إعلان

الملكة إليزابيث: ما سر لغز المنزل الذي شهد ولادة ملكة بريطانيا؟

11:17 ص الخميس 30 ديسمبر 2021

ملكة المستقبل ووالدتها وممرضة، يغادرن 17 شارع بروت

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

لندن- (بي بي سي):

أين كان بالضبط موقع المنزل الذي ولدت فيه الملكة؟ هل كان الزوار يبحثون في المكان الخطأ؟ وهل المزاعم بأن المنزل تضرر في غارة جوية في الحرب العالمية الثانية صحيحة؟ ولدت الملكة إليزابيث الثانية في 21 أبريل/ نيسان 1926، في المنزل رقم 17 في شارع بروتون بحي مايفير، لندن. واللافت أن مكان الولادة ليس قصرا أو عقارا كبيرا أو حتى مستشفى، ولكنه منزل في أحد شوارع لندن المزدحمة.وكان والداها انتقلا إلى المنزل، الذي كان مملوكا من قبل أجدادها الاسكتلنديين، إيرل وكونتيسة ستراثمور، قبل أسابيع قليلة من ولادتها.يقول المؤرخ الملكي روبرت لاسي: "إنه تذكير بأن العائلة المالكة لم تكن ثرية في تلك الأيام، وكان المال حينها يمثل مشكلة".لا بد من الإشارة هنا إلى أن الملكة إليزابيث الثانية لم تولد لتكون ملكة، وباعتبارها ابنة الابن الأصغر للملك، ولم يكن من المتوقع أن تتولى العرش.

هل تعرض المنزل للقصف؟

لم يعد المنزل الأول للملكة قائما، وهناك مزاعم مستمرة على الإنترنت بأنه كان ضحية لغارات جوية وقعت خلال الحرب العالمية الثانية. يقول موقع ويكيبيديا، على سبيل المثال: "تعرض المنزل لأضرار في الغارة ثم هُدم لاحقا". لكن عددا من الوثائق في المكتبة البريطانية وأرشيفات أخرى تظهر أن المنزل، الذي يعود إلى القرن الثامن عشر، قد اختفى حتى قبل اندلاع الحرب. لقد كان مطورو العقارات، الذين يبدو أنهم أكثر قسوة من الغارات الجوية، هم من أجهزوا على المنزل الذي ولدت فيه الملكة.

في عام 1937، بدأ رجل يرتدي قبعة ومعطفا رسميا (دلالات الثراء) بهدم المبنى رقم 17 في شارع بروتون، إلى جانب العديد من المباني المجاورة التي تمتد حتى ساحة بيركلي. كانت هناك خطط لبناء فندق لشركة سكك الحديد الكندية "باسيفيك"، ولكن الموقع أخلي ليحتله في النهاية بناء كبير يضم مكاتب ومجمعا تجاريا. اتسمت تلك الفترة بانعدام التعاطف تجاه التراث المعماري، ومن دون أدنى أسف، قامت "عصابات" بإزالة ما وصف في أحد التقارير في ذلك الوقت بأنه "20 منزلا من الأعلى قيمة تاريخية في لندن" وساوتها بالأرض.

وصور رسم مؤثر للفنان الحربي السير مويرهيد بون، العمال وهم يهدمون واجهات المباني القديمة الأنيقة. وقد بددت آخر الشكوك عن طريق مذكرة تحمل تاريخ مايو 1939، وموجودة ضمن أرشيف لندن متروبوليتان، تُأكد أن المنزل القديم قد هُدم وأن "موقعه يشكل جزءا من الأرض التي بني عليها بيركلي سكوير هاوس".

وتقول شركة أستيرا التي تدير موقع بيركلي هاوس سكوير حاليا، إن مبنى جديدا في الموقع احتلته وزارة الطيران في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية.

هل هو الآن مطعم صيني؟

ولكن هناك زعم آخر يتكرر باستمرار حول مسقط رأس الملكة، مفاده أن الموقع أصبح الآن مطعما صينيا. وهذه أيضا ليست القصة الكاملة. يحمل مطعم هاكاسان نفس عنوان المنزل الذي ولدت فيه الملكة، ولكن هذا ينطبق أيضا على جزء من مكتب مغلق في نفس المبنى. ويوجد أيضا واجهة زجاجية ومدخل للشركات ومنطقة استقبال مجاورة، وقد تم بناء كل هذه الكتلة التجارية الممتدة على ما كان، في عشرينيات القرن الماضي، عبارة عن صف من المنازل الخاصة.

قد لا تكون هذه القصة رومانسية أو مرضية للخيال، لكن مدخل الشركة المجهولة يبدو الأقرب لموقع مسقط رأس الملكة، وهو مدخل جانبي يؤدي إلى بعض المكاتب في بيركلي سكوير هاوس.

في أرشيف لندن متروبوليتان في كليركينويل، توجد حزم من الملفات القديمة ورسومات المهندسين المعماريين، التي تُظهر مخطط المنزل الأصلي. وتظهر هذه الملفات أن المنزل المفقود من الممكن أن يكون حول منطقة المدخل هذه، مع امتداد الواجهة نحو الأسفل باتجاه ما أصبح الآن صالة عرض تبيع سيارات بوغاتي وبنتلي الفاخرة.

وهذا ما أكده مجلس بلدية ويستمنستر، الذي يقول مخططوه إن الموقع يمكن أن يكون مقابل الخطوط الحدودية للممتلكات الأصلية على الجانب الآخر من الشارع. ومن الممكن أن يكون أحد طرفي المطعم متداخلا مع المنزل الأصلي، وتقول مديرة هاكاسان العامة شارون وايتمان، إن تلك الصلة الملكية المفترضة مع مطعمها "نقطة نقاش رائعة ومثيرة للاهتمام، وتتناسب بشكل جيد مع ضيوفنا". لكن جزءا يسيرا من منزل الملكة القديم تم استبداله الآن بمدخل الشركة المجاورة ذي الواجهات الزجاجية. وتوجد لوحتان تحملان الرقم 17 على الحائط المجاور تحددان مكان الولادة الملكية، بما في ذلك واحدة تعود لمجلس وستمنستر، وقد نقلت اللوحتان بعد تعديل المباني، وهما موجودتان في أحد طرفي الموقع الأصلي.

ولكن لا توجد لوحة زرقاء رسمية، إذ كما تقول المتحدثة باسم التراث الإنجليزي، توضع هذه اللوحة فقط لتمييز المباني الأصلية. ويقول توبي كاثبرتسون، من قسم التخطيط في مجلس بلدية وستمنستر، "كان من الممكن أن يكون عقارا من الدرجة الأولى، لكن بيوت الأثرياء لها تصنيف آخر، فهي من نوع المنازل التي تحمل أسماء، بدلا من الأرقام".

عندما ولدت الملكة في هذا المنزل عام 1926، جاء جداها، الملك والملكة، لرؤيتها، وقد سجلت الملكة ماري في مذكراتها أنها رزقت بحفيدة "صغيرة ولطيفة، ذات بشرة بديعة وشعر جميل". كما جاء حينها وزير الداخلية ويليام جوينسون-هيكس، عملا بالعرف السائد الذي كان يقتضي حضور وزير الداخلية مثل هذه الولادة الملكية، وكان هيكس يعتبر سياسيا استبداديا ويلقب بـ "موسوليني الصغير".

كان هذا المنزل قد شهد أيضا تحضيرات والدة الملكة لحفل زفافها على خطيبها الخجول، دوق يورك، كما كان يعرف آنذاك، في أبريل 1923.وكان المنزل على مسافة قريبة أيضا من عيادة معالج النطق ليونيل لوج في هارلي ستريت، والذي ساعد الملك المستقبلي في التغلب على تلعثمه منذ عام 1926.

لا توجد إشارة لمعلم سياحي

كان من الممكن لهذا المنزل أن يكون مقرا لحفلات الطبقة العليا والتجمعات العصرية. لكن تلك الفترة اتسمت بالتقلبات والانقسامات السياسية، إذ تمت الدعوة إلى الإضراب العام بعد أسابيع قليلة من ولادة الملكة، وقد حُذّر جدها جورج الخامس حينها بالعبارة الشهيرة "حاول أن تعيش وفق أجرهم، قبل أن تحكم عليهم". وانتقلت الملكة ووالداها في وقت لاحق من ذلك العام إلى منزل أكبر في منطقة بيكاديللي.

كانت هناك خطط لاحقة لتحويل المنزل في شارع بروتون إلى مكاتب، وتوضح رسومات المهندسين المعماريين، كيف يمكن تقسيم الغرف، بما في ذلك مكان ولادة الملكة، وإعادة تصميمها لتلائم موظفي المكاتب. "الغرفة في الطابق الأول التي ولدت فيها الأميرة الصغيرة، هي واحدة من الغرف الأقل زخرفة من بين جميع الغرف، ولكنها أيضا واحدة من أكثر الغرف إشراقا"، كما ورد في إحدى الصحف في ذلك الوقت. لكن المنزل هُدم لاحقا، ولا يزال موقعا قليل الأهمية بشكل مثير للفضول، خاصة إذا أخذنا بالاعتبار ما له من قيمة تاريخية. ويبدو عصيا على الفهم أن يكون منزل عائلة ملك المستقبل وملكتين اثنتين، بالكاد لديه أي أثر على الخارطة السياحية للبلد. ويقول المؤرخ روبرت لاسي: "أعتقد أن الأمر يعكس التواضع الذي تتميز به الملكة، فهي لا تحب التفاخر".

القيمة الحالية

لا يزال الموقع جزءا من أملاك عائلة مالكة، لكنه هذه الأيام ينتمي إلى ملكية العائلة المالكة في أبو ظبي، ضمن مجموعة عقارات في هذا الجزء من لندن، ويُقال إن قيمتها تبلغ 5 مليارات جنيه إسترليني. وقد كان العقار رقم 17 الأصلي في شارع بروتون يدار في أوائل الثلاثينيات من قبل هوارد فرانك، المؤسس المشارك لوكالة نايت فرانك العقارية.

يقول سايمون بورغوين، الذي يعمل الآن لدى وكالة نايت فرانك العقارية في مايفير الحديثة، إن هذه المنطقة العصرية كانت في ذلك الوقت، المكان الذي تحرص العائلات الراقية التي تقيم في عقارات ضخمة في الضواحي، على امتلاك منازل فيها، في قلب لندن. ويقول: "لكن بعد الحرب لم يعد بمقدور أحد تحمل تكاليف الاحتفاظ بهذه المباني الكبيرة والقديمة، لذلك تم تحويل الكثير منها إلى مكاتب". كما يقول بورغوين، إن الحال انتهى إلى تحويل هذه المكاتب إلى عقارات سكنية فاخر مجددا، مضيفا أنه لو كان قُدر لذلك المنزل النجاة لكانت قيمته اليوم تزيد عن 25 مليون جنيه إسترليني، وربما تصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني.

العشيق السري

سُوي المنزل بالأرض في عام 1937، وفي منعطف آخر غير متوقع، انتقلت إليزابيث الشابة ووالداها إلى قصر باكنجهام. وشهدت أزمة تنازل إدوارد الثامن عن العرش عام 1936 تولي والد الملكة إليزابيث العرش باسم جورج السادس، بعد زواج شقيقه من الأمريكية المطلقة واليس سيمبسون. تمت مراقبة سيمبسون من قبل ضباط مخابرات الفرع الخاص خلال تلك العاصفة السياسية، وقد شاعت مزاعم بأنها كانت على علاقة غرامية ببائع سيارات يدعى جاي ماركوس تروندل. وفي مفارقة غريبة، كان العنوان الذي وجدوا فيه هذا "المغامر الساحر" هو 18 شارع بورتون، الذي يشكل الآن جزءا من وكالة السيارات الفاخرة بينتلي.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: