قمة الحسم بين ترامب وبوتين.. 5 ملفات قوية تحدد مستقبل الحرب "تفاصيل"
كتب : مصراوي
ترامب وبوتين
القاهرة- مصراوي
المحادثات في ألاسكا مساء اليوم الجمعة، قد تكون الشرارة التي تُحدث تغييرات بعيدة المدى بالنسبة لأوكرانيا وأوروبا والعالم. فترامب إلى دفع نظيره الروسي للموافقة على وقف إطلاق النار في أوكرانيا. لكن هناك مخاوف من أن يوافق الرئيس الأمريكي على تقديم تنازلات تصب في مصلحة روسيا وتعيد تشكيل أوكرانيا وأوروبا، وفي النهاية الجغرافيا السياسية العالمية.
لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ألاسكا يوم الجمعة لإجراء محادثات حول إنهاء الحرب في أوكرانيا، سيكون واحدا من أبرز الاجتماعات رفيعة المستوى لهذا العام، والمخاطر فيها كبيرة وفقا لما نشرته شبكة إن بي سي الأمريكية في تقرير لها الجمعة.
ووفقا للشبكة الأمريكية، من المرجح أن يسعى بوتين، بصفته رجل دولة مخضرم، إلى انتزاع أكبر قدر ممكن من التنازلات والمكاسب لروسيا مقابل وقف إطلاق النار الذي يرغب فيه ترامب.
ويرى متابعون مقربون من موسكو حسبما نقلت إن بي سي، أن روسيا لا تبحث عن إنهاء الحرب بعد، بالنظر إلى وضعها الميداني المواتي في أوكرانيا، حيث تسيطر قواتها على مساحات واسعة من الأراضي في الجنوب والشرق.

وقد قلل ترامب من التوقعات بشأن القمة، واصفاً إياها بأنها جلسة استماع تمهيدية لمحادثات لاحقة محتملة، لكنه هدد أيضًا بفرض "عواقب شديدة للغاية" إذا لم يوافق بوتين على وقف إطلاق النار، وهو تهديد سبق أن طرحه، لكنه أحجم عن تنفيذه عبر عقوبات إضافية.
أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون، الذين لم تتم دعوتهم للقمة، حذروا ترامب هذا الأسبوع، من أن بوتين يخادع بشأن رغبته في السلام، وقالت كييف إن روسيا تستعد لهجمات جديدة، بينما لم تعلق موسكو على هذا الادعاء.
ورغم ذلك، قد تمثل المحادثات نقطة تحول للأطراف المعنية بالحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف، كما قد تكون حافزًا لتغيرات جيوسياسية واسعة. لكن تظل هناك خمسة عوامل رئيسية على المحك في محادثات الجمعة بين ترامب وبوتين.

وقف إطلاق النار
الهدف الأساسي لترامب يوم الجمعة هو الضغط على بوتين لوقف إطلاق النار، لكن شكل هذا الاتفاق، والوعود التي قد تُقطع، والخطوط الحمراء التي قد يتعين تجاوزها — خاصة التنازلات الإقليمية وضمانات الأمن — ستكون مفاتيح حاسمة.
وقالت هيليما كروفت، رئيسة استراتيجية السلع العالمية وبحوث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "آر بي سي كابيتال ماركتس"، الأربعاء لشبكة إن بي سي الأمريكية: "إن إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية يظل أحد الأهداف الرئيسية لسياسة ترامب الخارجية، وقد رفعت محادثات أنكوراج الجمعة مع بوتين التوقعات بشأن اختراق دبلوماسي كبير".
وأضافت أن "بنود الصفقة المزعومة تشبه إلى حد كبير ما طُرح سابقًا؛ فمقابل وقف الهجوم العسكري، تسعى روسيا على ما يبدو للاحتفاظ بالقرم ومنطقة دونباس الشرقية بالكامل، إضافة إلى إنهاء نهائي لطموحات كييف في الانضمام إلى الناتو".
وحدة الأراضي الأوكرانية
أوكرانيا وأوروبا رفضتا بشدة التنازلات الإقليمية "القصوى" التي قد تسعى إليها روسيا مقابل وقف إطلاق النار. كما أثار ترامب ارتباكًا وقلقًا بتقلب مواقفه حول هذه القضية الحساسة خلال الأسبوع الماضي، فتحدث عن احتمال "تبادل أراضٍ" من جانب أوكرانيا، وفي الوقت نفسه تعهد باستعادة أكبر قدر ممكن من الأراضي لها.
من جانبه، قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي، إن وحدة الأراضي الأوكرانية منصوص عليها في الدستور، وأي تغييرات يجب أن تُقر عبر استفتاء يوافق عليه البرلمان، مما يجعل العملية معقدة. وهناك خيار آخر يتمثل في أن تقبل أوكرانيا بسيطرة روسية فعلية على المناطق الأربع التي تحتلها حاليًا، بدلاً من الاعتراف القانوني الرسمي، لكن مسألة كيفية الحفاظ على "سلام عادل ودائم" ومن سيشرف عليه، ستظل مثار جدل.

أمن أوروبا
لا يقتصر أثر وحدة الأراضي الأوكرانية على كييف فحسب، بل يمتد إلى أوروبا كلها. يرى القادة الإقليميون أن منح بوتين جزءًا من أراضي جاره يعني عمليًا إعادة رسم حدود أوروبا.
تحلم أوكرانيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي (وكذلك الناتو، رغم أن ذلك يُعتبر طموحًا بعيد المنال)، ويحذر كل من كييف والاتحاد الأوروبي من أن منح روسيا أراضي أوكرانية سيتيح لها إعادة تجميع قواتها واستخدام هذه الأراضي كنقطة انطلاق لغزو أكبر مستقبلاً، ما يعني أن الحرب ستبقى على حدود أوروبا.
كما عرض قادة الاتحاد الأوروبي الإشراف على حفظ السلام، لكن روسيا رفضت الفكرة، وقد لا يضع ترامب، المعروف بتوجهاته المشككة تجاه أوروبا، هذه المخاوف في مقدمة أولوياته.
اقتصاد روسيا
رغم أن بوتين يبدو داخل المحادثات من موقع قوة ميدانيًا، فإنه قد يسعى لمخرج من الحرب التي أضرت بالاقتصاد الروسي، حيث يشهد تباطؤًا في النمو ونقصًا في العمالة وتضخمًا مرتفعًا وصفه بوتين نفسه بأنه "مقلق".
ومن جانبه قال ريتشارد بورتس، رئيس كلية الاقتصاد في كلية لندن للأعمال لشبكة إن بي سي الأمريكية، إن الاقتصاد الروسي "ليس في حالة جيدة"، مشيرًا إلى عجز مالي كبير وانخفاض حاد في عائدات النفط والغاز بسبب تراجع الأسعار.

التأثير الجيوسياسي
بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف من الحرب، هناك رغبة في أن تتوقف المعارك. فقد أزهقت أرواح مئات الآلاف، وشُرد ملايين الأوكرانيين، كما أعيد تشكيل الاقتصاد العالمي وسلاسل الإمداد نتيجة الصراع.
ومع ذلك، تمكنت روسيا من الالتفاف على العقوبات الدولية، ووجدت مشترين لنفطها مثل الصين والهند، ما يثير التساؤل حول مدى استعداد بوتين للانخراط الجاد في إنهاء الحرب.
يرى ألكسندر باونوف من مركز كارنيغي لأوراسيا والذي تحدث لشبكة إن بي سي الأمريكية، أن بوتين يعتبر نفسه "قوة طويلة المدى" مقارنة بـ"القوة القصيرة" للقادة الغربيين، وأن موقفه عشية اللقاء أكثر قوة، معتبرًا أن "موافقة ترامب على لقاء فردي مع بوتين قبل أي وقف لإطلاق النار تعني أن ترامب يخاطر أكثر من بوتين".
ويضيف: "في الدبلوماسية، المعتدي لا يخسر شيئًا، وعندما يعرض تهدئة الموقف دون أن يتعرض لهزيمة عسكرية، فإنه يبدأ بالظهور بمظهر صانع السلام".

وفي وقت سابق، شاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بجهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، بعد أكثر من ثلاث سنوات من شن موسكو غزوها، بينما يستعد الزعيمان لقمة محورية بين الولايات المتحدة وروسيا مساء اليوم الجمعة في ألاسكا.
وفي أعقاب اجتماع يوم الخميس مع كبار المسؤولين الحكوميين حول القمة، قال بوتين في مقطع فيديو قصير نشره الكرملين إن إدارة ترامب تبذل "جهودا حيوية وصادقة لوقف الأعمال العدائية" و"للتوصل إلى اتفاقيات تهم جميع الأطراف المعنية".
وفي واشنطن، قال ترامب إن هناك فرصة بنسبة 25% لفشل القمة، لكنه أشار أيضا إلى إمكانية إحضار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى ألاسكا لعقد اجتماع ثلاثي لاحق إذا ما نجح الاجتماع الثنائي مع بوتين.
وفي مقابلة إذاعية مع فوكس نيوز، قال ترامب أيضا إنه قد يكون على استعداد للبقاء في ألاسكا لفترة أطول، اعتمادا على ما سيحدث مع بوتين.
وفي الوقت ذاته، عمل زيلينسكي وقادة أوروبيون آخرون لضمان أخذ مصالحهم في الاعتبار عندما يلتقي ترامب وبوتين في أنكوراج.