إعلان

هل ما زالت "صيغة نورماندي" صالحة لحل الأزمة الأوكرانية؟

06:29 م الخميس 27 يناير 2022

سآخر اجتماع لرباعية "صيغة نورماندي" في فرنسا عام 2

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

(دويتشه فيله)

تأمل ألمانيا في إحياء "صيغة نورماندي" الرباعية، التي تضم طرفي الأزمة روسيا وأوكرانيا بوساطة فرنسا وألمانيا، في محاولة لنزع فتيل حرب يرها البعض قريبة الاندلاع، هل يتحقق هذا الأمل؟

أطراف الصراع الأوكراني والوسطاء حول طاولة واحدة، عُقد الاجتماع الأول من هذا النوع في 6 حزيران/يونيو 2014 في النورماندي بشمال فرنسا. لم يكن للقاء في البداية أي علاقة بالصراع الأوكراني، لكن استُغل الاحتفال بالذكرى السبعين لإنزال الحلفاء في النورماندي في الحرب العالمية الثانية لعقد اللقاء.

قبل بضعة أشهر، كانت روسيا قد ضمت شبه جزيرة القرم الأوكرانية. لذلك كانت فرصة جيدة أن يكون رئيسا روسيا وأوكرانيا، فلاديمير بوتين وبيترو بوروشنكو، حاضرين في الاحتفالات بالإضافة إلى المضيف، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.

جلب رئيسي روسيا وأوكرانيا إلى طاولة واحدة في ظل الوضع المتوتر آنذاك اعتُبر نجاحاً بالفعل، حتى مع عدم تمخض اللقاء عن نتائج ملموسة تجاه حل النزاع، لكن لم يتوقع أحد ذلك على كل حال.

اتفاقية مينسك "حبر على ورق"

تغير ذلك في شباط/فبراير 2015 بتوقيع اتفاق مينسك في العاصمة البيلاروسية مينسك، وإن بقيت حبراً على ورق. يرى توماس كونز من مؤسسة كونراد أديناور، المقربة الحزب المسيحي الديمقراطي، أن الاتفاقية تنص على إيجاد طريقة " لنزع فتيل النزاع من خلال وقف إطلاق النار وسحب الأسلحة الثقيلة تحت إشراف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، كم تم الاتفاق على الدخول في حوار ووضع آليات لإجراء الانتخابات المحلية في أوكرانيا، تبادل الأسرى وتقديم المساعدات الإنسانية وغير ذلك".

ومع ذلك، وعلى صعيد الالتزام بالتنفيذ اتهمت موسكو وكييف بعضهما البعض مراراً وتكراراً بخرق الاتفاقية. وانتقد البعض الاتفاقية ووصفوها بأنها أحادية الجانب، على اعتبار أنها ملزمة للحكومة الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، ولكن ليس لروسيا.

هينينغ هوف من "الجمعية الألمانية للعلاقات الخارجية" يرى أن اتفاقية مينسك، مثل صيغة نورماندي، يعتريها الوهم القائل بأن "روسيا ليست طرفاً في الحرب"، ويشدد على أنه يجب أن يكون واضحاً للجميع الآن أن هذا التصور محض وهم لم يعد يصدقه أحد.

اليوم اتفاق مينسك معلق أيضاً. وعُقد اجتماعان آخران في ظل صيغة نورماندي على مستوى رؤساء الدول والحكومات، أحدهما في برلين عام 2016 والآخر في باريس أواخر عام 2019 بحضور الرئيس الأوكراني المنتخب حديثاً آنذاك فولوديمير زيلينسكي. ومع ذلك، لم يتمخض عن تلك الاجتماعات أي نتائج إيجابية.

أين واشنطن؟

حتى انتهاء ولاية ميركل بعد انتخابات الخريف الماضي، كانت المستشارة الألمانية القوة الدافعة وراء صيغة نورماندي. يقول هينينغ هوف: "بخبرتها الواسعة وقدرتها على التحدث مباشرة مع بوتين بالروسية، لعبت ميركل بالتأكيد دوراً مهماً في مفاوضات نورماندي"، لكن الخبير الألماني يحذر في الوقت نفسه من المبالغة في إعطاء ذلك الدور أكبر من حجمه، إذ يقول: "نجاح أو فشل صيغة نورماندي غير مرتبط بالأشخاص. إنها تتعلق بنتائج المحادثات الروسية الأوكرانية بمشاركة أوروبية. يمكن أن يساهم (المستشار الألماني أولاف) شولتس و(الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون (أو خليفته) أيضاً بنجاح في تهدئة الصراع - إذا أراد بوتين ذلك". كما يتساءل النقاد بشكل متزايد عن مدى نجاعة صيغة نورماندي لأنها تستثني الولايات المتحدة كشريك مفاوض مباشر. تريد الحكومة الأوكرانية نفسها أيضاً من واشنطن أن تلعب دوراً أقوى لأنها تخشى أن تحظى موسكو بالدور الكبير بغياب واشنطن. على سبيل المثال، تصر الحكومة الألمانية على خط أنابيب الغاز الطبيعي نورد ستريم 2 وترفض بيع الأسلحة إلى أوكرانيا.

ميزة صيغة نورماندي: اتصال مباشر

ومع ذلك، فإن صيغة نورماندي وغيرها من الصيغ لحل النزاع ليست متعارضة، كما يقول هينينغ هوف: "لا يمكن إحراز تقدم في مسائل التوازن الاستراتيجي أو المزيد من الشفافية في المناورات إلا في الإطار الأمريكي-الروسي أو في إطار الناتو وروسيا". ولكن مع صيغة نورماندي، نجحت الحكومة الألمانية في جعل روسيا "على اتصال مباشر مع الحكومة الأوكرانية". لكن لن يكون هذا هو الحال في حال مفاوضات بوتين وبايدن حول أوكرانيا.

كما لا يرى توماس كونز أي تناقض على هذا الصعيد، إذ يقول: "في الوقت الحالي، تُعقد أهم المحادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وهذا سبب آخر يجعل من المهم إحراز تقدم في صيغة نورماندي، رغم صعوبة ذلك".

ولكن كيف تكون مسارات المفاوضات حسب صيغة نورماندي؟ يقول هينينغ هوف: "إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جاداً بشأن مطالبه الكبيرة، والتي يجد الغرب على ضفتي الأطلسي استحالة قبولها، بما في ذلك مناطق نفوذ مضمونة في أوروبا، فلن يكون هناك تقدم". ومع ذلك، فهو يعتقد أن المساهمة في تخفيف الوضع العام ممكنة. ومع الخوف الحالي من الحرب، سيكون ذلك إنجازاً كبيراً.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: