''الحج الأصغر'' لآلاف الصوفيين بـ''مولد الشاذلي'' في مصر يثير انتقادات
كتب : مصراوي
البحر الأحمر (مصر) - (الأناضول):
''يا ساكن حميثرة، فوقك قبة منورة، أروي العطاشا يا شاذلي، بكاسات معطرة''.. بهذه الكلمات المأثورة يستقبل أهالي وادي حميثرة جنوب مدينة مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر (جنوب شرق مصر) رواد مولد القطب الصوفي ''أبو الحسن الشاذلي'' حيث يؤدون مناسك تشمل الطواف حول الضريح فيما يعتبرونه ''الحج الأصغر''.
وأدت هذه الممارسات إلى إثارة انتقادات مرجعيات دينية، فيما اعتبرها صوفيون ''دخيلة'' على منهجهم.
وتبدأ طقوس ما يعتبرونه ''الزيارة الصحيحة للشاذلي'' بتحرك المريد قبل وقفة عرفات بيومين كي يصلي قبل بدء الاحتفال بيوم واحد حيث يستريح الزوار.
ومع شروق شمس يوم عرفة يصعد المريدون إلى جبل حميثرة، ويبقون فوقه حتى غروب الشمس، ثم ينزلون بعدها ويلزمون خدمة المقام والطواف حوله حتى لحظات الصباح الأولى من أول أيام عيد الأضحى.
وأدى مريدو الشاذلى صلاة العيد وذبح الأضاحى اليوم الثلاثاء أول أيام العيد حيث يستمرون في أداء طقوسهم حتى نهاية اليوم.
ويقول مراسل الأناضول إن المئات من السيارات اصطفت مع وقفة عرفة وحتى صباح اليوم حيث جاء الرجال والسيدات والأطفال من مختلف الأعمار ومعهم أطعمة ومياه تكفيهم خلال مدة الزيارة في هذه المنطقة ذات الطبيعة الصحراوية، فيما حملت السيارات مكبرات الصوت لإذاعة الابتهالات والأناشيد الدينية حيث يعتبر المريدون الرحلة إلى المقام رحلة دينية ''يغسل بها الصوفيون أنفسهم من دنس الدنيا وهمومها''.
واليوم هو آخر أيام المولد حيث توافدت العديد من الطرق الصوفية حاملة الأعلام الخاصة بها منها الطريقة ''الرفاعية'' وطريقة ''عبدالقادر الجيلانى'' و''أحمد البدوى'' و''إبراهيم الدسوقى'' والطريقة ''السعدية'' ولكل منهم طقوسا خاصة في الاحتفال بزيارة ضريح ''أبو الحسن الشاذلي''.
ويؤدي بعض المريدين خلال الاحتفال بعض الطقوس الغريبة كأن ينام رجال صفا على ظهورهم ثم يأتي رجلا مسنا ويمشي على بطونهم.
وقامت الأجهزة الأمنية باتخاذ كافة الإجراءات للتأمين وشهدت بوابات الدخول إلى ساحة الضريح إجراءت أمنية مشددة، فيما قامت الأجهزة التنفيذية والمحلية بتوفير كافة الخدمات اللازمة للزوار من مياه ورعاية طبية وخدمات مختلفة وشهدت منطقة الاحتفال وأماكن تواجد الزائرين إقامة مئات من الخيام وساحات الذكر والمواعظ الدينية والدروس الدينية والابتهالات، كما تم تجهيز مناطق ذبح الأضاحي لتوزيعها على المقيمين بالتجمعات البدوية القريبة من منطقة الاحتفال وإطعام الفقراء.
وقال رئيس نقابة الأئمة والدعاة بصعيد مصر (جنوب) الشيخ قرشى سلامة إن سلوكيات مريدى أبو الحسن الشاذلى كانت محل انتقادات لاذعة ليس من قبل المرجعيات الدينية الإسلامية فقط بل جوبهت برفض شديد من قبل شخصيات صوفية في مقدمتهم الشيخ محمد الشبراوي، شيخ الطريقة الشبراوية الذي لام بشدة من أسماهم بـ''الدخلاء على الصوفية''.
وشدد الشيخ سلامة للأناضول على أن ''الحج لدى الطرق الصوفية هو حج عرفة وأداء مناسكه بكل خطواته، وأن ما يدعيه هؤلاء الدخلاء بأن مولد الشاذلي هو الحج الأصغر باطل، ولا ينتمي للإسلام وخارج عن تعاليمه''.
وتابع: ''لا يجوز الطواف بالقبور، لا بقبر أبي الحسن الشاذلي، ولا بقبر البدوي، ولا بقبر الحسين، ولا بقبر بالسيدة زينب، ولا بالسيدة نفيسة ولا بقبر من هو أفضل منهم، لأن الطواف عبادة لله وإنما يكون بالكعبة خاصة، ولا يجوز الطواف بغير الكعبة أبدا، وإذا طاف بقبر أبي الحسن الشاذلي أو بمقامه يتقرب إليه بالطواف، صار شركا أكبر، وليس هو يقوم مقام حجة، ولا مقام عمرة، بل هو ضلال، ومنكر عظيم، وفيه إثم عظيم''.
ودافع محمد حسن مدرس مساعد بجامعة الأزهر عن زيارة ضريح أبو الحسن الشاذلي وقال ''إذا كانت زيارة الصالحين مشروعة فإن الوسيلة وهى السفر مشروعة''.
غير أن حسن انتقد ما يحدث خلال مولد الشيخ الشاذلي قائلا: ''هناك مخالفات كاختلاط الرجال بالنساء، وأى أمر به فساد فإنه لا يرضى الله ورسوله ولا يرضى عنه أبو الحسن الشاذلى صاحب الزيارة كما لا يرضى عنه التصوف الصحيح''.
وأضاف أنه ''من يعتقد بأن الوقوف على جبل حميثرة يعادل الوقوف على جبل عرفات فإن فهمه مردود إليه والتصوف الصحيح يرفض ذلك''.
وتشير موسوعات إلى أن أبو الحسن الشاذلي ولد أواخر القرن السادس الهجري ( 593هـ/1196م) في غمارة بالقرب من مدينة سبته بالمغرب وتلقى تعليمه الأول وحفظ القرآن في غماره بالمغرب ثم أراد أن يستزيد من العلم فرحل إلى تونس وفيها بدأ الدراسة العلمية وسلك طريق التصوف إلى أن أذن له شيخه وأستاذه عبدالسلام بن مشبشفى أن يرشد غيره فاتجه إلى شاذلة وهى قرية فى تونس ومنها وفد إلى مصر التي أحسنت استقباله وأحرز فيها درجة في المقامات والأحوال واعتبر من أهم أقطاب الصوفية في مصر.
وفى طريقه إلى الحج مع مريديه، توفى الشاذلي ودفن في وادي حميثرة بالبحر الأحمر ومن يومها أصبح ضريحه مزارا للمتصوفة في يوم عرفة من كل عام.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا