إعلان

كيف يتسبب تقييد الوصول إلى الإنترنت في تفشي "كورونا" بكشمير؟

02:55 م الثلاثاء 14 أبريل 2020

تقييد الوصول للإنترنت يتسبب في تفشي كورونا بكشمير

كتبت- رنا أسامة:

أبرزت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية العلاقة بين سرعة الإنترنت وتفشيّ وباء "كوفيد 19" في بعض المناطق، مثل منطقة كشمير الخاضعة للهند، حيث تفرض سلطات نيودلهي قيودًا على الشبكة العنكبوتية تتفاوت حِدتها بين تقليل سرعة الإنترنت والحجب التام للخدمة، بما يُقوّض قدرة المجتمع الطبي والسكان المحليين على مكافحة الوباء سريع الانتشار.

وقالت المجلة في تقرير على موقعها الإلكتروني، إنه عندما أكّدت كشمير- التي تشترك أيضًا في حدود طويلة جدًا مع الصين- أول حالة إصابة بفيروس كورونا المُستجد في 18 مارس، شعر إقبال سليم، أستاذ الجراحة في كلية الطب الحكومية بالعاصمة سريناجار، أن الأيام المقبلة ستكون صعبة.

وأرسل سليم حينها رسالة عبر "واتساب" إلى صديق جرّاح في المملكة المتحدة، يسأل عن استجابة البلاد للوباء. ليرد عليه صديقه بمُستند يحوي بروتوكولًا مُفصّلًا اعتمدته المستشفيات البريطانية في كينت.

لكن بالنسبة لسليم، فإن تحميل ذلك المُستند كان بمثابة "مهمة شاقة"؛ إذ لم يتمكن سكان كشمير من الوصول إلى الإنترنت فائق السرعة أو الجيل الرابع من الإنترنت 4G لأكثر من ثمانية أشهر.

وبسبب ضعف الاتصال بالإنترنت، فشل سليم في فتح الملف. وبعد بضع محاولات فاشلة، عبّر الطبيب الكشميري عن إحباطه عبر تويتر. وغرّد: "هذا أمر محبط للغاية .. أحاول تحميل دليل للأطباء في إنجلترا حول علاج (كوفيد 19).. 24 ميجابايت وساعة واحدة .. ولازلت لا أستطيع القيام بذلك".

"أطول إغلاق للإنترنت"

في أغسطس 2019، ألغت الحكومة الهندية الحكم الذاتي الدستوري لكشمير وأغلقت المنطقة البالغ عدد سكانها حوالي 8 ملايين نسمة. وأعقب ذلك أطول إغلاق للإنترنت تم فرضه على الإطلاق في ظل نظام ديمقراطي، تم رفعه جزئيًا في 25 يناير عندما أعادت السلطات الوصول إلى شبكة الإنترنت (بتقنية الجيل الثاني 2G فقط).

لكن حجب الوصول إلى الإنترنت فائق السرعة لا يزال يحول سُكان كشمير دون استخدام التطبيقات المصرفية، ودفع فواتيرهم، والوصول إلى الخدمات- وحتى أجبر بعضهم على ترك منازلهم، وفق المجلة.

ورُغم حاجة سُكان كشمير المُلحة للخدمة من أجل البقاء على إطلاع بكل ما يخص جائحة الفيروس التاجي، فإن الحكومة الهندية لن تُعيد الإنترنت فائق السرعة. ففي 3 أبريل، أمرت السلطات بمواصلة الحظر "من أجل سيادة الهند وسلامتها"، بعد مراجعة الوضع في كشمير، وهي منطقة تتنازع على سيادتها مع باكستان منذ عقود.

وكما باقي الأجزاء في الهند، تخضع كشمير لإغلاق بأمر من الحكومة منذ 21 يومًا من أجل احتواء الفيروس التاجي. وقد أدى حجب الوصول إلى خدمات الإنترنت إلى تفاقم التحديات أمام العاملين في مجال الرعاية الصحية في المنطقة المعزولة، التي تواجه الوباء الفتّاك ببنية صحية مُتداعية.

