إعلان

"أرسلوا الهدايا إلى المقابر".. كيف قدّس الفراعنة الحب؟

10:00 ص السبت 15 فبراير 2020

الحضارة الفرعونة

د ب أ-

قال الآثريون والمؤرخون إن الحضارة المصرية القديمة من أكثر الحضارات الإنسانية احتراما وتكريما وتقديسا للمرأة، حيث احتوت برديات مصرية قديمة على الكثير من نصوص وقصائد الحب والغزل.

وكشفت دراسة مصرية عن أن الرسوم والنقوش والمناظر التي تتزين بها مقابر ومعابد الفراعنة، تؤكد على أن المصري القديم كان مخلصا لزوجته وحرص على أن يرسل لها رسائل الحب والغرام حتى بعد موتها.

ووفق الدراسة ، كان الرجل يرسل الرسائل لقبر زوجته، ويعبر في تلك الرسائل عن فقدانه لقلبها الجميل ووجها المبتسم، ويؤكد لها أنها باقية في قلبه، وأن قلبه لن يسكنه أحد سواها.

وقال عالم المصريات، الدكتور منصور النوبي، العميد الأسبق لكليتي الآثار بقنا والأقصر في صعيد مصر، في الدراسة التي صدرت بمناسبة احتفالات العالم بعيد العشاق(عيد الحب)، إن المصري القديم عرف الكثير من مفردات الحب والغزل والعشق للمرأة، وأن بردية " شستر بيتي "، ومجموعة البرديات التي عثر عليها بمقابر منطقة دير المدينة حفظت الكثير من تلك المفردات التي عبًر بها المصري القديم عن مشاعر الحب والعشق قبيل آلاف السنين.

واحتوت الدراسة، على بعض نصوص الحب والعشق في مصر القديمة، مثل ذلك النص الذي ورد ببردية شستر بيتي مثلما جاء في قصيدة "العاشقة العذراء" والتي تقول :" لقد أثار حبيبي قلبي بصوته .. وتركني فريسة لقلقي وتلهفي .. إنه يسكن قريبًا من بيت والدتي .. ومع ذلك فلا أعرف كيف أذهب نحوه .. ربما تستطيع أمي أن تتصرف حيال ذلك .. لقد أصبحت لا أعرف كيف ارتدى ملابسي .. ولا أضع المساحيق حول عيني .. ولا أتعطر أبدا بالروائح الذكية ".

كما حوت الدراسة على نماذج من الشعر المصري القديم، مثل ما جاء في ترنيمة نفتيس إلى أوزوريس، والتي تقول :أحضر تواً يا سيدي يا من ذهبت بعيدًا .. أحضر لكي تفعل ما كنت تحبه تحت الأشجار .. لقد أخذت قلبي بعيدا عنى آلاف الأميال .. معك أنت فقط أرغب في فعل ما أحب .. إذا كنت قد ذهبت إلى بلد الخلود فسوف أصحبك".

وماجاء في قصيدة " إيزيس العاشقة الأولى " والتي تقول :" تعالى نحو بيتك تعالى إلى بيتك .. أنت يا من لا أعداء له .. أيها الشاب الجميل".

وتؤكد الدراسة أن الملوك والنبلاء وعامة الشعب في مصر القديمة، كانوا يحرصون على التعبير عن مشاعر الحب للزوجة والمحبوبة، بوسائل عدة مثل رسائل العشق والغرام والورود وتقديم الهدايا.

وكشف الدكتور منصور النوبي ، في دراسته، أن الزائر لمقابر ملوك و نبلاء الفراعنة، وكبار العمال في مصر القديمة، يشاهد مناظر الحب بين الزوجين، إذ تجلس الزوجة بجانب زوجها، وتقدم له زهرة اللوتس، ومناظر للزوجين وهما يتبادلان الورود، وأن التماثيل المزدوجة للملوك وهم يجلسون بجانب زوجاتهم، هي أحد الدلائل على قيمة وقدر المرأة في مصر القديمة.

أول شعب كتب "القصص المحبوكة"

كما أفادت دراسة مصرية حديثة إن الأدب الشعبي لقدماء المصريين، يحتوي على ثروة من القصص التي انتقلت من جيل إلى جيل شفاهة، وأن المصريين القدماء كانوا شعبا مولعا بالبلاغة اللفظية.

وبحسب الدراسة، الصادرة عن مركز التراث بمكتبة مصر العامة في مدينة الأقصر بمناسبة اليوم العالمي للقصة الذي يوافق 14 فبراير من كل عام، استخدم قدماء المصريين تقنية السرد في كتابة القصص، ثم تطورت تلك التقنية وصار الكاتب يضع مقدمة تمهيدية بهدف إيجاد رابط بين عدة قصص على غرار قصص ألف ليلة وليلة.

وتقول الدراسة، إن "القصص التي وصلتنا من مصر القديمة، والتي حوتها المخطوطات وأوراق البردي، وقطع الأوستراكا، لم تتضمن اي مشاهد ماجنة".

ووفق الدراسة، كانت الكثير من تفاصيل القصص تستمد من الحياة اليومية للناس، وكانت الحبكة القصصية تعتمد في الكثير من النصوص على "علم النفس والعادات وذكريات الأساطير"، وتضمنت تفاصيل أحداث تاريخية.

وأكدت الدراسة، التي أعدها المدير العام لمنطقة آثار الأقصر ومصر العليا، الدكتور محمد يحيى عويضة، على أن قدماء المصريين هم أول من كتبوا قصصا شعبية محبوكة لم يكن لها أي غرض سوى إمتاع القراء.

وأضافت أن مصر هي أول بلد نشأت فيه القصة القصيرة، التي كتبت أو كانت تقص على سامعيها للتمتع بها.

ونقشت على بردية يرجع تاريخها للعام 1800 قبل الميلاد، مجموعة من قصص مغامرات في أعالي البحار بينها قصة "الملاح التائه".

ومن أشهر القصص في مصر القديمة، قصة " مغامرات سنوهى " التي حدثت خلال عهد الملك أمنمحات الأول، في عصر الأسرة الثانية عشرة، وتلخص مخاوف المصري القديم من الموت في بلاد غريبة.

ويرجع تاريخ القصص التي بقيت محفوظة من أدب مصر القديمة، إلى ما بعد أيام الدولة القديمة، وخاصة خلال عصر الأسرتين التاسعة والعاشرة، اللتين شجع حكامهما على كتابة القصة تشجيعا كبيرا، الأمر الذي أدى لحدوث تطور كبير في كتابة القصة آنذاك، وتواصل حب المصريين للقصة حتى ما بعد عصر الدولة الوسطى.

وقدمت الدراسة رصدا للكثير من القصص التي ترجع لعصور مصر القديمة، بينها قصص الأخوين، و"الأمير المسحور"، و"قصة رحلة الكاهن" و"نأمون إلى لبنان"، و "الزوجة الخائنة"، و"القروي الفصيح"، و"الملك خوفو والسحرة"، و"سنفروا وفتيات القصر"، و"الساحر ددي يعيد الحياة" ، بجانب قصص سنوهى والملاح التائه، وبعض القصص الأسطورية مثل "نجاة البشر"، و"الصراع بين حورس وست"، و"حيلة إيزيس".

فيديو قد يعجبك: