أمران يحسمان.. هل يفقد الذهب بريقه ويخسر صعوده الكبير؟
كتب : أحمد الخطيب
سعر الذهب
يرى خبراء في سوق الذهب واقتصاديون تحدث إليهم "مصراوي" أن أسعار الذهب قد تسير في اتجاه هبوطي إلى حد ما خلال الفترة المقبلة، بعد توصل أمريكا والصين لاتفاق لإنهاء الحروب التجارية بينهما وزيادة الاحتمالات بخفض أمريكا لسعر الفائدة.
فيما رجح آخرون أن تعود أسعار الذهب للصعود مجددا، مدفوعة بالتقلبات العالمية والتوترات الجيوسياسية التي تجعله أداء للتحوط من تقلبات أسعار الدولار.
أمران يحسمان مستقبل الذهب القريب
كانت أسعار الذهب شهدت خلال الشهر الحالي قفزات قياسية إلى نحو 4398 دولارًا للأونصة، مدفوعة بحالة القلق العالمي من تصاعد الحرب التجارية بين الصين وأمريكا، والإغلاق الحكومي الأمريكي، إضافة إلى مصير الفائدة الأمريكية.
وفي تحرك مفاجئ، تراجع الذهب في موجة تصحيح مدفوعة بالتفاؤل حيال وضع حد للحرب التجارية بين الصين وأمريكا التي تعد من أهم أسباب ارتفاع المعدن النفيس ووصوله إلى أرقام قياسية في فترة وجيزة.
وتترقب الأسواق لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جينبينغ، في وقت لاحق من هذا الأسبوع، للبت في الاتفاق التجاري الأولى الذي توصّل إليه كبار المسؤولين الاقتصاديين في الصين والولايات المتحدة يوم الأحد.
ومن شأن الاتفاق تهدئة القلق العالمي حيال حرب الرسوم الجمركية المتبادلة بين البلدين الكبيرين، التي أربكت سلاسل الإمداد والتجارة العالمية، ودفعت المستثمرون إلى اللجوء للذهب كملاذ آمن في مواجهة عدم الاستقرار الاقتصادي.
كما يترقب العالم قرار الاحتياطي الفيدرالي- البنك المركزي الأمريكي- يوم الأربعاء بحسم سعر الفائدة على الدولار وسط توقعات بخفضها للمرة الثانية على التوالي.
ومن المفترض أن ينعكس أي خفض في سعر الفائدة على الدولار بشكل إيجابي على سعر الذهب، حيث يقلل المستثمرون من الاستثمار في العملة الأمريكية مقابل زيادة الاستثمار في المعدن الأصفر. لكن السؤال الأبرز: كيف سيؤثر العاملان على حركة الذهب خلال المستقبل القريب؟
كيف يتأثر الذهب باتفاق الصين وأمريكا الوشيك؟
الأحد الماضي، أعلن لي تشنج جانج نائب وزير التجارة الصيني، أن الصين والولايات المتحدة الأمريكية توصلتا إلى اتفاق مبدئي لتسوية خلافاتهما التجارية المزمنة، بعد يومين من المفاوضات المكثفة في العاصمة الماليزية كوالالمبور.
وقال لي في مؤتمر صحفي عقب المحادثات، ناقشنا بصورة بناءة ووضعنا حلولًا مناسبة للمسائل التي تثير قلق الطرفين، وتوصلنا إلى توافق أولي يفتح الباب أمام تقدم أكبر خلال الأسابيع المقبلة.
ويرى لطفي منيب نائب رئيس شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية أن تأثير الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين سيكون العامل الأوسع تأثيرًا على سلوك الأسواق والاستثمار.
وأكد أن حالة الهدوء والانسجام في العلاقات التجارية بين أمريكا والصين، إذا تحققت، ستكون دافعًا قويًا لتشجيع الاستثمار المباشر وتوجيه رؤوس الأموال نحوه، وهو ما يعني عزوف الأفراد عن شراء الذهب.
