السفارة البريطانية في مأزق.. موظفة إسرائيلية تضع لندن في مواجهة قوانينها
كتب : مصراوي
السفارة البريطانية
وكالات
قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، إن السفارة البريطانية في تل أبيب تواجه تدقيقا متزايدا عقب تحذيرات خبراء قانونيين من احتمال وقوع مخالفات تتعلق بأنظمة العقوبات وقواعد التدقيق الأمني الحكومية، على خلفية تعيينها موظفة إسرائيلية يُعتقد أنها تقيم في مستوطنة غير قانونية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتشغل جيلا بن يعقوب فيليبس منصب نائب رئيس قسم الخدمات المؤسسية والموارد البشرية في السفارة، وتشير وثائق رسمية إلى أنها انتقلت عام 2022 إلى مستوطنة "كيرم ريم" شمالي مدينة رام الله، كما قامت بإدراج المسكن الذي اشترته هناك ضمن عناوينها المالية المسجلة رسميا.
وأظهرت مراجعة محتوى نُشر عبر منصات إلكترونية، أنها عرضت مواد مرتبطة بالحياة المجتمعية داخل المستوطنة، شملت إعلانات عن برامج شبابية ومبادرات دعم سكني للعاملين في قطاع رعاية الأطفال، وهو ما عزز الشكوك بشأن صلتها المحتملة بالنشاط الاقتصادي داخل المستوطنة.
ووفق تحقيق نشرته "الغارديان"، تعود نشأة مستوطنة "كيرم ريم" إلى شركة البناء الإسرائيلية "أمانة"، التي أدرجتها الحكومة البريطانية على قائمة العقوبات العام الماضي، بسبب اتهامات تتعلق بدعم أنشطة تُصنف على أنها تحريضية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
ورغم أن عملية شراء العقار التي أجرتها بن يعقوب فيليبس تمت قبل سريان العقوبات، فإن تقارير مالية اطلعت عليها الصحيفة البريطانية، تشير إلى أن سكان مشاريع "أمانة" ملزمون بسداد رسوم شهرية للشركة.
في سياق ذلك، نقلت الصحيفة عن درور إتكيس، مدير منظمة "كيرم نافوت" المتخصصة في رصد نشاط الاستيطان واستخدام الأراضي، قوله: "الإقامة في الموقع تعني بالضرورة وجود مدفوعات".
ولا تزال المستوطنة تُصنف على أنها غير قانونية بموجب القانون الدولي، رغم حصولها على مصادقة رسمية من حكومة الاحتلال الإسرائيلي في عام 2017.
وتقع "كيرم ريم" ضمن مناطق تُشير قرارات أممية إلى أنها مرشحة لأن تكون جزء من دولة فلسطينية مستقبلية، ما يجعلها محور نزاع قانوني وسياسي مستمر.
نقلت "الجارديان" عن الخبيرة في قانون العقوبات سارة سيجنيري، تأكيدها أن قيمة المبالغ المالية لا تُعد عاملا حاسما عند تقييم احتمال وقوع مخالفة للقانون البريطاني.
وأوضحت سيجنيري، أن التشريعات البريطانية الخاصة بالعقوبات لا تمنح استثناءات للمدفوعات الصغيرة، معتبرة أن أي تحويل مالي أو توفير موارد اقتصادية يُعد انتهاكا بصرف النظر عن حجمه.
وأشارت سيجنيري إلى أن امتلاك بن يعقوب فيليبس عقارا في "كيرم ريم" كان من المفترض أن يثير استفسارات داخل السفارة البريطانية في تل أبيب، خصوصا فيما يتعلق بإجراءات التحقق الأمني والمسؤوليات القانونية عقب فرض العقوبات على شركة "أمانة".
ووفق الأطر التنظيمية البريطانية، يُلزم المواطنون الأجانب العاملون في السفارات بالامتثال لمعايير العقوبات كشرط أساسي للحصول على التصاريح الأمنية، كما تستوجب المناصب المرتبطة بإدارة الموارد البشرية والملفات المالية والبيانات الشخصية الخضوع لعمليات تدقيق أمني معمقة، بهدف ضمان عدم وجود أي تضارب مع لوائح العقوبات المعمول بها.
وأشار التقرير، إلى أن مجتمع "كيرم ريم" يعتمد آليات قبول انتقائية، حيث تخضع طلبات الإقامة لمراجعة لجنة محلية تقيم مدى توافق المتقدمين مع القيم السائدة داخل المجتمع قبل السماح لهم بالاستقرار.
وتُظهر نتائج الانتخابات الإسرائيلية لعام 2022 أن أكثر من 85% من المقترعين داخل المستوطنة منحوا أصواتهم لحزب يميني متطرف يقوده وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي سبق أن خضع لعقوبات بريطانية على خلفية تصريحات ومواقف مرتبطة بدعم العنف والتطرف.
ونقلت "الجارديان" عن البروفيسور فيليب ساندز، عضو الفريق القانوني الفلسطيني في القضية المعروضة أمام محكمة العدل الدولية بشأن ملف "الاحتلال الإسرائيلي"، قوله إن الحكومة البريطانية كان يُفترض بها اتخاذ تدابير استباقية لضمان عدم تورط أي من موظفيها في خرق أنظمة العقوبات أو الالتزامات الدولية، محذرا من أن التقاعس عن ذلك قد يعرّضها لخطر اتهامات بالتواطؤ في مخالفات قانونية.