من يحكم الإنترنت عالميا؟ الأمم المتحدة تحسم الجدل
كتب : محمود الهواري
الإنترنت
توصلت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى توافق دولي بشأن الإطار الذي ينبغي أن تدار من خلاله شبكة الإنترنت، مؤكدة اعتماد نموذج الحوكمة متعددة الأطراف، في خطوة تهدف إلى تعزيز الانفتاح والشفافية، والحد من مخاطر الرقابة أو الهيمنة من طرف واحد.
ويعتمد هذا النموذج على مشاركة مجموعة واسعة من الفاعلين في إدارة الإنترنت، من بينهم الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والمنظمات الدولية، إلى جانب المجتمعات التقنية والأكاديمية وأطراف أخرى، بما ينسجم مع الرؤية التي أقرتها القمة العالمية لمجتمع المعلومات عام 2003، والداعية إلى إنترنت يتمحور حول الإنسان ويخدم أهداف التنمية والشمول.
تأكيد أممي على رؤية مجتمع المعلومات
وأكدت الأمم المتحدة في الوثيقة الختامية التزامها برؤية القمة العالمية لمجتمع المعلومات، مشددة على أهمية بناء مجتمع معلوماتي شامل وموجه نحو التنمية، يتيح للجميع إنتاج المعرفة والمعلومات، والوصول إليها، واستخدامها، وتبادلها دون عوائق.
وجاء في الوثيقة: "نؤكد التزامنا برؤية القمة العالمية لمجتمع المعلومات لبناء مجتمع معلوماتي شامل وموجه نحو التنمية، يتيح للجميع إنشاء المعلومات والمعرفة والوصول إليها واستخدامها وتبادلها".
لا هيمنة لطرف واحد على الإنترنت
وشددت الأمم المتحدة، في وثيقة رسمية مؤرخة في 16 ديسمبر 2025، على أن إدارة الإنترنت لا ينبغي أن تخضع لسيطرة أو هيمنة كيان واحد، مع الإقرار باستمرار التحديات التي تواجهها العديد من الدول النامية، سواء على مستوى الوصول إلى الإنترنت أو المشاركة الفاعلة في آليات الحوكمة الرقمية.
وأكدت الوثيقة أن تعزيز التعاون الدولي، وتوفير التمويل، وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، تمثل أدوات أساسية لمعالجة هذه التحديات وسد الفجوات القائمة.
تحديات رقمية وحقوقية متزايدة
وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء عدد من القضايا المرتبطة بالتحول الرقمي، من بينها ارتفاع تكلفة الوصول إلى الإنترنت، واستمرار الفجوة الرقمية بين الجنسين، وتهميش فئات ضعيفة مثل كبار السن، والشعوب الأصلية، والمهاجرين.
كما حذرت من انتهاكات حقوق الإنسان، وإساءة استخدام التقنيات الرقمية في مجالات المراقبة والجرائم الإلكترونية واستغلال الأطفال، إلى جانب انتشار المعلومات المضللة، والتأثيرات البيئية المتزايدة للتحول الرقمي.
الذكاء الاصطناعي تحت المجهر
وتضمنت الوثيقة، التي قدمتها رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة والسياسية الألمانية أنالينا بيربوك، فصلًا كاملًا حول الذكاء الاصطناعي، حيث أقرت بإمكاناته وفوائده المحتملة للبشرية، لكنها حذرت في الوقت ذاته من مخاطر غير معروفة ناتجة عن تسارع وتيرة تطوره، واتساع نطاق استخدامه، وارتفاع مستوى استقلاليته.
ومن بين التوصيات ذات البعد الإنساني، دعت الوثيقة إلى توسيع برامج التعليم والتدريب الرقمي، ودعم النماذج مفتوحة المصدر، وإتاحة بيانات تدريب قابلة للوصول، إلى جانب توسيع الوصول إلى البنية التحتية للحوسبة عالية الأداء.
منتدى حوكمة الإنترنت يصبح هيئة دائمة
وفي تطور لافت، أعلنت الأمم المتحدة تحويل منتدى حوكمة الإنترنت إلى هيئة دائمة تابعة لها، بعدما كان ينعقد في السابق كفعالية سنوية.
ومن المقرر إجراء مراجعة شاملة جديدة في عام 2035، حيث دعت الأمم المتحدة جميع الأطراف المعنية إلى المشاركة في مختلف مراحل العملية، بهدف تحديد أولويات المرحلة المقبلة، وضمان بقاء الإنترنت مساحة مفتوحة، وآمنة، وشاملة للجميع.