وأشار لطفي إلى أن ارتفاع أسعار الذهب في الفترات الماضية كان سببه التوتر الاقتصادي والتعريفات الجمركية المتبادلة، وبالتالي فإن أي اتفاق فعلي بين الجانبين من شأنه أن يؤدي إلى تراجع أسعار الذهب بشكل واضح.
من جانبه قال الدكتور إيهاب الدسوقي أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين قد يخلق قدرًا من الاستقرار في الاقتصاد العالمي، لكنه لن يكون كافيًا لإنهاء الأزمات القائمة.
وأوضح أن العالم ما زال يواجه مشكلات اقتصادية متعددة أبرزها ارتفاع الأسعار واستمرار معدلات التضخم، وهو ما يجعل الذهب يحافظ على مكانته كملاذ آمن في ظل تلك الأوضاع، متوقعًا أن يواصل المعدن النفيس صعوده خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أن المؤسسات والأفراد سيستمرون في الاستثمار في الذهب بنسب مرتفعة باعتباره أداة أكثر أمانًا مقارنة بالأصول الأخرى في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي.
وأكد مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، أن عامل الحسم في تأثير الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين على الذهب، سيكون كيفية تأثر الدولار. وأوضح: قد لا يدعم الاتفاق موقف الدولار، ومن الممكن أن يزيد من تراجعه مع الوقت، ما يزيد من احتمالات تراجع الدولار ويعزز جاذبية الذهب كملاذ آمن وسط زيادة احتمالات خفض الفيدرالي الأمريكي للفائدة.
واعتبر شفيع أن تراجع الذهب الحالي تحركات طبيعية في ظل بلوغه مستويات تاريخية، مشيرًا إلى أن موجات التراجع ما هي إلا عمليات تصحيح مؤقتة، وأن الاتجاه العام ما زال يميل إلى الصعود، إذ يظل الذهب الخيار الأول للتحوط في مواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية.
وقلل شفيع من تأثير الاتفاق الأمريكي الصيني على أسعار الذهب، وقال إنه سينعكس إيجابًيا على معدلات النمو والتجارة الدولية، لكنه لن يغير من مكانة الذهب كأداة رئيسية للتحوط، إذ ما زالت البنوك المركزية الكبرى تواصل شراء المعدن النفيس على حساب الاستثمار في الدولار أو أدوات الدين الأمريكية، ما يعكس ثقة عالمية متزايدة في الذهب كملاذ آمن وسط استمرار الضبابية الاقتصادية.
الذهب وخفض الفائدة.. الأسواق تترقب قرار الفيدرالي الأمريكي
من جهة أخرى، تنتظر الأسواق اجتماع الفيدرالي الأمريكي المقرر يوم الأربعاء. ويرجح إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن يشهد اجتماع الفيدرالي الأمريكي يوم الأربعاء خفضًا في أسعار الفائدة، موضحًا أن هذا القرار حال تنفيذه سيكون له تأثير داعم لارتفاع الذهب مرة أخرى نظرًا للعلاقة العكسية بين الفائدة وسعر المعدن النفيس.
وهو ما يتفق معه، مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، الذي قال إن أسعار الذهب ما زالت ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالدولار.
لكن لطفي منيب نائب رئيس شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية استبعد أن يكون لقرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة تأثيرا حاسما على سعر الذهب، وقال إن "هدوء الحرب التجارية" سيكون له التأثير الأكبر وسيأخذ الذهب منحنى نزولي مع عودة التفاؤل بين المستثمرين.
وأوضح أن قرار خفض الفائدة بمفرده عادة ما يؤدي إلى رفع سعر الذهب، لأن المستثمرين يتجهون إليه باعتباره بديلًا آمنًا عن الودائع البنكية ذات العائد المنخفض.
وأكد أن تنفيذ الاتفاق التجاري فعليًا سيكون العامل الحاسم في اتجاه الأسعار خلال الفترة المقبلة، في ظل مشهد اقتصادي قابل للتغير في أي لحظة.