وفي كشمير المحرومة من الوصول إلى الإنترنت الآن، يقول سليم إن الحكومة الهندية "تتصرف بعدم إنسانية". وتابع: "العالم بأكمله مُتحد في الحرب ضد المرض، يتبادل الخبرات والمعلومات عبر الإنترنت، ولكننا معزولون بفضل القيود المُستمرة على الخدمة".

وفي الأيام الأخيرة، قفزت أعداد الإصابات المؤكدة بالفيروس في جامو وكشمير إلى 250 حالة و4 وفيات. وهي أرقام أقل بكثير من المُسجّلة في أنحاء الهند التي سجّلت حتى الآن 325 وفاة وأكثر من 9 آلاف إصابة. بيد أن أطباء كشمير يخشون أن يكون العدد الحقيقي للإصابات أعلى بكثير من المُعلن رسميًا.

وأشار طبيب شاب في سريناجار يُدعى عادل أشرف إلى أن مواصلة تضييق الخِناق على خدمة الإنترنت يُزيد الإحباط لدى زملائه الأطباء، في الوقت الذي يعجزوا فيه عن الوصول إلى الإرشادات التي يتم تحديثها بانتظام من قبل المجلس الهندي للأبحاث الطبية أو مقاطع الفيديو التي تنشرها منظمة الصحة العالمية حول الوباء.

قال أشرف: "لا يمكننا تحميل المعلومات على هواتفنا المحمولة أو مشاركتها مع زملائنا أو إطلاق حملة توعية على وسائل التواصل الاجتماعي [بسبب] سوء خدمة الإنترنت.. إنه أمر محبط للغاية".

"التطبيب عن بُعد"

في الشهر الماضي، أطلقت رابطة الأطباء في كشمير مبادرة للتطبيب عن بُعد للمرضى في وادي كشمير فيما أُغلِقت أقسام العيادات الخارجية بالمستشفيات الرئيسية. ونشرت عدة مستشفيات قوائم بأرقام الأطباء المُتاحين على أساس يومي، لكن التطبيب عن بُعد لا يُجي نفعًا بدون الإنترنت.

قال سُهيل نايك، رئيس رابطة أطباء كشمير إن "الطب عن بُعد لا يتعلق فقط بالتحدث إلى المرضى عبر الهاتف. يحتاج الطبيب إلى تحليل تقارير ومسوحات المرضى عبر الإنترنت واستشارتهم عبر تقنية الفيديو كونفرنس".

وتابع: "لكن في كشمير لا يمكنك (كطبيب) القيام بذلك حتى في مثل هذه الأوقات العصيبة، لأنه يحظر عليك الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة".

وفي الوقت نفسه، يخشى أطباء في كشمير من التداعيات السلبية لذلك الوضع على المصابين بأمراض عقلية. ففي عام 2015، أظهرت دراسة أجرتها منظمة أطباء بلا حدود أن ما يقرب من 1.8 مليون بالغ - 45 في المائة من سكان كشمير- عانوا أمراضًا عقلية بعد 30 عامًا من الصراع.

وقدّر بحث آخر نشره عام 2016 معهد الصحة النفسية في سريناجار ومنظمة "أكش إيد "ActionAid الدولية غير الربحية أن 11.3 في المائة من إجمالي سكان كشمير يعانون اضطرابات في الصحة العقلية - أعلى بـ 4.3 نقطة مئوية من المتوسط​​الوطني.

واعتبر طبيب نفسي، طلب عدم الكشف عن هويته، أن تقييد الوصول إلى الإنترنت في ظل الحظر المفروض لاحتواء الوباء قد يكون "كارثيًا" لبعض المرضى، الذين لن يتمكنوا من حضور جلسات عبر الفيديو كونفرنس.

وقال الطبيب النفسي لفورين بوليسي: "الكثير منهم (المرضى) سوف ينزلقون إلى هوّة الاكتئاب، وهنا تكمن أهمية جلسات الاستشارة النفسية".

فيديو قد يعجبك: