إعلان

"ربنا ما يقطعلنا عادة".. طقوس الأضحية بين جيل الآباء والأحفاد

11:15 ص السبت 02 سبتمبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- فايزة أحمد:

ما أن فرغ "زينهم عبيد" من صلاة العيد، توجه برفقة أبناء عمومته الذين يقيمون بإحدى قرى مركز شربين التابع لمحافظة الدقهلية، إلى المزرعة الخاصة بيهم، لبدء طقس الذبح الذي اعتادوا عليه منذ عشرين عامًا خلت، حيث كانوا يجتمعون حول آبائهم حين يقومون بذبح الأضحية التي تعد بمثابة العيد الحقيقي بالنسبة لهم.

عقب وصول عبيد وأبناء عمومته إلى المزرعة انهمكوا في تجهيز لوازم الأضحية كافة، وأذهانهم تسترجع الذكريات القديمة في المكان ذاته "من أيام جدتي الكبيرة وإحنا متعودين نصلي ونيجي هنا ندبح ونغني ونضحك" يقولها زينهم بعيون شاخصة تجاه منزل العائلة القديم المجاور للمزرعة "الخير كان كتير، والناس كانت غير الناس".

عادة يرافق زينهم وأشقائه أبنائهم من كبيرهم إلى صغيرهم فضلًا عن زواجاتهن، اللواتي تلعبن دورًا منذ بدء عملية الذبح وحتى أخر مرحلة فيها من التكييس والتوزيع، عملًا بما تعلمن من سيدات العائلة القدامى" حماتي كانت دايمًا بتجهز الحلل والأكياس والسكاكين علشان عملية التنضيف وكنا بنقعد حواليها نساعدها" بحسب عفاف عبدالوهاب التي تجهزت مع بزوغ الفجر للطقس الأهم في العائلة خلال هذا اليوم.

تفترش عفاف الأرض، تُقطع الورق الخاص بالتوزيع، أحفادها يلهون حولها، زواجات أبنائها لم يتوقفن عن الحديث عن توزيع الأدوار، فيما كان زينهم وابن عمه يقومان بتغليل الذبيحة استعدادًا لذبحها أمام الكبار والصغار "بنتعمد نجيب عيالنا معانا وإحنا بندبح علشان إحنا بنورثهم الطقوس دي كلها" وفقًا لزينهم.

تمر الدقائق، يتوافد أقارب زينهم إلى حيث مكان الذبيحة، السكين تٌرفع معلنة عن بدء الطقس الأهم في عائلة عبيد التي يتسارع الكل للمشاركة فيه من أجل الثواب والافتداء، فيما كان زينهم منشغلًا بدفتر الأسماء التي سيكون لهم نصيبًا من الأضحية "المفروض إحنا بنحدد عدد الأسماء بناء على مقدار اللحمة اللي هتطلع من الدبيحة"، لكن الذبيحة هذا العام لن تُكفي عدد من يستحقون ما جعله يضطر "الجزء اللي المفروض هطلعه لبيتي هطلع منه للمجموعة (أ)" تلك المجموعة التي يرمزون بها إلى "الفقراء" الذين يستحقون الأضحية أكثر من غيرهم.

في القرية ذاتها، يجلس "حامد عبد المنعم" برفقة زوجته يقومان بتقطيع لحم الأضحية عقب الانتهاء من عملية الذبح التي لم تستغرق وقتًا كبيرًا؛ لأن أضحيته تتمثل في "خروف 10 كيلو دا اللي سمحت ظروفي المادية بشرائه العيد دا"، وذلك نظرًا لارتفاع أسعار الماشية والأبل الأمر الذي اضطره إلى "وزعنا على أخواتي وأولادي واللي يستحقوا من القرية، وما وفرناش لينا حاجة".

مقدار ما يوزعه "عبد المنعم" نصف كيلو لحم يزنه عبر ميزان استعان به بجواره أثناء عملية التقطيع "الكل أخد نص كيلو.. ساعات بكون محرج بس هعمل إيه.. الجود بالموجود"، لكنه في الوقت نفسه قانعًا بأن أضحيته على قلتها استطاعت أن تفدي بيته وأحفاده.

من الدقهلية إلى محافظة دمياط، وتحديدًا مدينة "كفر البطيخ" حيث انتهى "إبراهيم مختار" وأبنائه من طقوس الأضحية التي شرعوا في تنفيذها منذ خمسة أعوام فقط، تاركين مهمة التقسيم والتوزيع لسيدة العائلة "الحاجة أنوار" الموكل إليها مُهمة تقسم الأضحية وفقًا لوزنها على جميع الأقارب والمحتاجين والفقراء، تلك المسألة التي تحتاج شخصية بعقلية اقتصادية بامتياز.

انتهت المرأة التي خط الشيب رأسها، من نصف المهمة، وبقي النصف الأصعب "بكون محتاجة أَقَسِم اللي فاضل على قرايبنا وأولادي البنات غير ولادي الرجالة وكله لازم يكون له نايب"، تستغرق هذه المهمة على صعوبتها نصف ساعة فقط "اتعودت على كدا من أيام أبويا الله يرحمه.. لحد مالموضوع مبقاش صعب".

تنهض المرأة الستينية من مقعدها عقب الانتهاء من مهمتها الأصعب، تغتسل، تتمتم ببعض الكلمات لربها، تتجه للصلاة وقلبها يُحدثها أنها "ضحينا ورضينا ربنا ورضينا الناس.. مفيش راحة أكتر من كدا".

فيديو قد يعجبك: