إعلان

ليست مجرد لعبة (7)- رضا عبدالعال.. "أول الهجاصين" (بروفايل)

03:40 م الأربعاء 13 يناير 2021


كتب- محمد زكريا:
رسوم- سحر عيسى:

التدريب ليس لعبة سهلة، بل مهنة شاقة لها متطلبات، على رأسها الرؤية الفنية والحسبة المنطقية، وهما أكثر ما يتوافر في الكابتن رضا عبدالعال، المدير الفني الأمثل لتولي قيادة منتخب مصر، فعندما وجه له محاور رياضي سؤالًا: "إيه السي في بتاعك عشان تمسك منتخب مصر الأول؟"، جاء رد ابن محافظة القليوبية سريعًا وحاسمًا: "مش مهم السي في.. هو فين السي في بتاع... أنا بقولك إحنا كلنا هجص.. كل المدربين دول هجص.. أنا أول واحد هجاص".

فريق طنطا، هو سلم عبدالعال إلى المنتخب الأول، يتمسك بتدريبه رغم الصعاب، وما أكثرها في دوري الدرجة الثانية، يخسر أمام "منتخب السويس"، أين المشكلة؟ الخسارة واردة في كرة القدم، يتذيل جدول الترتيب، وما ذنبه؟ يغضب الجمهور، الجمهور هو الذي يهوى الغضب، لا لوم إن انفجر في وجوههم إذًا، ألا تكفيهم كل تلك التضحيات؟ يسبهم، ويوجه لهم إشارات خارجة، اصمتوا! أي شرف يفوق شرف قيادته لناديكم؟ هؤلاء المتعصبين قلة لا يعرفون قدر مديرهم الفني الأعجوبة، ألم يتابعوا حواراته على الفضائيات؟

ابحث عن "الترند".. تكن أنجح الناس.

رضا عبدالعال صاحب انتشار واسع، تتخاطفه البرامج الرياضية، تتسابق الكاميرات لالتقاط صور له، والمحاورون لاقتناص تصريح، ولو كان مثيرًا للسخرية والضحكات، صار اسمه نارًا على علم، شهرة وللحق يستحقها عن جدارة؛ فليس شرطًا لها أن تكون صاحب مشروع، الشهرة لها قواعدها الراسخة هذه الأيام، فلا تمنح لرجل مبدع- لا سمح الله، سواء أكنت سياسيًا نابغًا أم عالمًا فذًا أم كاتبًا ماهرًا أم فنانًا قديرًا أم رياضيًا متفردًا لا يهم، في الأغلب العكس هو الصحيح تمامًا، والأجدى لكل ذي نظر، ربما يلمع نجمك لو كنت صاحب نفوذ وعلاقات، قليل الذكاء والموهبة والكفاءة، "فهلوي" تبيع الكلام لا الفعل بأغلى الأثمان.

من رحم الفشل يولد النجاح!

كان لخروج مصر من الدور الأول لكأس العالم 2018 كبير الأثر على الشهرة الكبيرة التي حازها عبدالعال، حيث تنبأ قبل أشهر من السفر إلى روسيا بالعودة دون انتصار واحد، رغم التفاؤل المصري في حينها بإمكانية التأهل إلى الدور الثاني بسهولة، في ظل مجموعة (مصر، أوروجواي، روسيا، السعودية) تُعرفها الحسبة الكروية النظرية بالسهلة، وللحق كان تفاؤلًا غير مدعوم بالمنطق ولا باستقرار إداري أو انضباط فني، خرج المنتخب المصري خاويَ الوفاض كما تنبأ النابغة، لتزداد شعبيته وتلجأ البرامج الرياضية إليه في التنبؤات الكروية والآراء الفنية، ولا عليه إلا أن يطلق عشرات التنبؤات والجمهور ذاكرته سمكية، فهو من رأى الأرجنتيني هيكتور كوبر "لا يمتلك أي فلسفة واضحة مع المنتخب.. بيلعب بطريقة حلق الله يسترك"، وبالتأكيد يمتلك مدرب طنطا تلك الفلسفة الغائبة.
-رضا عبدالعال:
هلعب بديفندر واحد.. والباقي كله طاير.. باك رايت طاير.. باك لفت طاير.. وفيه تلاتة هيبقوا هما..
-المذيع مقاطعًا:
يعني أربعة واحد أربعة واحد.. ولا أربعة واحد تلاتة اتنين.. ولا إيه؟
-رضا عبدالعال:
أربعة واحد تلاتة واحد (4 + 1 + 3 + 1 + حارس مرمى = 10)
-المذيع:
هتلعب كده؟
-رضا عبدالعال:
آه
-متصل:
أنا عايز أسأل حضرتك: إيه خطة أربعة واحد تلاتة واحد اللي هتلعب بيها دي؟
-رضا عبدالعال:
إنت مش عايز تكسب؟
-متصل:
إزاي؟
-رضا عبدالعال:
أنا كان قصدي ألعب بـ3 مدافعين، ومعاهم ديفندر أيًا كان هو مين، وبعدين كله يبقى في الحتة الهجومية

صورة 1

يفخر عبدالعال بفكره التدريبي، وهو عالٍ للأمانة، فيما يندب الحظ الذي أعطى وجهه لمدربين أقل منه موهبة وفكرًا؛ لا يقتنع بالبرتغالي جوزيه مورينيو، الحاصل على دوري أبطال أوروبا مرتين، الدوري الأوروبي مرة، الدوري الإنجليزي ثلاث مرات، والإيطالي مرتين، يعتبره: "أكبر هجاص فى العالم". لا يرى في البرتغالي جايمي باتشيكو مدربًا من الأساس، وهو الذي يقدم أداءً كبيرًا مع الزمالك منذ توليه المهمة. يسخر من سابقه في المهمة السويسري كريستيان جروس: "شاهد مشافش حاجة"، وهو المتوج ببطولتين مع الزمالك في عام واحد، إحداهما الكونفدرالية الأفريقية. بينما يرى أن "الزمالك محتاج مدرب زيي"، وأن المدير الفني لمنتخب مصر حسام البدري "أمه داعية له"، وأنه الأحق بتدريب مصر: "عشان نشوف جوارديولا بجد"، وإن لم يصعد بمصر إلى كأس العالم: "هشرب سم"، يا الله على الإخلاص!

خطط عبدالعال التدريبية جديدة على الدوري الممتاز، فضائية، لم يلعب بها أي مدرب قبله، ولا يفهمها أي لاعب مصري، عندما باغته لاعب الزمالك السابق إبراهيم صلاح بهجوم ردًا على هجوم: "إنت مش لاقي حد تدربه"، رد بثقة يحسد عليها: "لأن فكري ميمشيش مع اللعيبة اللي زيك". لا يقتنع بأداء واحد من أفضل لاعبي الأهلي وهو علي معلول، يرى أن نجم وسط الزمالك والمنتخب طارق حامد "كُرته قديمة.. وواخد أكبر من حجمه"، وكل "دفندرات العالم صناع ألعاب"، لا يدقق عبدالعال في أداء كاسيميرو مع ريال مدريد ولا ماتيتش مع مانشستر يونايتد، هما أقل من أن يتابعهما عبقري مثله.

رضا متابع مخضرم للكرة العالمية، لا يخشى في الحق لومة لائم؛ يصرح أن كريستيانو رونالدو الهداف التاريخي لكرة القدم بـ759 هدفًا، والحاصل على الكرة الذهبية 5 مرات: "أونطة"، ويعتب على مديره الفني السابق زين الدين زيدان: "أنا زعلت منه لما قال أنا عندي أحسن لاعب كرة في العالم"، فيما يلخص أسطورة البرتغالي الزائفة في خلطة سحرية: "أربي عضل وأعمل إسبرينتات وأبقى كريستيانو".
هل يفكر ريال مدريد في تعويض رونالدو بكابتن رضا بعد أداء باهت في غيابه؟
لمَ لا، ربما.

صورة 2

بعد اعتزال عبدالعال كرة القدم عام 1999، تولى تدريب عدة فرق بدوري القسم الثاني في مصر، هي بهتيم، سوهاج، بني عبيد، الزرقا، نبروه، دمنهور، الإنتاج الحربي، جمهورية شبين، بلدية المحلة، نجاح لا يقدر عليه "جوارديولا" نفسه: "عليّ الطلاق لو جوارديولا جه لعب في الدرجة التانية عندنا مش هينجح، بيلعبوا حلبسة هنا"، ويتفوق في صعوبة تحقيقه اللعب أمام أكبر الأندية العالمية: "والله لو لعبت ضد ليفربول وبرشلونة هيكون أسهل من غزل المحلة وبهتيم، مش معقولة هطبق فلسفة جوارديولا وسط السباكين دول.. أنا محبط".

لذا حين واتته الفرصة لم يضيعها؛ عُين مديرًا فنيًا لفريق طنطا، التقى بالزمالك وهو يصارع الهبوط من الدوري الممتاز، فكانت إدارته الفنية أمامه مختلفة، راقبه الجميع في انتظار تطبيقه الخطط الجبارة، فيما خطف الأنظار بعيدًا بعيدًا، صحيح أنه خسر بالثلاثة، لكنه ارتدى الكمامة على عينيه، شارك في تحدي إلقاء الزجاجة أرضًا لتسقط بالشكل السليم، مهارات يستلزم توافرها في أعظم مدربي كرة القدم بالعالم.

صورة 3

ولأنه مدرب عملي إلى أبعد حد، ومحلل رياضي فطن، يقرأ الخطط ويتنبأ بالتغييرات، لا تشغله بالطبع الخرافات، لكن له قصة طريفة مع السحر.

في أولى مبارياته مع فريق طنطا بالدوري الممتاز، رفض دخول لاعبيه إلى غرفة خلع الملابس بين الشوطين، فما السبب؟ أشياء غريبة يراها داخل المكان، بدأت بتعطل التكييف، ليؤكد له أحد "الشيوخ"، والذي اصطحبه معه يومها إلى داخل الاستاد، بأن أعمال سحر اقشعر لها جسده وراء كل هذا، الأمر الذي أثار حالة كبيرة من الجدل، مهدت للكابتن التصريح الذي أنقذ تاريخه الكروي بأن السحر وراء خسارات طنطا المتتالية.. لذا رغم تذيل طنطا جدول ترتيب دوري الدرجة الثانية، لم يزل نجم رضا عبدالعال لامعًا في فضاء الكرة المصرية.

فيديو قد يعجبك: