنهاء قبل موعده هو الذي يفتح المجال للمطالبة بالتعويض.
الجدل حول التعويض عن باقي مدة العقد
وتعلق الجدل الأكبر بفكرة التعويض عن باقي مدة العقد، وهناك من رأى أن إلزام صاحب العمل بدفع التعويض عن كامل المدة المتبقية قد يفرض أعباء مالية ضخمة؛ خصوصًا إذا كان العقد طويل الأجل، وعلى سبيل المثال إذا تم توقيع عقد لخمس سنوات ثم أُنهي بعد ستة أشهر فقط، فإن التعويض عن السنوات الأربع ونصف السنة المتبقية قد يمثل عبئًا غير محتمل على الشركات.
وهناك مَن يرى أن ترك تقدير التعويض للقضاء هو الحل الأمثل؛ بحيث يُحسب وفقًا للضرر الفعلي، بما يضمن التوازن بين حقوق العمال واستمرارية النشاط الاقتصادي.
وأكدت مصادر مطلعة شاركت في الحوار الاجتماعي ومناقشات مجلس النواب، أن التعويض يخضع للقواعد العامة ويُقدّر جابرًا للضرر، سواء بالاتفاق أو عن طريق القضاء.
وأوضحت المصادر أنه خلال المناقشات طُرح مقترح لإضافة نص يساوي بين الإنهاء وعدم التجديد في استحقاق المكافأة، إلا أن أصحاب الأعمال اعترضوا عليه باعتباره عبئًا إضافيًّا، وكذلك أُثيرت فكرة النص صراحةً على قيمة التعويض، لكن تم التراجع عنها لأنها تتعارض مع أحكام فسخ عقد العمل، وهو ما ترك أمر تقديره للقضاء وفقًا لكل حالة.
وأُكدت المصادر أن كلمة "مكافأة" جاءت مقصودة؛ حتى لا تؤثر على حق العامل في المطالبة بالتعويض إذا كان له مقتضى.
القاعدة العامة لإنهاء العقد
وتنص المادة (154)على التالي:
مع عدم الإخلال بما نصت عليه المواد 87، 88، 95 من هذا القانون، ينتهي عقد العمل محدد المدة بانقضاء مدته، وإذا أبرم العقد أو جدد لمدة تزيد على خمس سنوات، جاز للعامل إنهاؤه دون تعويض عند انقضاء خمس سنوات، وذلك بعد إخطار صاحب العمل قبل الإنهاء بثلاثة أشهر، وتسري أحكام الفقرة الثانية من هذه المادة على حالات إنهاء العامل للعقد بعد انقضاء المدة المذكورة.
وإذا كان الإنهاء من جانب صاحب العمل، استحق العامل مكافأة تعادل أجر شهر عن كل سنة من سنوات الخدمة.
وأضاف مصدر أن القانون استقر على أن عدم تجديد العقد لا يترتب عليه أي تعويض، وبالتالي لا يجوز النص على ذلك، موضحًا أن القاعدة العامة تنص على أن إنهاء العقد المحدد قبل موعده من أي من طرفيه يستوجب تعويضًا.
وأوضح المصدر أن القانون منح استثناءً للعامل يتيح له إنهاء العقد بعد مرور خمس سنوات خدمة دون التزام بدفع أي تعويض، باعتبار ذلك أحد مظاهر مبدأ "حرية العمل"، وهو حكم مستمر من القانون الملغي السابق.
وأكد المصدر أن تقدير الضرر والتعويض الناتج عنه يظل من اختصاص قاضي الموضوع، مشيرًا إلى أن النص على التعويض عند إنهاء العقد غير المحدد المدة لا يعدو أن يكون توجيهًا للقاضي بألا يقل الحكم عن شهرَين عن كل سنة خدمة.
وتابع المصدر بأن الصياغة القانونية فرّقت بين مصطلحي "المكافأة" و"التعويض"، لافتًا إلى أن العقد المحدد إذا أنهى صاحب العمل قبل موعده يعد إخلالًا بشروطه وقد يترتب عليه ضرر، ما يتيح للعامل المطالبة بالتعويض، حتى مع وجود نص على صرف مكافأة في هذه الحالة.
اقرأ أيضًا:
مصدر يكشف قيمة تعويضات ضحايا ومصابي حادث حريق مصبغة المحلة
أجواء خريفية وأمطار ورياح.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الـ6 أيام المقبلة
هل تغلق إثيوبيا بوابات مفيض سد النهضة؟.. خبير يكشف التفاصيل
مصر تتسلم رئاسة منظمة اتحاد مرافق الكهرباء الأفريقية الأربعاء المقبل