شنطة حريمي في يد أب وتلاوة أم.. مشاهد أمام لجان الثانوية في السويس
كتب : مصراوي
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
السويس- حسام الدين أحمد:
القلق سيطر على المشهد، أصابع ترتعش في صباح آخر يونيو الحار، عيون لا ترى خارج مساحة أوراق مذكرات المراجعة، وأيادٍ مرفوعة بالدعاء للطلاب قبل لجنة اللغة الإنجليزية، أمال وأحلام معلقة على مادة يعتبرها المتفوقين مادة تحصيل درجات تعوض ما ضاع في اللغة العربية والتاريخ والفيزياء.
رغم حرارة الطقس في السويس التي تصل لـ 40 درجة في الظل، ورطوبة تجعل الجو معبأ ببخار الماء، انتظرت الأمهات وبعض الأباء أمام لجان الطالبات بالثانوية العامة، البنات أكثر خوفا وأكثر تأثرا وهم أيضا أكثر تفوقا من البنين، قُدر لبعضهن أن تبعد لجان الامتحان عن مدارسهن أكثر من 10 كيلومترات يضطررن وذويهن لاستقلال أكثر من سيارة أجرة للوصول للجان، أو سيارة تاكسي تقطع المسافة بمبلغ لا يقل عن 50 جنيها في صباح باكر ليوم حار.
شجرة تفرش ظلها أمام مدرسة ابن سينا الثانوية بنات بمدينة السلام، استقر تحتها بعض الآباء الذين حضروا دعما لهن، غادر بعضهم بحثا عن مقهى يقضي عليه ساعات امتحان اللغة الإنجليزية، بينما اكتفى آخرون بشراء زجاجة مياه والجلوس أسفل الشجرة في انتظار الفرج، يحمل بعضهم حقائب سيدات جاءت بها بناتهم يحملن فيها أدوات الامتحان، بينما رفض تأمين اللجنة السماح لهن بالدخول بها.
"أنا من الغريب لكن ساكنين في الزهراء وبنتي لجنتها هنا"، يقول أحمد عفيفي عن ابنته التي رافقها في الطريق إلى لجنة الامتحان ليخفف عنها بعض التوتر والقلق، لافتا إلى أنه يستقل سيارتين أجرة ليصل مع ابنته إلى المدرسة.
"أول ما العربية وصلت شفت في عيون البنات الخوف" يصف الأب حال الطالبات عندما وصلت أسئلة امتحان اللجنة الإنجليزية رفقة سيارة شرطة في الثامنة والنصف، يحكي عن توتر ابنته رغم اجتهادها ومذاكرتها، "كنا في ثانوية عامة زيهم.. بس أيامهم غير أيامنا" يصمت ويستطرد لاحقا "المواد عندهم أقل بس الوضع أصعب والكليات مجموعها أكبر والطالب لو مش عايز يتعب سنة واحدة هيضيع مستقبله والكليات الخاصة مش لأي حد"، على حد قول الأب.
يحمل في يمينه هاتف محمول وزجاجة مياه، وفي يده اليسرى شنطة حريمى صغيرة بيضاء اللون، يبتسم وهو يقول "شنطة بنتي كانت جايبه فيها الأقلام ورقم الجلوس لكن تأمين المدرسة والتفتيش رفضوا دخولها بيها.. رغم إنها عدت بيها الامتحان إلى فات وسابتها ورا باب المدرسة".
يقطع الحديث اتصال هاتفي، كان مفاده أن الأب يبدل ورديات عمله من الصباح إلى المساء يومي الأحد والخميس كل أسبوع ليرافق ابنته للجنة الامتحان، يضحك وهو يقول لمن يحدثه "خلاص يا ريس فاضل امتحانين، الخميس اللي جاي واللي بعده".
على بُعد أمتار وقف محسن غريب ينتظر ابنته، يتكئ بظهره على سور منزل يحجب عنه الشمس، يقلب في هاتفه بين الحين والآخر ثم يطفئ شاشته، يقول الأب إن ابنته رغم اجتهادها إلا أن التوتر كاد أن يضيع عليها امتحان اللغة العربية.
"ليلة امتحان العربي تعبت جدا وفقدت الوعي.. روحنا بيها المستشفى وخرجت قبل ساعتين من ميعاد الامتحان"، يحكي الأب ويضيف أن ابنته لم تقصر في المذاكرة ولم تضيع وقتا في التحصيل الدراسي، وأنه راض بأي مجموع تحصل عليه لأنها لم تقصر يوما في مهمتها الحالية.
على رصيف أحد المنازل وصلت إليه أشعة الشمس خفيفة من وراء شجرة جهنمية، جلست أمهات البنات ينتظرن، تقتل النساء عادة الوقت بالحديث في أمور الحياة، أسعار السلع وأحوال الناس والحر وتأثيره عليهن، يقطع حديثهن الدعاء، تذكر كل أم اسم ابنتها وهي ترفع يديها إلى السماء، بينما انشغلت إحداهن بتلاوة سورة يس.
تحمل الأم مصحف بدا من الغلاف أنه صاحبه لا يهجره، تنتهي الأم من القراءة وتدعو بالتيسير لأبنتها وألا تزعجها المراقبات، علمت السيدة التي تجاورها أن الأبنة شكت لها من سلوك المراقبات وحديثهن بصوت مرتفع في امتحان الفيزياء.
تثني الأم على ابنتها وتقول "المصحف ده بتاعها بنزل بيه في أيام الامتحانات أقرأ لها منه" تبتسم جارتها على الرصيف وهي تطمئنها وتدعوها للتفائل، تقول إن البنات ذاكرن واجتهدن، وأن الله لن يضيع عملهن وجهدهن.