هل يسرق الجن أموال الإنس؟.. عالمة أزهرية ترد وتنصح بهذا الدعاء
كتب : علي شبل
الدكتورة روحية مصطفى
هل يمكن أن يكون سبب اختفاء الأموال أو الذهب من البيوت هو تسلّط الجن، وهل يستطيع الجن سرقة أموال الإنس أو نقلها من مكانها؟.. سؤال يدور في أذهان البعض ممن يعانون من اختفاء أغراضهم وأموالهم، تلقته الداعية الدكتورة روحية مصطفى، أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بجامعة الأزهر، لترد عليه وتقدم نصيحة حول تلك المسألة.
وفي ردها، تقول العالمة الأزهرية: أولا: أمّا القول بأن الجن قد يسرقون أموال الإنس أو يُحدثون اختفاءً فيها فلا أصل له في الشريعة، ولم يُعرف في تاريخنا الإسلامي وقوع سرقة تُنسب إلى الجن، لأن الله تعالى لم يجعل لهم سلطانًا على أموال بني آدم ولا على أبدانهم إلا بما يأذن به سبحانه، كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [النحل: 99].
وأضافت الدكتورة روحية مصطفى، في ردها عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، محذرة: ولو فُتح هذا الباب لادّعى كل سارق أن له معاونًا من الجن فرارًا من العقوبة، كما أجاب الإمام مالك رحمه الله حين سُئل: هل يتزوج الجني من الإنس؟ فقال: لا، فقيل له: ولِمَ؟ فقال: حتى لا تدّعي كل زانية أنها متزوجة من جني، فأغلق بذلك باب الذريعة إلى الفساد، لا سيما بين النساء، حمايةً للأعراض، وصيانةً للأحكام من العبث والدعاوى الباطلة.
ثانيا: وأمّا حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصته مع الشيطان أنه كان يحرس تمر الصدقة، فكان يأتيه أحدُهم يأخذ من التمر، فيقبض عليه أبو هريرة أكثر من مرة، فيعتذر بالحاجة وكثرة العيال، فيرحمه ويطلقه. وفي المرة الأخيرة قال له: "أعلّمك كلماتٍ إذا قلتها لا يقربك شيطان"، فذكر له قراءة آية الكرسي ، فلما أخبر النبي ﷺ بذلك قال له: «صدقك وهو كذوب، أتدري من تخاطب منذ ثلاث؟» قال: لا. قال: «ذاك شيطان»، البخاري، لافتة إلى أن للحديث مقصدا تربويا لا يُفهم منه تمكين الجن من سرقة الأموال حقيقة، وإنما أراد النبي ﷺ أن يُعلّم الأمة أن الشيطان قد يُلبّس على الإنسان فيزين له القول أو الفعل ليصرفه عن عبادة الله.
وبينت أن ما فعله الشيطان مع أبي هريرة مثالٌ على هذا التلبيس؛ إذ يُظهر الصدق في موضوع النصيحة، ويكذب في مقصده، فقد صدق في قوله لأبي هريرة بفضل آية الكرسي، لكنه كذب في غايته، إذ أراد استمالته وصرفه عن الحذر منه، وكذلك يفعل بالمصلّي؛ فقد يوسوس له بفكرةٍ في ظاهرها خير — كبرّ الوالدين أو السؤال عن الأولاد — ليُخرجه من صلاته أو يُذهب خشوعه. فهو يصدق في ظاهر النصح، ويكذب في نيّته، لأن غايته ليست التذكير بالخير، بل الإلهاء والإبعاد عن العبادة. فالمقصد واحد: صرف القلب عن الإقبال على الله، وإن كان المظهر في صورة نُصحٍ أو خير.
وأضافت أستاذة الفقه: إذن نخلص من هذا أن الجن لا يسرقون أموال الإنس ولا يتسلّطون عليها، فسلطانهم لا يتعدّى الوسوسة والإغواء، ولا قدرة لهم على التصرّف في أموال البشر أو ممتلكاتهم. وما يقع من ضياعٍ أو فقدٍ في الواقع فله أسبابه المادية المعهودة، والشرع لا يثبت الغيب إلا بدليلٍ صحيح.
وختمت د. روحية مشددة على أنه من الحكمة أن لا يُتَّخذ الجن شماعةً لتبرير الأخطاء أو الفوضى، بل يُردّ الأمر إلى أسبابه الواقعية، ويُستعاذ بالله من الشيطان الرجيم، مع الأخذ بالأسباب الشرعية والمادية لحفظ المال. ونصحت: لا ننس هذا الدعاء المبارك: اللهم يا مجمع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع عليّ ضالتي.. والله تعالى أعلى وأعلم.
اقرأ أيضاً:
زوجي يفشي أسرارنا لأهله وحلف عليَّ بالطلاق ما أزور أمي.. فما الحكم؟.. عالمة أزهرية تجيب
حق الزوج أم الزوجة؟.. أمين الفتوى يوضح حكم الذهب المشترى من مصروف البيت
كتبت جميع مالي لبناتي فضربني إخوتي وحطموا سيارتي فما رأي الشرع؟.. عالم أزهري يجيب
حكم من يقرأ القرآن من المصحف ولا يحفظه.. أمين الفتوى ينصح بـ3 خطوات للحفظ