إعلان

"الغايب هيعود".. مهندسون يصممون تقنية لرؤية "الطفل المفقود بعد ما يكبر"

11:54 ص الأربعاء 19 فبراير 2020

الطفل المفقود

كتبت-إشراق أحمد:

ستة أعوام انقضت على الغياب. لا تعرف أسرة يوسف سيد محمد سوى أنه خُطف وهو بعمر الخامسة. انفطر قلبا والديه بينما يتحسسان شق كلمة ترشدهما إليه، يوقنون بعودته، فيما لا يملكون سوى صورة له، ينشرونها في كل مكان، تواسيهما رؤيتها بينما يتخيلون هيئته بعد تلك السنوات، وقد صار عمره 11 عامًا، لكن بالأمس مُنحا الأمل وبات الخيال ملموسًا؛ إذ صمم القائمون على مبادرة "أطفال مفقودة" تطبيقًا تكنولوجيًا يضع تصورًا لشكل الصغير في أعمار مختلفة مستندًا على آخر صورة له، ومن ثم أصبح بالإمكان البحث بصورتين للطفل، وزيادة فرص الوصول إليه.

منذ أطلق رامي الجبالي مبادرة "أطفال مفقودة" على فيسبوك قبل خمسة أعوام، وحمل مهندس الاتصالات مهمة المساهمة في البحث عن الصغار الضائعين، كان عودة طفل إلى أسرته حلمًا بالنسبة له، ولمن انضم إليه من متطوعين، لكنه بات قابلاً للتصديق؛ 1887 طفل عادوا إلى أسرهم بعد سنوات إلى الآن، لكن المشكلة لم تنته "صور الولاد المفقودة بتبقى في سن صغير ومنهم اللي تاه أو اتخطف من 10 و15 سنة ، فرصة التعرف عليه بتبقى ضعيفة"، فظل الجبالي ورفاقه منشغلين بإيجاد حل حتى وجدوه، وأصبح قابل للتنفيذ قبل 4 أشهر.

"تقنية التكبير" أو "Aging engine" هو ما عزم الجبالي ورفاقه على تصميمه "كنت عارف أن ده الحل لكنه موجود بره ومكناش عايزين نشتريه". ليس للتكلفة المرتفعة وحدها رفض صاحب المبادرة المعتمدة على التمويل الذاتي، لكن للتفكير أنه إذا تطور البرنامج، سيطلب تحمل عبء مادي مضاعف لشرائه، فقرر الفريق أن تكون التقنية مصرية خالصة بالاستعانة بـ4 مهندسين داخل مصر وخارجها، تكون مهمتهم تصميم برنامج يعلم الكمبيوتر الرؤية "يبقى فاهم يعني إيه وش فلما نديله صور أطفال نقوله عايزين تصور له في عمر أكبر بكذا اختيار".

طيلة المشوار مع البحث عن الأطفال المفقودة، كانت تزيد خبرة الجبالي، يعرف أكثر عن دائرة الغياب، ومن ثم يدرك مشاكلها "عندنا نوعين من قاعدة البيانات صور لأطفال مفقودة وصور أطفال في دور رعاية. والأزمة أن المقارنة بين صور الأطفال وهم صغيرين وهم كبار في دور الرعاية تكاد تكون مستحيلة". وضع الجبالي يده على موطن المشكلة، بعدما اكتشفوا أن ثمة أطفال كثيرين فقدتهم أسرهم ظنًا أنهم خُطفوا فيما كانوا مودعين بدور أيتام "أحنا مرجعين أكتر من 300 طفل من داخل دار رعاية" يقول الجبالي بينما يتذكر فتاة عادت لأسرتها بعد 17 عامًا عاشتها في دار رعاية.

ليست هذه المحاولة الأولى لفريق مبادرة "أطفال مفقودة" لتسخير التكنولوجيا للمساهمة في عودة الغائبين، قبل عام ونصف صمموا برنامج للتعرف على الوجوه عبر الذكاء الاصطناعي أو ما يعرف " Face recognition engine"، مما مكنهم من الوصول إلى أطفال تغيبت لسنوات، لكن كانت ملامحهم قريبة لما هم عليهم الآن بعدما كبروا في العمر، ولمس الفريق أفضل استخدام لتقنيتهم مع حملة "لا لتسول الأطفال" التي أطلقوها قبل ثلاث سنوات، إذ طالبوا المتابعين بإرسال صور المتسولين رفقة صغار، حتى أصبح لديهم الكتير من اللقطات "فلما استخدمنا البرنامج طلع لنا المتسول اتصور كام مرة وفين وبيورينا الأطفال اللي صورها متكررة".

يشعر الجبالي بالامتنان لما حققوه من إنجاز "البرنامج ده بيستخدم في الغالب بره للتعرف على المجرمين لكن أحنا بنستخدمه للتوافق بين الأطفال المفقودة واللي في دور الرعاية"، يعدد صاحب المبادرة مزايا البرنامج، يقول إنه كلما توفرت صور أكثر، اقترب التصور من الحقيقة "لما يكون في صور للأب والأم بيدينا تصور أفضل بـ15%"، فضلاً عما وصفه بـ"التعلم العميق" وهو ما يعني تحسين الأداء "لما نرجع واحد وتطلع صورته مش مظبوطة زي ما طلعها بندخل البيانات الجديدة بحيث يطلع نتيجة تانية بمعدلات جديدة"، فالتقنية تتعلم لتصبح أفضل مثلهم كما يقول الجبالي.

بالأمس كان المنشور الأول للمبادرة بالتقنية الجديدة، ينتظر الجبالي ورفاقه الـ27 متطوعًا نتيجة غرسهم خلال الأيام القادمة، يحلمون بجمع شتات المزيد من الأسر، واطفاء حرقة قلوب آباء وأمهات يتمسكون بالأمل في رؤية أولادهم المفقودة، فيما يأمل أن يجد مزيدًا من تعاون دور الرعاية، ومنحهم ما لديهم من قاعدة بيانات الأطفال المتواجدين بها، كي تتيسر مهمتهم التي لا يبتغون منها سوى أن يكونوا سببًا في عودة الحياة لقلوب أتعبها الغياب.

فيديو قد يعجبك: