إعلان

المتهم طفل والسر "رنة موبايل".. ليلة ذبح "عم طلعت" في رأس السنة

02:31 م السبت 05 يناير 2019

المتهم

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد شعبان:

لم تسمح حالة عم طلعت المرضية بذهابه إلى الكنيسة القريبة من منزله لحضور قداس رأس السنة الميلادية، ومكث في منزله بمفرده في انتظار عودة ابنه "أيمن" ليروي له كواليس تلك الأمسية المنتظرة، إلا أن ضيفا غير منتظر ضرب موعدا معه انتهى بسقوطه مذبوحا، مودعا العام الجديد قبل بدايته بدقائق.

داخل منزل بسيط مكون من 4 طوابق بشارع مغازي بمنطقة أبو قتادة في بولاق الدكرور، يقيم "عم طلعت" مع نجله الأعزب "أيمن" بعد وفاة الأم وزواج ابنتيه اللتان تزوراه على فترات للاطمئنان عليه، خاصة مع تقدمه في العمر وبلوغه الـ65 سنة، وتواجد ابنه في عمله لساعات طويلة.

يتمتع الرجل الستيني بحب واحترام الجميع، دماثة خلقه لم يختلف عليها أحد، لاسيما بعض أقاربه الذين يقيمون في نفس العقار ملكه، بعد بيعه وحدات سكنية مكتفيا بشقة في الطابق الثالث يقيم بها ونجله.

مساء الإثنين الماضي، تجمعت أسرة "عم طلعت" داخل منزل العائلة -كعادتهم في المناسبات- إلا أن فرحتهم لم تكتمل هذه المرة؛ بسبب مرض الأب، وعدم قدرته على حضور القداس رفقتهم في الكنيسة الواقعة بشارع العشرين فودعوه على وعد بتجدد اللقاء في المساء.

العاشرة والنصف مساء، سمع صاحب الـ65 سنة صوتا غير مألوف يصدر من باب الشقة، اقترب بخطوات حثيثة لاكتشاف ما يدور حتى فوجئ بدخول شخص قصير القامة وبنيان قوي ببشرة سمراء.

على غير العادة، حملت ابنة عم طلعت صغيرها على كتفها وغادرت القداس مبكرا قاصدة منزل العائلة؛ للاطمئنان على والدهما، إلا أنها لاحظت غلق إضاءة مدخل العقار، وتشغيل أضواء المنزل بشكل متقطع لتنادي "يا أيمن يا أيمن"، دون الحصول على رد فحاولت مرة أخرى "يا بابا يا بابا"، لكن النتيجة لم تتغير.

ازداد الغموض الذي يسود الموقف مع رصد الابنة حركة غريبة داخل الشقة وفتح وغلق الباب مرات عدة، وأخرجت هاتفها للاتصال بوالدها إلا أنها فوجئت باقتراب صوت "رنة الموبايل" تزامنا مع نزول أحد الأشخاص درجات السلم بسرعة كبيرة فبادرت بسؤاله: إنت مين.. وتليفون بابا بيعمل ايه معاك؟"، الذي دفعها جانبا وفر هاربا.

لثوان معدودة، تسمرت الابنة محاولة استيعاب الأمر، صعدت بعدها وطرقت الباب بشدة مماثلة لضربات قلبها آنذاك حتى تنامى إلى مسامعها صوت استغاثة والدها "إلحقوني.. إلحقوني" فأطلقت صرخات تجمع على إثرها الجيران الذين كسروا الباب ليجدوا "عم طلعت" ملقى على الأرض غارقا في دمائه، وحاولوا إنقاذه لكن القدر قال كلمته، لفظ المُسن أنفاسه الأخيرة متأثرا بإصابته.

الحادية عشرة مساء، يتفقد العقيد شامل عزيز مأمور قسم شرطة بولاق الدكرور الخدمات الأمنية في ليلة رأس السنة الميلادية، موجها باليقظة التامة وتوسيع دائرة الاشتباه لمرور الاحتفالات بسلام، لكن الأمسية آبت أن تمر دون إضفاء قدر من السخونة في ظل الطقس البارد، إذ تلقى إشارة عبر جهاز اللاسلكي بالعثور على جثة مُسن مقتولا داخل شقته بشارع مغازي.

بالعودة إلى الشارع الضيق الذي لا يتعدى عرضه الـ3 أمتار، تبدلت مظاهر الفرحة وأجواء الاحتفالات، لتحل مكانها الحزن وأصوات الصراخ والعويل وسط انتشار مكثف لرجال البحث الجنائي الذين فرضوا كردونا أمنيا بمحيط مسرح الجريمة.

وكشفت معاينة العقيد محمد الشاذلي، مفتش مباحث قطاع غرب الجيزة، أن الجثة بها جرح ذبحي بالرقبة، و3 طعنات بمنطقة الرأس وكدمات في القدمين، وآثار كسر بباب الشقة وبعثرة في محتوياتها، مرجحا أن السرقة هي الدافع الرئيسي للقتل.

فور وصوله، عمد النقيب كريم عبد الرازق، معاون مباحث بولاق الدكرور، إلى مراجعة المحلات القريبة من العقار محل الواقعة بحثا عن أي كاميرات مراقبة رصدت حركة المارة في توقيت متزامن لارتكاب الجريمة، لكن الأمر ازداد تعقيدا خاصة أن الغالبية حرصوا على حضور القداس.

داخل مكتبه المتاخم للأهرامات، يتابع العميد أسامة عبد الفتاح، رئيس مباحث غرب الجيزة، تطورات القضية موجها بفحص علاقات الضحية والوقوف على وجود خلافات بينه وآخرين ترقى للقتل وسماع أقوال أفراد أسرته والجيران.

رغم مغادرة فريق النيابة العامة والادلة الجنائية، مكث النقيب كريم عبد الرازق يجوب المنطقة بحثا عن شهود عيان حتى أخبره أحدهم: "شوفت واحد بيتلفت حولين نفسه وبيمشي بسرعة"، فكانت هذه الكلمات بمثابة طرف الخيط لحل اللغز بعدما أدلى الشاهد بأوصاف ذلك الشخص.

مع الساعات الأولى لصباح اليوم التالي، توصلت جهود البحث والتحري التي قادها الرائد محمد الجوهري رئيس مباحث بولاق الدكرور إلى هوي المشتبه به الرئيسي بعد فحص العناصر المسجلة جنائيا وأرباب السوابق خاصة قضايا السرقة، وتبين أنه يدعى "مصطفى. م"، 16 سنة.

وتمكنت مأمورية بقيادة النقباء كريم عبد الرازق وأحمد مندور وأحمد أبو رحمة وأيمن سكوري من ضبط المتهم بأحد الأكمنة في محل سكنه بمنطقة أبو قتادة، إلا أننه أنكر في بادئ الأمر معرفته بالضحية، قبل أن يقر بفعلته عقب مواجهته بالتحريات وأقوال الشاهد مؤكدا: "ماكنش ينفع أسيبه يعيش لأنه عارفني".

بثبات انفعالي يحسد عليه خاصة مع صغر سنه، روى "مصطفى" تفاصيل جريمته، مشيرا إلى أن معرفته بالضحية تعود إلى نقله "رمل وزلط" إلى شقة في الطابق الرابع لنفس العقار، وأنه خطط لسرقة شقة المُسن ظنا بأنها ستكون شاغرة في ليلة الكريسماس.

يتذكر الصبي تفاصيل تلك الليلة: "حاولت أفتح الباب بمفك لكن أول ما دخلت لقيت عم طلعت في وشي فضربته بماسورة وقع أغمى عليه"، مضيفا أنه أسرع إلى المطبخ وأحضر سكينا وسدد له طعنة نافذة في الرقبة و3 بالرأس، وراح يبحث عن مسروقات ثمينة لكن حضور ابنة المجني عليه بدد كل شيء: "ارتبكت ومبقتش عارف أعمل ايه".

وأوضح المتهم أنه استولى على مبلغ 300 جنيه وهاتف الضحية الذي خبأه داخل توك توك بجراج قريب من محل سكنه عقب نزع الشريحة منه خشية تتبعه، وأرشد عن سلاح الجريمة وملابسه الملطخة بالدماء التي كان يرتديها وقت الجريمة مختتما اعترافاته: "فكنت فاكر إنها طلعة خفيفة زي كل مرة"، ليتم اصطحابه بعدها لإجراء المعاينة التصويرية وسط تواجد أمني مكثف.

49161339_2176129835742197_6416437344995377152_n

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان